(14,171,859) حبة "كبتاجون" و (31759) حبة "ترامادول" تم ضبطها العام الماضي
بروفيسور بلدو: نسبة متعاطي المخدرات تبلغ “15” إلى “25”%” من الشباب
اللواء المكي: السودان يعد من دول العبور في مجال المخدرات
خبير يتهم “جهات” بأنها تسعى لأن يكون شباب السودان مخدراً تماماً
مدير المكافحة يحذر من التعامل بعفوية في حمل أمتعة الغير
تحقيق ـــ آمال حسن
يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) تعد ظاهرة المخدرات من الظواهر الأكثر تعقيداً وخطورة على الإنسان والمجتمع، وتعد هذه الظاهرة إحدى مشكلات العصر ومما لاشك فيه أن ظاهرة إدمان المخدرات بدأت تحتل مكاناً بارزاً من اهتمامات الرأي المحلي والعالمي، وتكمن خطورة هذه الظاهرة لكونها تصيب الطاقة البشرية الموجودة في أي مجتمع واستهدافها بصفة مباشرة شريحة الشباب المهمة وضلع أساسي في التنمية، ولا تميز بين الغني والفقير الكبير أو الصغير وتقضي على المجتمعات مؤثرة على تحضرها ومستقبلها كما تؤثر على موارد الثروة الطبيعية والبشرية.
(المجهر) تقصت في هذه الظاهرة الخطيرة التي نخرت في كيان المجتمعات واستصحبت رأي كثير من القيادات ذات الصلة، فضلاً عن رأي الشارع وعلم النفس وخرجت بالمحصلة التالية.
دواعي الاستخدام
وحول هذه القضية المهمة تحدث إلينا مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات اللواء “المكي محمد المكي” بقوله: إن أغلب الحبوب المستخدمة في السودان في الأصل تكتب كجرعات علاجية لمرض (الاكتئاب النفسي) وعلاج (الصرع) كمهدئات ومسكنات، ولكن ضعاف النفوس يستخدمونها بطرق غير شرعية كمخدر، مصنفاً أكثر الأنواع شيوعاً في السودان وهي “الاكزول”، “5 تو5” وعقار “الترامادول”.
وعن كيفية طرق تهريبها قال “المكي”: تستخدم وسائل وطرق عدة للتهريب وكل يوم تكتشف طريقة ووسيلة جديدة وغالباً ما تكون طريقة إخفائها داخل أمتعة وأوعية المسافرين عبر الموانئ البحرية والبرية والجوية، وأحياناً تلف بالجسم الداخلي للمهربين، وفي الآونة الأخيرة بدأ التجار يستخدمون النساء في عمليات التهريب، وأحياناً أخرى يتم إرسالها عبر المعارف دون علم منهم أنهم يحملونها في حقائبهم، وأضاف نحن من هنا ننبه ونحذر من التعامل بطيبة وعفوية معهودة عندنا كسودانيين من حمل أمتعة أو أغراض من أشخاص لا يمتون لنا بصفة قرابة أو معرفة حتى لا يقعون فريسة لتجار المخدرات ويصبحون عرضة للمساءلة القانونية.
تأثيرات كارثية
ونوه “المكي” لأضرار الحبوب المخدرة أن استخدامها بصورة غير مقننة ودون استشارة الطبيب المختص عواقبها ونتائجها كارثية، حيث تعد من المخدرات المصنعة كيميائياً، ولها تأثير مهبط في الجرعات القليلة ومثبط في الجرعات الزائدة وأضرارها الصحية كبيرة، ومن حكمة الله سبحانه وتعالى أن جعل الإنسان يعي ما يحيط به عندما يكون في وضعة الطبيعي، وما أن يصل إلى وضع غير طبيعي بمؤثرات خارجية كالمنشطات، فالنتيجة تسفر عن أضرار صحية كثيرة ثبتت طبياً وليست من نسج الخيال أو المبالغة.
ومضى “المكي” معدداً هذه الأضرار: مثلاً جراء استخدام “الكبتاجون” تحديداً يحدث ما يلي: الانهيار الصحي السريع بسبب العجز عن النوم لفترات طويلة، ظهور أعراض واضطرابات عضوية في المخ مثل التشنج، ارتفاع ضغط الدم وسرعة ضربات القلب وهبوط التنفس، فضلاً عن التدهور العقلي والثرثرة والتشنجات والغيبوبة والطفح الجلدي، والاضطرابات الزمانية والمكانية والقلق والتوتر، إضافة إلى نقص في كريات الدم البيضاء والأنيميا في الجسم، تشوه الأجنة لدى الأمهات اللاتي يستخدمن أنواعاً من “الامفاتامين” خلال شهور الحمل، كذلك اعتلال الصحة والسلوك والهستيريا دون وعي، وفقدان الشهية للطعام وجفاف الحلق واضطرابات هضمية، كما أن الجرعات الزائدة تؤدي لهبوط حاد في الدورة الدموية وتسبب حالات الوفاة والانتحار أو فشل في التنفس.
أرقام مهولة
وكشف مدير الإدارة العامة للمخدرات اللواء “المكي” لـ(المجهر) عن أكبر كمية تم ضبطها خلال العام 2014م، حيث بلغت في مجال الحبوب حوالى (14,171,859) حبة “كبتاجوب” وعدد (31759) حبة “ترامادول”، لكن أكثر ضبطية كانت في ميناء “بورتسودان” بلغت حوالى (14,169,59″ حبة وهي الآن أمام المحاكمة، وجملة ضبطيات الحشيش في العام السابق أكبرها (85) ألف رأس في ضبطية واحدة.
وأكثر الفئات العمرية التي تتعاطى المخدرات – بحسب محدثنا – وحسب الإحصائيات من عمر (14- 25) وهي فترة المراهقة والشباب، وأهم فترة عمرية يعول عليها في الإنتاج والتنمية والتعمير. وفي العام 2015 تم ضبط “29,250” حبة “كبتاقوب” عبر مصنع قام بتصنيع كمية أولية من المخدرات تقدر بحوالي (20) كيلو جرام تكفي لصنع حوالى (200) كيلو جرام من حبوب “الكبتاقوب” ومازالت عمليات التصنيع مستمرة.
أغراض غير مشروعة
ولفت “المكي” إلى أن هنالك قسماً خاصاً بوزارة الصحة للرقابة على الصيدليات، وعملنا معهم في إطار تنسيقي ومعلوماتي وبيننا جهود مشتركة، إلا أن الأمر يحتاج للمزيد من التشديد والرقابة لاستغلال بعض ضعاف النفوس طبيعة العمل في هذا المجال لأغراض غير مشروعة غير آبهين بمخاطر ومضار بيع العقاقير والحبوب بدون وصفة طبية، مشيراً إلى أن الإدارة بحكم الاختصاص عضو في المجلس القومي للأدوية والسموم، وبالتعاون معهم وضعت ضوابط مشددة بصرف وتداول الأدوية التي يساء استخدامها خارج نطاق العلاج.
ولفت “المكي” إلى أن السودان يعد من دول العبور في مجال المخدرات وبصفة خاصة “الحبوب”، حيث يتم إرسالها عبر السودان من دول غرب وشرق أفريقيا مستهدفة دول الخليج أكبر سوق رائج لها، وكذلك من لبنان والشرق الأوسط، ولدينا في هذا المجال تعاون وتبادل مشترك للمعلومات وتنسيق عالٍ حققنا من خلاله الأهداف المشتركة للمكافحة وتنفيذ الاتفاقيات الإقليمية والدولية المتفق عليها، فضلاً عن تعاون وثيق مع عدد من الدول المجاورة للحد من حركة المخدرات.
ضوابط مشددة
الأمين العام للمجلس القومي للأدوية والسموم دكتور “محمد الحسن الإمام” تحدث لـ(المجهر) مبيناً وضع المجلس القومي للأدوية والسموم والضوابط المشددة لاستيراد وتداول الأدوية المخدرة والمؤثرة عقلياً وقام بتوزيع استمارات لصرفها بجميع الولايات، كما وجه الصيدليات بعدم صرفها إلا عبر روشتة طبية مكتملة البيانات وبختم الطبيب، والتزامها بإزالة عهد صرف الأدوية ورفعها لإدارة الصيدلة بالولاية المعنية وذلك لمنع تسربها لغير مستحقيها من المرضى وسهولة وصولها للمحتاجين منهم. وكشف دكتور “محمد الحسن الإمام” لـ(المجهر) عن اتجاه لربط الاستيراد بالحاجة الفعلية، مشيراً إلى اتفاق هذه الضوابط مع معايير الهيئة الدولية لمراقبة الأدوية المخدرة والمؤثرة عقلياً.
من جانبه قال استشاري الطب العصبي وعلاج الإدمان، مؤسس أول مركز خاص للعلاج من المخدرات بالسودان (مركز الأمل) بأم درمان البروفيسور “علي بلدو” إن ظاهرة تعاطي الحبوب المخدرة من الظواهر التي لم تجد حظها من النقاش، حيث تقدر أعداد الشباب والشابات من مختلف التخصصات والحياة العامة الذين يتعاطون هذه الحبوب بصورة أو بأخرى حوالي “15 إلى 25″% من الفئة العمرية “16 إلى 34” سنة.
عدم وجود رقابة
وعددّ بروف “بلدو” أسباب المشكلة وبأنها تكمن في التفكك الأسري والضغوط الاجتماعية الكثيفة، ومشاكل النزاعات والضغط السياسي والاقتصادي ورفقاء السوء وعدم وجود رقابة، إلى جانب عدم الاكتشاف المبكر والتعامل الجاد مع المشكلة، في الوقت ذاته ألمح إلى جهات لم يسمها بأنها تسعى لأن يكون شباب السودان مخدراً تماماً.
واستطرد “بلدو” في حديثه وهو يعرج على بداية وأعراض الإدمان بالحبوب أن المتعاطي يبدأ بها ثم يشعر بحاجته اليومية وزيادة الكمية يومياً، يلي ذلك التأثير السالب والأعراض الانسحابية، ثم تبدأ الإخفاقات الاجتماعية والأكاديمية، ومن ثم الوصول لمرحلة الإدمان الكامل والذي يتطلب العلاج.
وعن العلاج قال محدثنا: إنه يشتمل على الفحص والكشف العضوي والنفسي وأخذ التاريخ المرضي ومن ثم الولوج لمرحلة التحاليل والفحوصات المعملية والمجزية ومن ثم الدخول للمركز العلاجي أو المستشفى مع جلسات العلاج الفردي والجماعي والسلوكي وإعادة التأهيل والدمج حتى يعود لطبيعته وهذا يتراوح ما بين أسبوعين وعدة أسابيع.
تحريم الشريعة الإسلامية
ومن الناحية الشرعية أكد “شيخ الحكيم” أن لا يختلف عاقلان حول تحريم الشريعة الإسلامية ومن مقاصدها حفظ الضرورات الخمس، “الدين والنفس والعقل والنسل والمال” وكل مالا ينسجم مع ذلك فمحرم شرعاً. تدخل الحبوب المسماة بالمنشطة أو المخدرة في عدة أطر، وبحسب الاستخدام الشرط العام الإجازة الطبية لها، والوصف الشخصي، بمعنى لا تعمم وصفة طبية لها إذ يستهدف الطبيب بها شخصاً معيناً بحسب حالته بحكم الغرض من استخدامها، فإن كانت بغرض التنشيط الإيجابي فالوصفة الدقيقة طبياً لعلاج الخمول الفيتامينات وغيرها ولا ضرر يترتب عليها ولا حرج من استخدامها، ولنضع إطاراً عاماً للتعامل معها وهو الاتفاق على قوله صلى الله عليه وسلم “كل مسكر ومفتر حرام”، فهي تساهم في مخامرة العقل وتغطية الكثير من نشاطاته وإيهامه بقدرات غير حقيقية وبالتالي أصبحت مخامرة للعقل ومفترة لقوله صلى الله عليه وسلم “لا ضرر ولا ضرار” وقول الحق تعالى و”وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ”، وهذا كله موصوف ومؤكد في آثارها التي أكدها الأطباء والمختصون ناهيك عن إضاعة آمال فيها والإدمان، ويحرم المتاجرة فيها إلا بإذن وعلم السلطان وإجازة الجهات المختصة وتنظيمها بما هو موافق لمطالب ومقاصد الشرع.
استهداف المقدرات
ومضى “الحكيم” في حديثه: لا ننس أن الاستهداف لمقدرات شبابنا وكيد الأعداء لنا يجعل “المخدرات” وسيلة صالحة لتدمير المقدرات، ولكم من شابة حسنة الخلق ضيع شرفها وانتهك عرضها بخديعتها فأصبحت فريسة سهلة للمعتدين، ودعوني أذكر بالتسمية والتي عادة ما يتدخل فيها الشيطان إذ قال “لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ”. وكما وصف “صلّ الله عليه وسلم” حال البعض مع المنكرات في آخر الزمان يسمونها بغير اسمها فتسمية المنشطة تسمية إيجابية تدفع الشباب الشاعرين بالملل والخمول للتعلق بها مثل إطلاق اسم المكيفات على السميات المخدرة وغيره فننصح بالتركيز على تسمية منفرة منها مثل “السموم” وغيره.
وكشف نائب مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات العميد “ماجد خير الله” خلال حديثه لـ(المجهر) أن في إطار تبادل المعلومات مع أجهزة مكافحة المخدرات وبتاريخ 18/2/ 2014 تلقت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات معلومات مفادها أن أحد كبار تجار المخدرات والذي يمتلك شبكة منظمة ويدير عملياته بكل من (بلغاريا وسوريا ولبنان) وبسبب الظروف الأمنية بسوريا يعتزم عمل مصنع بالسودان لتصنيع حبوب “الكبتاجون” وتهريبها إلى “المملكة العربية السعودية”.
ضبطية لأنواع مختلفة
وكانت شرطة أمن المجتمع قد تمكنت من ضبط كميات كبيرة من الحبوب المنشطة جنسياً ومنها (44044) حبة منع حمل و(3840) حبة منشطة جنسياً بحوزة متهمين بسوق أم درمان، بالإضافة إلى (900) حبة “اكسولفايق” “خرشة” و(80) صباع تمساح و(11) بخاخاً منشطاً و(200) حبة “كتريمزول” و(15) حبة الأسد (210) حبة اتماركة الصيني منشط و(164) حبة شداد قوة و(149) حبة اسياء و(24) حبة تايقرالتقتو (30) حبة التنين الأزرق.
تهريب من دول الجوار
وكشف مصدر – فضّل حجب اسمه -: عادة الحبوب المنشطة أو المخدرة التي تباع في الأسواق تدخل البلاد عن طريق التهريب من الدول المجاورة، وأغلب هذه الحبوب غير مصرح باستعماله لمضاره الصحية على المواطنين مسبباً أمراض خطيرة مثل الفشل الكلوي، لذلك لابد من عرضها على الجهات الصحية والمختصة، وهي أنواع كثيرة منها المصري والصيني وفي بعض الأحيان عبارة عن (بخاخات)، أيضاً “حبوب الخربشة ماركة “اكسولفايق” وأكثرها (الأسد) و(التنين) و(أبو تمساح)، وهذه تدخل البلاد ويتم استعمالها بصورة كبيرة وخارج الإطار الصحي أو المواصفات الطبية.
وزاد المصدر: كل هذه الحبوب المخدرة والدهانات والبخاخ تستورد من مصر وسط البلد، وهنالك أنواع حبوب أمريكية غالية الثمن، وتدخل هذه الحبوب للسودان من مصر عن طريق (شلاتين)، ومن ثم إلى جميع محطات الجمارك، مبيناً أن هناك أشخاصاً تخصصوا في تهريب هذه السموم إلى السودان.