عودة البروف
ترجل “الفاتح عز الدين” من رئاسة المجلس الوطني وصعد البروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” في مقعده مع بداية أعمال البرلمان المنتخب، والبروف معروف ولا يعرف فهو هو من حيث الوزن السياسي والسيرة التنفيذية الحافلة، فضلاً عن مناقبه الشخصية التي أهمها الصرامة والحزم والقوة على المواجهة، وهو بهذه الميزات قادر على ضبط مكان مثل البرلمان الذي قد يتحول في بعض جوانبه إلى مكان للتجاذبات السياسية التي تتجاوز أحياناً لتكون مماحكات قد تنفلت بالجميع على حالة عبثية بين النواب.
البعد الآخر لشخصية رئيس البرلمان الجديد كونه من الشخصيات التي تؤثر ولا تتأثر وهذا ما سيجعل للمجلس القدرة على أن يكون برلماناً للشعب، بمعنى آخر ومع كون البروف “إبراهيم” من أركان غرفة القيادة في الإنقاذ والمؤتمر الوطني لكنه يملك مساحات لأن يكون صاحب بصمة تميز مواقف النواب، خاصة في القضايا ذات البعد المتعلق بهموم المواطنين الذين ينتظرون من ممثليهم أداءً يتناسب وحجم الثقة والتفويض الذي قادهم لتلك المقاعد تحت القبة العريقة
المجلس الوطني والبرلمانات في تاريخ الممارسة السياسية ارتبطت عند رؤسائها باعتماد الخلفيات السياسية المرتبطة بالاختصاص في القانون، وأقرب الأمثلة المعاصرة الدكتور “الترابي” ومولانا “أحمد إبراهيم الطاهر” ثم “الفاتح عز الدين” مؤخراً، وإن كان الأخير لا يملك خبرة سابقيه عملياً وسياسياً، والآن يأتي اختيار رئيس البرلمان لشخص سياسي الخبرة وأكاديمي المباحث، وهو ما قد يشير إلى مؤشرات حول منهجية مسارات المرحلة القادمة في مجال السلطة التشريعية.
أمر آخر اعتقد أنه مهم وهو يعني الحزب الحاكم والذي قدم شخصاً محل إجماع واحترام بين عضويته، إذ عرف بكونه خارج دائرة تقسيمات الاستقطابات الحقيقية أو المدعاة بين التيارات والأجنحة، ولعل هذا ما يفسر حالة الرضاء العام لهذا الاختيار الذي لم يلامس اعتراضات من المطالبين بالتغيير، حين يقول البعض إن المؤتمر الوطني قدم أمينه العام بعد المفاصلة بينه و”الترابي” قبل اكثر من ثمانية عشر عاماً لرئاسة البرلمان، في دورة تمتد لخمس سنوات من الآن.
تقديم البروف “إبراهيم” لهذا الموقع في ملمحه الأهم أن رجلاً نزيهاً وعالماً وسياسياً معتقاً يدير الآن دفة موقع مهم وله دوره، وإن اختلف الناس حول فعالية المؤسسة البرلمانية التي تبقى على حال مؤسسة أم وراعية ومرشدة وهي عين للناس على الحكومة المنتظرة.