مظلة "البشير"..!!
يتأهب المشير “عمر حسن أحمد البشير” وفي الشهر الذي تسلّم فيه السلطة صبيحة (الجمعة) الثلاثين من يونيو من العام 1989، يتأهب للوثبة الخامسة من مدى حكمه وبإصداره مساء أمس (السبت) أو (الأحد) وبعد أن تأهل بموجب انتخابات رئاسية كسبها براية المؤتمر الوطني، يكون التطور الدستوري والتكييف القانوني لولايته الجديدة قد اكتمل، لينطلق بعدها إلى قفزته الأهم ليفتح مظلته في فضاء تجربة من الإنصاف القول إنها غيرت البلاد ونقلتها مراحل للأمام في عملية لم تكن قط سهلة.
صحيح أن “البشير” مسنود بمشروع سياسي قوامه تحالف منسجم بين الإسلاميين والمؤتمريين، وهو سند دعم تجربته ووفر لها ميزة العضوية ذات الخبرة ورفدها بكثير من الطاقة والقوة.. لكن الأصح من هذا، للمشير بصمة شخصية على هذا النسيج شكلت إضافة نوعية وقوة تجعل من الرجل في حد ذاته الرقم الأهم في معادلات السلطة والحكم. وليس سراً أن بعض شعبية التنظيم الحاكم إنما تستمد من الكتلة الجماهيرية الهائلة للرئيس نفسه الذي يحظى بمقبولية تبدأ من أعضاء حزبه وتمتد إلى ما وراء حصون وصياصي حاملي السلاح أنفسهم.
تجربة وخبرات أكثر من عقدين من الحكم في ظروف بالغة التعقيد ووسط مشاكسات معارضة محلية من عتاة السياسيين الذين كان بعضهم رئيساً لحزبه و”البشير” طالب بالخرطوم القديمة، ومع تدخل دولي هادف للقضاء على الإنقاذ استخدم كل الوسائل من العدوان المباشر إلى الحصار إلى الملاحقة والتضييق، فإن عبور الرجل لكل هذه المتاريس وصموده أمامها وانتصاره عليها شهادة شخصية له بالمتانة والميزات المطلوبة في زعيم كبير، “لأنك إن لم تكن كذلك لما كان كل هذا”.
واضح ومؤكد أن “البشير” اكتسب حصانة كبيرة ودربة وافية سيدير بها مطلوبات ولايته الجديدة التي يدخلها في أجواء إقليمية ودولية مواتية وفي ثقة داخلية تبدت في اقتناع الناس بأنه الأفضل، وكلها عوامل ستملأ أشرعة سفينة مسيرته الجديدة التي تحتاج منه شخصياً لتدقيق في معايرة برنامج المرحلة، وأن يكون قريباً من هموم مواطنيه وقد ظل كذلك وأن يحفظ روحه الديمقراطية التي جعلته الرئيس الأكثر عرضة للانتقاد والتهجم المعنوي، ورغم ذلك لم تسمح الخرطوم بحجب مدون أو ملاحقة ناقد.
من قبل نسب لأحد قيادات الإنقاذ العسكريين قوله إن “البشير” واقع من السماء سبع مرات في إشارة لقفزات سلاح المظلات، ويبدو أن القفزة تمضي الآن لتكون الثامنة وبنجاح كما يأمل الناس الذين يظنون به الخير ويثقون.