من وحي الأخبار

نوام المساجد!

أديت صلاة (الجمعة) الأولى في رمضان بالمسجد الكبير وسط الخرطوم، حضرت قبل وقت كافٍ، رغبت في تخير الصف الأول وقلت إن حضوري الباكر سيشفع لي، حينما دخلت إلى المسجد العتيق والذي يشهد أعمال تأهيل وصيانة حسنَّت كثيراً من صورته وبيئته من الداخل والخارج، حينما وصلت إلى الداخل ذهلت من هول ما رأيت، كانت أعداد كبيرة من المواطنين يتخذون من المكانة (منامة) بعضهم تجرأ وأحضر معه (وسادة)، كنت أعبر فوق النائمين بحذر شديد إذ خشيت أن أطأ احدهم فيطيح برأسي داخل بيت من بيوت الله وفي أول (جمعة) من الشهر الفضيل، والحمد لله وبعد جهد جهيد وتجوال في الصحن العريض وجدت أخيراً مكاناً أجلس عليه في انتظار قدوم الخطيب، وجلست أتفقد من حولي فوجدت بعضهم فعلاً ينكفئ على تلاوته وتسبيحه بينما البعض ينام ملء جفونه.
ولست أتشدد وأقول إن من يفعلون عادة النوم بالمسجد مجرمون، حاشا لله، ولكني وددت لو أنهم قصروا الأمر على لحيظات قليلة تعينهم وتقيهم من شرور الحر ولكن ما رأيت بدأ لي وكأنه كسل في غير موقعه، فاليوم هو يوم (جمعة) وينبغي لمن أراد النوم في المسجد أن يراعي أموراً منها: ألا يعتاد النوم فيه، وأن يجعل ذلك مقصوراً على قدر الحاجة خروجاً من الخلاف في المسألة، ومنها: ألا يكون في نومه أذية للمصلين بأي نوعٍ من أنواع الإيذاء، إذ المسجد جُعل للصلاة أصلاً، وحقُ المصلين في العبادة مقدم، ومنها: ألا ينام على هيئة قد تنكشف فيها عورته أو على هيئة مستهجنةً عرفاً، بل يجعل نومه في مؤخرة المسجد، ولكن الانتشار بتلك الصورة المؤذية منظر غير كريم، وأعتقد أن على تلك المساجد التي تشهد هذه الظاهرة خاصة في أيام الجمع الانتباه الذي ذلك ولا أدعوا بالطبع لطرد الناس، ولكن لإرشادهم برفق أو إلزامهم بالتنحي عن وسط المسجد.
الغريب في مثل هذا الأمر وأنه وبمثال الأمس وحينما حضر خطيب المسجد وصعد المنبر للخطبة تحرك أولئك النائمون وتمطوا ثم اعتدلوا وقاموا من نومهم – بعضهم تم إيقاظه – وجلسوا يتابعون الخطبة وكأنهم لم يكونوا نياماً نوماً ثقيلاً يستوجب على بعضهم على الأقل إعادة الوضوء لأن النوم الثقيل الذي لا يدري معه صاحبه ما حوله قطعاً ينقض الوضوء السابق، وقد وددت والله لو أن خطيب المسجد الكبير ترك قليلاً الصهيونية والامبريالية و(أغاني وأغاني) وقدم للمصلين معه روشتة إرشادات سلوكية للتعامل مع المساجد في رمضان، وهي مسؤولية يجب أن تكون عامة لحملة تحسين كثير من العادات التي تجعل من مثل هذه الأمكنة الطاهرة مساحات للتسكع والتلكؤ النوم.
أين لجان المساجد من مثل هذه الظواهر، ولماذا لا يوجد مرشدون طوافون بين المصلين لاستدراك بعض الأمور.. برفق.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية