اسمعونا!!
ترتب مفوضية اللاجئين للقيام بإجراءات لإكمال مشروع الفحص القانوني لأوضاع اللاجئين بالبلاد، وهو مشروع يستوجب الدعم والإسناد، وهو عمل بخلاف جوانبه الإدارية والقانونية ومعاييره المهنية أمر يتمدد لاتجاهات أمنية وسياسية واجتماعية عريضة، فالسودان ظل تاريخياً معبراً للمهاجرين من الشرق للغرب والعكس، وله تجربة في هذا المجال ثرة وإن كانت مهملة في جوانب التوثيق.
الحديث عن اللاجئين يتصل قطعاً بالوجود الأجنبي الذي اتسع نطاقه فشمل وافدين جدد من دول عربية ذات ظروف داخلية معلومة، فضلاً عن التطورات الاقتصادية في السنوات الماضية التي فتحت البلاد لوجود مختلف الأشكال ظل قائماً حتى زوال مؤثرات النهضة التي قامت ونأمل أن تعود، ولاعتبارات معلومة تختلط الأوراق بين التعريف القانوني للوافد فهو في سجلات ما وافد أجنبي، وفي أخرى لاجئ، وفي ثالثة وفق أوضاعه كيفما اتفق واستقر وطاب له المقام في كنف شعب مضياف ومتسامح يستوعب الآخرين ويبرهم ويحسن.
قناعتي أن الإجراءات الرسمية من سلطات الهجرة ومفوضية اللاجئين ليست كافية وحدها لتنظيم هذا القطاع.. ولظروف تعقيدات الهجرة وكونها صارت ظاهرة تستبطن إشكالات كبيرة ومعقدة، أعتقد أن السودان بحاجة لتفعيل أذرع أخرى من المجتمع المدني ليكون لها جهدها كواجهات مجتمعية محايدة قادرة على أن تشكل عوناً وتشكل فعلاً إيجابياً يحيط بكامل القضية، ويشكل في بعده الآخر إضافة حقوقية من خلال توفير العون القانوني مثلاً وتوفير الدراسات والخدمات والمعالجات المناسبة، لا سيما أن لقضايا الهجرة منظمات عالمية لها قدراتها التي لا يستفيد منها السودان.
الأمم المتحدة نفسها بسلطاتها المختصة في الهجرة لا تبذل شيئاً في هذا الملف وعمالها ومكاتبها في السودان تكفل نفسها ولا تبالي بمن تنال الأموال باسمهم، وهذا ما جعل كل الجهد يقع على الخزينة الوطنية، وتقاسم معنا اللاجئون والوافدون أياً كان تعريفهم الخدمات والسكنى وكل الأمور، وليس هذا عيباً، بل مدعاة للفخر والاعتزاز، بدليل أن ما يتعرض له المهاجرون في أوروبا وأمريكا وفي ليبيا وجنوب أفريقيا لا يحدث عندنا، وهذا تمييز إيجابي لصالح المواطن ببلادنا.
أمر آخر، أعتقد أن على السلطات الهجرية استحداث مقترحات أكثر مرونة من حيث الإجراءات ومساراتها والقيمة المالية حتى تستقطب أكبر حجم من كتلة المخالفين والوافدين، وهنا ما المانع من منح المواطنين أنفسهم عبر أية صيغة تنظم الأمر من أن يكونوا ضامنين للبعض ومرجعيات تساهم في الأمر، مع ضوابط صارمة لمنع الأمر من الانحراف إلى سخرة هجرية غير قانونية ودستورية.
ليت السلطات تأخذ مقترحاتنا هذه على محمل الجد وستكون الخاتمة انتقالاً كبيراً ولافتاً في المعالجات، وإلا فسيظل الأمر منشطاً ونداء موسمياً من الجوازات ومفوضية اللاجئين.