ــ مواطن سوداني يتعرض للضرب والشتم والسب من قبل شرطي
تجاوزت قضيته الثلاث سنوات
ــ الشاب “عباس”: صادروا مني ممتلكاتي الأدبية محاضرات وديوان شعر مقيم بسبعة مليون ريال سعودي
ــ حبسوا زملاءه في غرفة ثم أوسعوه صفعاً ولكماً
ــ طرق الشاكي كل الأبواب ومراحل التقاضي في الداخل والخارج دون أن ينصر
ـــ لم يتم استدعاء المدعي عليه في كل مراحل الشكوى والتحري معه حتى الآن
جلست إليه ــ أمل أبو القاسم
للمرة الثانية خلال أسبوع يتظلم شاب سوداني من ظلم ذوي (الغربة) في بلاد مهجره التي أختارها طواعية منذ أكثر من أربعة عشر عاماً، وللمرة الثانية ونظنها بعد الألف لأن ما خفي أعظم .تقف السفارة السودانية على منصة المتفرجين ومواطنوها المسؤولة عنهم يتعرضون لهزائم نفسية وجسدية مبرحة، وتكتفي بالفرجة مع تلويح هزيل غير مشجع على الخطو نحو الانتصار أو حتى استرداد الحقوق في كافة الأشواط التي يهرولون فيها دون سند أو دعم.
فخلال أسبوع واحد حضر شابان لـ(المجهر) يستنصران وهما يبحثان عن حقوقهما الضائعة عن طريقها عسى أن يصل صوتهما للمسؤولين بعد أن بح وهما يصرخان وحدهما. بيد أن المأساة تختلف فصولها، لأن الشاكي هنا قد تعرض للضرب والسب والإهانة وصودرت ممتلكاته الأدبية من قبل شرطي يتبع لجوازات المدينة المنورة داخل توقيف الوافدين. وبالرغم من أنه طرق كل الجهات المعنية به كمواطن سوداني داخل وخارج السودان فضلاً عن كل الدوائر الشرطية لأكثر من ثلاث سنوات بالمملكة، ألا أنه لم ينصف ويسترد حقه حتى اللحظة.
أصل الحكاية
“عباس مصطفى عبد الجليل” شاب سوداني شد الرحال إلى المملكة العربية السعودية قبل أربعة عشر عاماً، بيد أنه وقبل ثلاث سنوات كان قد تم إيقافه بسبب انتهاء إقامته التي لم ينزع لتجديدها، وتم حبسه مع رفاقه الموقوفين من عدد من الدول المختلفة في المدينة المنورة. وكانوا تحت إشراف شخص بعينه، بيد أنه وفي صبيحة أحد الأيام تفاجأ بمناداته من قبل أحد الأفراد (شرطي يتبع لجوازات المدينة)، عن طريق أحد عمال المطبخ من الهنود. ثم أمر الشرطي بجمع كل زملائه وإغلاقهم في واحدة من الغرف حتى لا يشاهدوا ما يحدث. ثم وبدون أي شرح أسباب أو توجيه تهمة أو نقاش شرع الشرطي الذي لا تربطه به علاقة في الاعتداء عليه بسبه وشتمه وإهانة والده “مصطفى عبد الجليل محمود)، ووضع سلاسل حديدية في اليدين والرجلين وانهال عليه بالضرب وصفعه مرتين على الجهة اليمنى واثنتين على اليسرى، ولكمة في الشق الأيمن وأخرى في الأيسر، بالإضافة إلى لكمة قوية بين العينين في منطقة خطرة يمكن أن تؤدي إلى الوفاة في الحال، أو ارتجاج في المخ أو فقد البصر ومصادرة ملكية فكرية حسب لجنة المصنفات الأدبية، وهي قصائد شعرية مقدرة من قبله بسبعة مليون ريال سعودي أيضاً ومحاضرات دينية في دفتر آخر، ثم منعه من أداء صلاة الضحى، وعدم تناوله لوجبة الفطور نظراً للسلسلة وربطه من الثامنة وحتى الواحدة ظهراً
حقوق لم تؤدَّ
مع العلم أنه وبحسب المدعي العام بوزارة الداخلية بالمملكة الذي ملكه كتيب لتبصيره بحقه يحتوي على حقوق السجناء والموقفين والتي من بينها … (حقك في وجوب معاملتك معاملة إنسانية بعدم تعذيبك: إذ يجب معاملتك في حالة القبض عليك أو توقيفك بما يحفظ كرامتك، ولا يجوز إيذاؤك جسدياً أو معنوياً وفقاً للمادة (35) من نظام الإجراءات الجزائية والمادة (28) من نظام السجن والتوقيف، واتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984م التي تلتزم بها المملكة والمرسوم الملكي رقم (43) حقك في عدم الاعتداء عليك بأي نوع من أنواع الاعتداء. وتتخذ إجراءات التأديب ضد الموظفين المدنيين أو العسكريين الذين يباشرون أي عدوان على مسجون أو موقوف، وذلك مع عدم الإخلال بتوقيع العقوبات الجزائية عليهم في الأحوال التي يكون الاعتداء فيها جريمة. وفقاً للمادة (28) من نظام السجن والتوقيف/ حقك في الشكوى وتبليغها للمختصين: فلكل مسجون أو موقوف الحق في أن يقدم في أي وقت لمأمور السجن أو دار التوقيف شكوى كتابية أو شفهية، يطلب منه تبليغها أي عضو هيئة التحقيق والإدعاء العام، وعلى المأمور قبولها وتبليغها في الحال في إثباتها في سجل معد لذلك، المادة (38) من نظام الإجراءات الجزائية.
مراحل التقاضي
وهذا بالفعل ما قام به محدثنا حيث قام بتحريك إجراءات قانونية بعدد من القنوات السعودية وإماراتها بفتحه بلاغاً في إمارة بلقة بالرياض واستعملت معه كل وسائل التحقيق من قبل الإمارة والشرطة، بغرض التأكد من فحوى ومحتويات دعواه وقام بإثباتها في كل المحاضر من قسم شرطة الفيصلية، حيث تم التحقق معه وفتح محضر وبلاغ ضد المدعي عليه، إضافة إلى التحقيقات داخل إمارة منطقة الرياض من قبل قسم الشئون الأمنية، ثم تم استرجاعه مرة أخرى لإمارة المدينة المنورة، حيث تم استجوابه من قبل الدكتور المالكي. وبعد انتهاء كل التحقيقات المطلوبة والتأكد من صحتها تم تحويله إلى معالي وكيل وزارة الداخلية للشئون الأمنية.
حدث ذلك منذ ثلاث سنوات وإلى الآن لم يتم الفصل في القضية بل لم يتم استدعاء المدعى عليه في اى من مراحل الشكوى. كما لم يتم إخطاره بأي شيء في أمرها وتم التحفظ عليها داخل وزارة الداخلية السعودية بواسطة معالي وكيل وزارة الداخلية للشئون الأمنية، ولم يتم إخطار المدعى عليه للفصل بينهما، مبيناً ومراراً أن ليس بينه والأخير سبب يذكر وبطرفه كل المستندات وأوراق التحقق، وكل ما يخص الدعوة من شهود تجاه المدعى عليه. وتظلم محدثنا من تجاوز قضيته التي من المفترض أن لا تتجاوز الأربعة أشهر وقد أكملت الثلاث سنوات وعلى مشارف الرابعة.
وعلى المستوى المحلي والسوداني في الخارج فقد أبلغ “عباس مصطفى” السفارة السودانية والتي أوصلته إلى وزارة الداخلية السعودية، ومدير إدارة القنصليات والمغتربين، واستعان أيضاً بجهاز شئون السودانيين العاملين بالخارج وأمينه العام.
ما هو السبب ؟
وقال “عباس” في حديثه إلى (المجهر) إنه لم يعترض مطلقاً على توقيفه فهذا إجراء ولابد من إتباعه، ولم يسئ إلى أحد طيلة فترة توقيفه بل كان يدعو للحسنى وتبديد الوقت في النقاشات الثرة والمحاضرات الدينية وأداء الصلوات في ميعادها. لذا فهو لا يعرف حتى الآن السبب الذي دفع بذاك الشرطي للاعتداء عليه ومصادرة حقوقه الأدبية، وبينها ديوان شعر لا يحتوي على قصائد فاحشة أو بذيئة بل بينها قصيدة للأم. كما يتساءل عن بطء الإجراءات وعدم تجريد المدعى عليه من الحصانة والتحري معه حتى الآن. ولما لم تنصفه الجهات الداخلية التي لاحقها حتى وزارة الخارجية، كما لم تستمع إليه السفارة السعودية بل الخرطوم وردته من استقبالها، مبينة أن الأمر لا يعنيها. إذن على من تقع مسئولية الاعتداء على مواطن سوداني من قبل أجنبي.
تماطل من الجميع
ولما كلّ المواطن السوداني “عباس” من تماطل كافة الجهات المعنية بقضيته خارجياً وداخلياً هدد بتصعيد قضيته واللجوء إلى منظمة حقوق الإنسان ومنظمة الأمم المتحدة، ولن يتورع عن طلب اللجوء السياسي طالما أنه لم يجد الدعم والمساندة وإنصافه ورد حقوقه المادية والمعنوية من المسؤولين عنه في وطنه.
وسبق وأن هاجت الدنيا ولم (تقعد) إلا بإنصاف ذاك المواطن الذي تم الاعتداء عليه من قبل موظف السفارة السودانية بجدة. فما بالكم بمواطن سوداني اعتدي عليه من أجنبي بالضرب والسب والشتم. فهو في انتظار ردكم الذي أنتظره لثلاث سنوات لم يكف فيها عن السعي وحده دون سند، أو حتى بارقة أمل في إنهاء مشواره وإراحته بعد هذا الرهق المضني.