تقارير

انتفاضة "الدمنقاوي" تضع اتفاقية الدوحة للسلام في مهب الريح

بسبب تقليص مشاركة التحرير والعدالة في السلطة
الخرطوم – سيف جامع
خطوة غير متوقعة جاءت مباغتة لحزب المؤتمر الوطني بفض حزب التحرير والعدالة القومي برئاسة د. التجاني السيسي” أحد أهم أقطاب اتفاقية الدوحة للسلام، مشاركته السياسية للوطني وتعليق مشاركته في الحكومة بسحب جميع وزرائه. وتأتي هذه الخطوة احتجاجاً على تقليص نسبة مشاركة حزب “السيسي” في السلطة، وبذلك يكون قد خسر المؤتمر الوطني أكبر حليف له من كيانات دارفور في الحكم وفي تحقيق السلام.
موقف التحرير والعدالة لم يكن متوقعاً في ظل انسجامه مع المؤتمر الوطني كما أنه لم تبرز إلى السطح في الفترة الماضية أي خلافات بين الجانبين قبل أن يعقد المكتب السياسي للتحرير والعدالة اجتماعاً طارئاً، تناول فيه بالبحث والتقييم سير الشراكة السياسية مع المؤتمر الوطني.
وتحظى وثيقة الدوحة لسلام دارفور التي وقعت عليها الحكومة والتحرير والعدالة بالدوحة في 2011 بدعم وتأييد إقليمي ودولي، ممثلاً في جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة، وفي ظل تأزم الخلاف بين أهم أقطاب الاتفاقية يجعلها في مرمى الحافة. ويبدو أن الأوضاع لن تهدأ داخل الحركات المسلحة الموقعة للسلام فقد انتقلت المستجدات هذه المرة من انشقاقات وانقسامات إلى مواجهة مصيرية مع الحزب الحاكم الموقع على اتفاقية السلام معها.
وقضى القرار الذي اتخذ بإجماع الآراء خلال الاجتماع الطارئ الذي عقده المكتب السياسي للحزب (الأربعاء)، برئاسة “التجاني سيسي”، تعليق المشاركة في السلطة الحاكمة على كافة المستويات، وكذلك تجميد الشراكة السياسية مع الحزب الحاكم.
وواجهت الحركة انشقاقاً كبيراً في جسمها أدى إلى تأسيس الأمين العام “إدريس أبو قردة” إلى تأسيس حزب بقيادته فيما تمسك “السيسي” برئاسة التحرير والعدالة القومي.
ويقول الناطق الرسمي باسم حزب التحرير والعدالة “أحمد فضل عبد الله”، إن الحزب عقد اجتماعاً طارئاً وصوت أعضاؤه بالإجماع على الانسحاب من المشاركة في الحكومة، وفض الشراكة السياسية مع المؤتمر الوطني. وأكد أنهم منذ التوقيع على اتفاقية الدوحة عملوا على تأسيس شراكة قائمة على الاحترام والتفاهم وكنا نريدها شراكة هادفة ومنسجمة أكثر لتسهيل اتفاقية الدوحة. ودورنا كان بارزاً في إنجاح الشراكة وتوقيع الاتفاقية. وكشف بأن الأسباب تتمثل في أنه قبل شهر من التشكيل الوزاري اتصل بنا حزب المؤتمر الوطني لأخذ آرائنا في الحكومة ومن جانبنا كونا آلية التقت بأعضاء المؤتمر الوطني داخل القصر الجمهوري وأطلعونا بأن حزب التحرير والعدالة مشارك في السلطة، وردينا عليهم بمقترحات حول نسبة مشاركتنا حيث قلنا لهم إنها أقل بكثير من مجهودات ووزن الحزب. وأشار “خالد فضل” أنهم حسموا موضوع المشاركة ونسبها مع مساعد الرئيس حينها البروفيسور “إبراهيم غندور” تمهيداً لإعلانهم في الحكومة، لكنه تم إسقاط بعض الأسماء التي رفعناها لتشغل بعض المواقع التنفيذية في الحكومة. وعندما سألنا قالوا إن هنالك ثمة خطأ حدث وأدى إلى سقوط أسماء، وقد أبلغنا احتجاجنا للرئيس “البشير” من خلال رد مكتوب.
ورأى “خالد فضل” أن الموقف الذي اختاره حزبه هو إستراتيجي مبني على قناعة بعد دراسة للتطورات والأوضاع السياسية الحالية في الساحة.
