من وحي الأخبار

جوهانسبرج..!!

شهد يوم أمس ومنذ منتصف الظهيرة أقبح وأعظم تجليات تمدد الأخبار الملونة والمضروبة التي هي خليط من وقائع ما مدعمة بتفرعات وإضافات، وكان الأمر يتعلق بمشاركة السيد المشير “عمر حسن أحمد البشير” رئيس الجمهورية في قمة جوهانسبرج العادية الخامسة والعشرين للاتحاد الأفريقي وهو يدخلها– أي البشير- كرمز أفريقي وبطل كبير علم، فمن غيره تحدى افتئات المحكمة الجنائية الدولية، ومن غيره عبر فوق كيدها وصمد حتى آزره أخوته الأفارقة بقرارات ملزمة وصريحة طوت ذاك الملف الذي لم تعد له قيمة إلا من خلال الفرقعات الإعلامية بين حين وآخر؟؟ ولهذا كان غريباً أن ينجرف البعض وراء ترهات وأكاذيب التوقيف، فالأمر ليس بهذه السهولة التي يصورها البعض، لأن تنظيم بلد ما لقمة ومحفل دولي يعني وفق القانون الدولي وما تعارفت عليه الدول أن كل الضيوف في رعاية البلد المضيف، والسودان و”البشير” لم يذهبا متطفلين وإنما بعضوية مؤثرة وحق أصيل في المشاركة وبدعوة وتنسيق أعرض وأعمق من توهم البعض ممن يظنون أن مثل هذه الأمور تدار بدون ترتيبات مسبقة على المستويات الأمنية والسياسية.
ما حدث والتشويش الذي تم وسيتم باستمرار، كان سببه الرئيسي اختلال في تفهم الإعلام لدوره، لا أعني هنا وزارة الإعلام أو الناطق باسم الرئاسة وغيرهما من المسؤولين، وإن كان لهؤلاء واجب الدفع للأمام، لكن أعني ببساطة مستوى إدارة الحدث من قبل المتاح والمبذول من المؤسسات الوطنية ومدى قدرتها على مسابقة وسائط التواصل الاجتماعي التي تحولت إلى مواعين إعلامية ناقلة للخبر، صحيحه وضعيفه.. وببساطة ودون الخوض في عرض واستعراض قصة فرية أن جنوب أفريقيا أعدت كيداً لـ”البشير” ووفده، فإن الأمر كان يمكن أن ينتهي في مهده لو الإذاعة أو التلفزيون أو الوفد الإعلامي المرافق– إن وجد– قد بادر فور تنامي الشائعة بتحركات سريعة نقلت من جوهانسبرج الموقف كما هو، بمعنى أن تنشر الصور لأنشطة الوفد وتتالى التصريحات الإيضاحية حول الأمر وكل القصة.
ما حدث كنت أتوقعه، فجنوب أفريقيا بلد به حراك واسع لمنظمات المجتمع المدني الناشطة بحق وباطل في أمر الجنائية، حراك واسع وعالمي عريض الامتدادات والمدعية العامة لما يسمى الجنائية وبعد أن خسرت قضيتها في قمة أديس أبابا الفائتة لم تكن لتصمت في هذه لأنها ستحظى بنقاط إعلامية بتلك الضجة، والعمل على لفت جهات خارج القارة لتؤكد أنها مقيدة ومكبلة، وقطعاً فإن هذه الاحتمالات كانت أمام ناظري القيادة السودانية التي أشرفت على أمر ترتيب مشاركة الرئيس وهي ليست مسؤولة عن تعليم إعلامي مرافق أو مكلف بالتغطية كيفية إدارة معركة مفاجئة مثل هذه، إذ كان يمكن ببساطة يسيرة وبمكالمة أو تسجيل مصور إعداد تقرير مرتب يوفر للداخل رؤية كاملة عما يجري ووفر للإعلام الآخر فضلاً عن توظيف الفرية برمتها ونقلها من خانة السالب لتكون قاعدة لانطلاق رؤى السودان وتسويق مواقفه بالإفادة من حالة الاحتشاد المصاحبة لكل تحركات وفده ورئيسه الشجاع.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية