ببساطة
العمل الطوعي وقيم النفير والتكافل والعون ظلت قيمة محفوظة في الوجدان والضمير السوداني، وهي سمة من سمات هذا البلد عرفت به وفيه، وصحيح أنها في الريف تبدو أوضح لاعتبارات التقارب والتواصل وقلة الحواجز وأنها وفقاً لهذا تقل أو تتأثر في حالة المدن والعاصمة، لكنها على أي حال تظل باقية وإن طمرت قليلاً، ولهذا فإنه يحمد لشبكات التواصل الاجتماعي أنها أحيت هذه السنن بشكل أو بآخر، وهذه إيجابية قد تجب ولو يسيراً من جوانب ظلامات تلك الشبكات في مظان أخرى. وقد وددت والله لو أن الجميع أحسن الظن بقيود ومرعيات لازم توافرها في مثل هذه الأعمال، وهي حق الدولة في الرعاية والعلم بكل صغير أو كبير خاصة فيما يتعلق بالجوانب المرتبطة بأنشطة التمويل، ولو كانت المصارف المستهدفة نبيلة وهذا حق مبذول لجميع الدول والحكومات غض النظر عن اعتراف أو لا اعتراف النشطاء بهذا النظام آو ذاك.
بلد مثل سلطنة عمان يدير هذا الأمر عبر ما يسمى بقانون الجمعيات الأهلية وهو لا يتسامح في مطلوبات تتعلق بالعمل الطوعي والجهات الداعمة، حيث ثمة التزامات مرعية تلزم الجميع بالكشف والتعرف على المتبرع وأوجه الصرف التي تقوم بها المؤسسات والمنظمات، إذ تخضع حساباتها سنوياً لعملية تدقيق كبيرة وبصلاحيات عريضة تمنح لوحدة شرطية تسمى وحدة التحريات المالية، ثم الادعاء العام ووزارة التنمية الاجتماعية، ووفقاً للقانون العماني فإنه غير متاح الحصول على أي أموال من جهات خارجية أو أجنبية. وتطالب السلطات الجمعيات بالإفصاح عن أية معاملة مالية تردهم وتتشدد في توثيق البيانات حال الحصول على دعم من مواطن، ويلزم القانون بتحرير إيصال يذكر فيه اسمه الكامل ورقم البطاقة الشخصية وما يفيد شخصيته، وعدم قبول المبلغ نقداً وإنما يسلم على هيئة (شيك مصرفي) ويودع بالحساب مباشرة.
العراق كمثال آخر لا يسمح فيه إلا بأنشطة وفق القانون ببيان يلزم النشطاء بعرض كامل لعائدات منظمتهم – أي كانت – ومصروفاتها مع قائمة بأسماء أعضاء مجلس إدارة المنظمة غير الحكومية الذين يشغلون في نفس الوقت مناصب مسؤولين أو موظفين عموميين في أي حكومة أو هيئة حكومية وشروط أخرى. وهكذا في غالب الدول وإن كانت بلداً مثل سلطنة عمان وهي في الاستقرار والترتيب والنظام والكفاية المادية، فما بالك بدول أخرى ووفق مباحث كثيرة واستفسارات فقد وجدت عن أيما تساؤلات حول هذه الأمور، يجب ألا تثير حفيظة البعض بفرضية قدسية للنشاط أو نبل مقصد، فتلك أمور ليست محل اختلاف. وفي تقديري أن الأنشطة والمبادرات الإنسانية والاجتماعية التي تنتظم الأسافير والمدونات، وتنزلت في الواقع لأعمال جميلة بين الناس عليها في الحالة السودانية ألا تكون حساسة تجاه أي مراجعات حول الأمر.