وأضاف:(قررنا  تعليق الشراكة السياسية والحزبية مع المؤتمر الوطني على المستويين الاتحادي والولائي)،  مشيراً  إلى استمرار السلطة الإقليمية  في تنفيذ بنود اتفاقية الدوحة المتعلقة بدارفور، المتمثلة في التنمية والاستقرار والأمن. وشدّد على أن قرار التعليق يرتبط بالوضع السياسي والحزبي وليس ببنود الاتفاق.
خروج حزب التحرير والعدالة ربما لن تكون نهائية حيث لوح الحزب بإمكانية الرجوع إلى المشاركة إذا تمت معالجة الأمور مواضيع الخلاف، مؤكداً أن مشاركة الحزب في السلطة الإقليمية لدارفور لن تنتهي لأنها في إطار تنفيذ اتفاقية الدوحة للسلام
ويؤكد الناطق الرسمي باسم الحزب بأن أي مشاركة قادمة لن تتم إلا من خلال تفاهمات جديدة، منوهاً أن المشاركة السياسية مع المؤتمر الوطني تخص حزب التحرير والعدالة، لكن إذا لم تكن محترمة وتحفظ الحقوق وتطلعات الجماهير ستكون مضيعة للوقت.
وعلمت (المجهر) أن رئاسة الجمهورية استدعت نهار أمس (الخميس) د. “التجاني السيسي” رئيس الحزب عقب المؤتمر الصحفي الذي عقده التحرير والعدالة بمقره بالخرطوم، لكن لم تصدر أي توضيحات من الحزب حول ما تم التوصل إليه. في حديثه بالمؤتمر الصحفي أمس أكد الناطق الرسمي للحزب “خالد فضل” أن قرار تعليق المشاركة في الحكومة ليس نهائياً وإنما لحين إشعار آخر، مبيناً أنه موقف إستراتيجي، منوهاً أن السلطة الإقليمية ماضية ومستمرة إلى موعد قيام استفتاء حول دارفور لتحديدها وضعها الإداري إقليم أم ولايات.
ويرى مراقبون أن ضعف حزب “السيسي” عقب انشقاق “بحر إدريس أبو قردة” وتكوينه لحزب آخر أثر في موقف الحزب ووزنه خاصة في المشاركة في الحكومة، كما أن جناح “السيسي” أصبح من غير قوات عسكرية بعد أن آلت معظم القوات إلى “أبو قردة”، لكن الحزب أكد أن الخلاف سببه غير ذلك وأن القوات في معسكرات التدريب تمهيداً لإدماجهم في إطار الترتيبات الأمنية.
ويبدو واضحاً أن الخلاف سببه الأساسي حول حصة الحزب من السلطة. وبحسب “خالد فضل” أن المؤتمر الوطني اتفق معهم على تعيين وزير اتحادي ووزيري دولة ورئيس لجنة برلمانية وستة وزراء في حكومات الولايات ونائبين للمجالس التشريعية الولائية ورئيسي لجان بالمجالس التشريعية الولائية ومعتمد واحد. وقال إن الموافقة تمت تماماً لكن في المقترح الأخير تراجع الوطني بحجة أن النسبة كبيرة جداً حيث قلص وزراء الولايات إلى أربعة وألغى الوزير الاتحادي ورئيس اللجنة البرلمانية وأسقط واحداً من النواب الاثنين بالمجالس التشريعية الولائية.
حالة إحباط وترقب أمس بدت وسط منسوبي حزب التحرير والعدالة القومي، حيث احتشدت قيادات الحزب في المؤتمر الصحفي الذي تغيب عنه “التجاني سيسي”، واعتبرت قيادات الحزب نكوص الوطني عن اتفاقه بأنه عدم وفاء على اتفاق توصلوا إليه مسبقاً في إطار المشاركة السياسية. وقالوا إنهم كانوا لا يريدون شغل منصب أو منصبين بقدر تمسكهم في استمرار المشاركة.
واعتبر الأمين السياسي للحزب “عيسى مصطفى” أن المؤتمر الوطني يعمل بسياسة فرض الأمر الواقع  فيما يتعلق بالمشاركة في الحكومة. وأضاف (حينما تسأل عن سبب ذلك يقولون إن المواقع التنفيذية انتهت بيد أن الناطق الرسمي باسم الحزب “خالد فضل عبد الله”، اتهم مجموعات داخل حزب المؤتمر الوطني لم يسمها بأنها لديها أجندة ولا تريد للشراكة بين الحزبين أن تستمر.
وحول ما تردد مؤخراً بأن الحزب تقدم بطلب بأن يشغل رئيسه دكتور “التجاني السيسي. منصب نائب رئيس الجمهورية نفى “خالد فضل” ذلك. وقال لم نتقدم بطلب في هذا الخصوص وهذه مجرد تكهنات.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية