رأي

المشهد السياسى

“خالدة زاهر”.. الأولى أينما نظرنا!!

 

موسى يعقوب


رحلت إلى مثواها وملجئها الأخير في الأسابيع الماضية الدكتورة “خالدة زاهر سرور السادات” بعد عمر ناهز التسعة وثمانين عاماً كانت عامرة بالنشاط والحيوية– رحمها الله– فهي من أبكار حي الموردة الذي تمتع شبابه يومها بدراسة القرآن الكريم في الخلوة، بنين وبنات في ذلك الوقت. وبعد ذلك يممت شطر المدارس القبطية للدراسة في مستوياتها المختلفة، وصولاً إلى كلية “كتشنر الطبية” لتحصل على البكالوريوس في الطب الذي دعمته بعد ذلك بتخصصات طبية أخرى في بريطانيا ودول أخرى، لتصبح أول طبيبة سودانية في تاريخ المهنة.. والتحقت بالعمل في طب الأطفال في مستشفى أم درمان مع شيخ الأطباء والرياضيين دكتور “عبد الحليم محمد”.. وكان ذلك كله بعد تخرجها في عام 1952.. وكانت من مواليد 1926م.
 الدكتورة الراحلة “خالدة زاهر سرور السادات”، لم تكن السيدة الأولى في مجال الطب وحده، وإنما في مجال السياسة والمجتمع.. كما أورد ذلك في سيرتها وهم يكتبون عنها كثيرون ممن ذكروها عند غيابها يومئذٍ وعلى نحو متواتر غطى أعمدة وصفحات كثيرة في الصحف اليومية والأثيرية.
فمن ناحية السياسة فهي السيدة والطبيبة الشيوعية الأولى، كانت لها مجاهداتها ضد المستعمر ومشاركاتها في التظاهرات والاحتجاجات مما أدى بها إلى الاعتقالات والاحتجازات والمطاردات البوليسية.
ورغم عدم رضا البعض عن ذلك– أي قيامها بذلك العمل وما ترتب عليه وهي المرأة الشابة- فإن والدها “زاهر سرور السادات” لم يكن يمانع في ذلك، بل ربما كان يسعد به ويشجعها منذ دخولها المدارس القبطية في رفقة زميلتها “روزا ساركسيان” الأرمنية، زوج المرحوم رجل الأعمال “سعد أبو العلا” فيما بعد.. وقد كانت هي الأخرى مشهورة ومعروفة.
اليسار أو الشيوعية حقيقة، وقد كان له يومئذٍ رواجه وسط الشباب في محيط الدراسة، والدكتورة “خالدة” كانت قد (تشيعت) إن جاز التعبير، بل صارت شيوعية لها بريقها مبكراً.. ثم وهي تمشي على طريق الشيوعية الذي بدأته كانت قد واصلت المشوار بالزواج من السيد “عثمان محجوب” شقيق “عبد الخالق محجوب” الذي كان له موقعه الكبير البارز في الحركة الماركسية والشيوعية السودانية.. وكان لها منه– أي زوجها “عثمان محجوب”– اثنان من الأبناء وواحدة من البنات.
وفي السياسة والمجتمع أيضاً فقد أسست المرحومة مع السيدتين الإسلامية “فاطمة طالب” و”نفيسة أحمد الأمين” (الاتحاد النسائي السوداني) الذي كان من أبرز رموزه من طائفة اليسار يومئذٍ السيدتان “فاطمة أحمد إبراهيم” و”حاجة كاشف” وربما غيرهما.
إن جهد وعطاء الدكتورة “خالدة زاهر سرور السادات” لم يقتصر على الطب وطب الأطفال وتأسيس (الاتحاد النسائي السوداني)، وإنما أدوار أخرى لم نستطع الوقوف عليها كلها وهي التي مارست نشاطها داخل البلاد وخارجها.. فقد كانت الأولى أينما نظرنا!!
ألا رحمها الله وأحسن إليها وعزى البلاد والأهل والمهنة الطبية والمجتمع في فقدها.. وأدخلها الجنة – آمين.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية