المشهد السياسى
الجديد في الدورة الرئاسية الجديدة
موسى يعقوب
في حضور خارجي كبير واهتمام شعبي أكبر، أدى الرئيس السوداني المنتخب المشير “البشير” القسم أمام المجلس التشريعي القومي، ومن ثم ألقى خطابه الذي خاطب جملة هموم وتطلعات قومية، وكان في أولها أنه (رئيس للجميع) وفي ذلك تجسيد وإعمال للدستور والمواطنة الحقة، وخروج على الحزبية وإن كان حزبه هو الحزب الغالب كما يشار ويقال في مثل هذه الأحوال:
وجرياً على ذلك واتساقاً أضاف وأكد على:
– العدالة الاجتماعية وبسط حكم القانون.
– وإعلاء الشفافية والنزاهة في اتخاذ القرار.
– فضلاً عن هيئة عليا لمكافحة الفساد تتبع لرئاسة الجمهورية.
وطمأن أهل الرأي من صحافة وأحزاب وغيرهم على (ألا حجر على رأي التزم بالقانون).. فحرية الرأي والحراك الفكري والسياسي مكفولة، إلا أن الحرية لها حدود يرسمها القانون والدستور، فالحقبة الرئاسية التي بدأت لن تعرف ما ضاق به البعض ذرعاً من قبل.
ورغم أن عدم الحجر على الرأي له مكانه ومقامه، إلا أن بسط حكم القانون والشفافية ومكافحة الفساد هي الأخرى على رأس ما يهتم به ويُعني المواطن السوداني معارضاً كان أو غيره، ومن ثم فإن الرئيس “البشير” خاطب ذلك وأفتى فيه بحرية وشفافية وصدقية.
الخطاب لمن استمع إليه وشاهد انفعال المستمع والمشاهد به لم يكن قاصراً على تلك الهموم وحدها، وإنما شمل أموراً أخرى ذات بعد ووقع أكبر، فالرئيس قال بتعزيز تطبيق الشريعة الإسلامية وهو ما يمثل هماً واهتماماً للكثرة الغالبة في المجتمع، وكثيراً ما دار الجدل حول إعمال الشريعة على النحو المطلوب.
وقال بوحدة البلاد (أرضاً وشعباً)، وذلك هم واهتمام له موجباته في زمن كثرت فيه الاثنيات والجهويات وشواهد عدم الاستقرار بل النزاعات وأشكال التمرد المسلحة في “دارفور” و”جنوب كردفان” و”النيل الأزرق”.
هنا طرح السيد الرئيس ما يعني بالوحدة ويعين عليها.. ومن ذلك:
القوات المسلحة وذراعها الجديد من قوات الدعم السريع والشرطة وهما ما أكد استمرار الدولة في دعمهما، ولهما كما ما هو معروف دورهما الكبير في ما حدث من استقرار.
وطرح أيضاً وعداً بالعفو الكامل عن حملة السلاح الراغبين بصدق في العودة والمشاركة في مائدة الحوار الوطني الذي قال إن ترتيباته قد اكتملت وستنطلق فعالياته قريباً.
غير ذلك من هموم المواطن ويصب في سياق الاستقرار في وقت ساءت فيه العلاقات الخارجية، عرج السيد الرئيس “البشير” في خطابه على ما يلي وأبرزه:
أولاً: الانفتاح في العلاقات الخارجية على الجميع عربياً وأفريقياً وغيرهما.
ثانياً: العمل مع العرب والأفارقة من أجل الاستقرار والسلام في المنطقة.
ثالثاً: استكمال الحوار مع الدول الغربية وإزالة العقبات.
ولكل من هذه النقاط الثلاث في العلاقات الخارجية دوره في تعزيز الاستقرار والأمن والاستثمار، وأن ركز بشكل خاص على الإقليمين (العربي والأفريقي) وفتح الباب لاستكمال الحوار مع الدول الغربية المقاطعة للبلاد اقتصادياً ودبلوماسياً، فالإقليم العربي بعد (عاصفة الحزم) انفتحت الأبواب على سائر مكوناته، وقد كان حضور ممثليها لتنصيب السيد الرئيس بمستويات مختلفة ما يؤكد على ذلك الانفتاح الذي سيكون له مردوده وعائده في المرحلة المقبلة.
وكذلك الشأن مع المجموعة الأفريقية التي كان لها حضورها الكبير لتنصيب الرئيس المنتخب وهي من دول الجوار الأفريقي وغيره.
عليه فإن ما قاله السيد الرئيس في خطابه من نية للعمل مع العرب والأفارقة من أجل الاستقرار والسلام في المنطقة لم يكن بعيداً عن الواقع والضرورات، وفي العالم العربي والأفريقي اليوم اضطرابات وعدم استقرار يتعين العمل لتلافيهما، وخير دليل على هذا ما يجري في “اليمن” و”الصومال” و”ليبيا” و”نيجيريا”.
وفتح الباب للحوار مع الغرب دبلوماسياً واستثمارياً وسياسياً يشكل بعض ما يحتاجه الاستقرار في المنطقة وربما كله.
في الختام نخلص مما جاء في خطاب السيد الرئيس إلى هم المعاش والاقتصاد في المرحلة المقبلة، فقد أكد (جذب رؤوس الأموال للاستثمار بالأمن والاستقرار.. والمعاش – كما قال – أول الأوليات في أعمال البرنامج الخماسي الذي شعاره (أمة آمنة متحضرة ومنتجة).
وفوق ذلك قال السيد الرئيس بأن (السودان سيسد فجوة الغذاء للآخرين)، وهو شعار قديم ونسأل الله التوفيق.