من وحي الأخبار

الله كريم

تجولت مساء أمس(الخميس) بين الخرطوم وأم درمان والناس قد أظلهم شهر رمضان الفضيل، تدافع آلاف السودانيين إلى الرحاب المعطرة بالذكر والمدائح النبوية وجلسات السيرة العطرة، وشهدت الأسواق نشاطات واسعة وإقبالاً على سوء الحال وضيق اليد ولكن (الله كريم) وقد اكتظت الأسواق  وشهدت انضباطاً وتنظيماً رفيعاً. وأقول هذه أنداء الشهر المبارك رسمت  حالة وجدانية غسلت قلوب السودانيين بالنقاء، إذ تحمل المواطنون الاختناقات المرورية خاصة في مداخل الأسواق وبعض الشوارع  بروح عالية، وبرزت شرطة المرور ممسكة بروح التفاني التي اشتهرت بها في مثل هذه المواقيت وإني والله لأرجو أن تجد هذه الفرقة من الشرطة ثناءً خاصاً من المواطنين والحكومة وولاة أمرها، لاسيما أن فصيل يتعرض في بعض الأحيان لانتهاكات بحقه تغمطه أحياناً عظيم بذل حقيق بأن يراعى ويثبت.
الإذاعات المحلية والفضائيات اجتهدت في الإعداد البرامجي  وإن كانت الثانية – محطات التلفاز – تركن لسهرات الغناء  والبرامج المسجلة بقدر لافت ولن تأبه كثيراً بتغيير خارطة يومها وبرمجتها، فكل ما سنحت الفرصة عادت إلى عكها المعتاد في الغناء والطرب والذي أظنه بات جرعة زائدة تستوجب لفت نظر مناسب. ولسنا ضد الغناء لكن دلقه بهذه الكثافة مزعج ومثير للضجر، أحد الفضائيات الوطنية صبحها غناء وظهيرتها كذلك، وسهرتها من ذات الشاكلة، وقد وقعت عليها صدفة في وقت تجاوزت فيه الساعة الثالثة صباحاً فوجدتها تغني!! وبأمانة فإن حالة تحويل هذا الشهر إلى شيء أقرب للسيرك الغنائي مسألة يجب أن تحسم، إذ لا تليق وخاصة مع إدمان التقليد الشائع بين المعدين الذين إن رأى أحدهم زميله، قد أتى بمغنٍ فلن يكتمل الحول إلا وذات الفكرة بعنوان آخر قد تحولت لتقليد وبرامج متناسلة، لا فرق بينها إلا ربما في مواقيت البث وأزياء المغنين.
إن الشهر المعظم فرصة كبيرة لتطويق النزاعات وتقريب المسافات بين الفرقاء خاصة في مجال العمل الإسلامي  الذي قد يظن أحياناً  أن لا تجاور بينهما في الساحات، واعتقد أنه من المناسب أن تلتقي تلك القوى التي لا أشك في حرصها على الرسول الكريم على ثوابت التسامح والدعوة بالحسنى، لأن التواصل الايجابي هذا وبغض النظر عن الخلافات ووجهات النظر المتضادة حول بعض المسائل من شأن هذا التواصل، أن يسبغ على الوطن  ظلالاً من الرحمة المفضية لاستقرار وسلام معين آخر الأمر على دعم أمر الدعوة  والإسلام يتصل بسماحته ليسع الجميع والذين إن لم نسعهم بالود ونبيل العرض والتناول وكريم الظن والمعتقد فلن نسعهم بالتخويف والقسر ولهذا فلتكن هذه الأيام المباركات  انطلاقة جديدة لتعزيز وحدة الصف الإسلامي وتدعيم مظان الالتقاء.
شكراً نبيلاً لهذا الشعب الذي يقترع في مثل هذه المواقيت  لصالح هويته الجامعة، دون دعوة من أحد أو تحريض من جهة فوضع طوعاً وحباً ثم كرامة صوته لصالح المشروع الإسلامي العريض، وهو فضل من الله ومنة على هذا الوطن والذي سيبقى علامة في هامة هذه الأمة وأنموذجاً للتفرد، وتصوموا وتفطروا على خير واللهم نسألك الفلاح والصلاح.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية