مواصفات مواطن..!!
اهتم للغاية بتتبع بعض الظواهر التي تطرقت لها الصحافة كثيراً، ولكن لم يتم التوافق على آليات معالجة خاصة على صعيد ما أقيمت له هيئة بالخرطوم ظهرت في اللافتات ثم تلاشت بمسمى السلوك الحضري.. والحقيقة أننا بحاجة لترقية السلوك، بحيث ينتقل بالناس من فعل البداوة السيئ إلى فعل مفيد وإيجابي ليس بالضرورة أن يكون دعائياً مصطنعاً لكن يكون حقيقياً معبراً.
ولاية الخرطوم التي تعاقدت مع (بصات) حديثة وقاطرات حينما نشرت صورها، علق المدونون بأن هذه المواعين ستتعرض لأعمال تلف عاجل بفعل الإهمال والتعاطي غير المسؤول.. ستتحول خلفيات المقاعد للوحات رسوم وقصائد للأحبة ومناكفات بين الهلال والمريخ، وستنتهي سريعاً إلى مركبات خربة مثلها مثل أكشاك الهواتف العامة التي لم تعمل في السودان سوى لأشهر نزعت بعدها أطرافها وحشيت بالقش وأكياس (السعوط).
الآن محلية الخرطوم تخوض تجربة تغطية الطرقات بشكل هندسي يمنحها غطاء و(نيولوك) مفيد يجنب الناس الغبار والأتربة والأوحال وهو نسق جمّل كثيراً من العواصم الكبرى، لكن أخشى ما أخشاه أن تنتهي التجربة بتعديات سلوكية مثل اقتلاع أحدهم للحجر المرصوص لأنه يريد شق ترعة أو يسعى لإقامة حظيرة أو لأن المرصوص يعوق حركة سيارته أو أي مستخدم لديه، وهو عين السلوك الذي يقوض سنوياً جهود تهيئة المصارف التي يغلقها المواطنون ثم يصبون اللعنات على الحكومة!
ترقية السلوك قطعاً محصلة جهد يجب أن يبدأ من البيوت والمدارس، لكنه كذلك أمر يحصن بالقوانين واللوائح التي تحمي الملكية العامة وسمعة البلد، وإني لاستغرب مثلاً من تساهل سلطات المطارات والموانئ في التعامل مع سوء مظهر بعض الواصلين والمغادرين، وقد صدمت قبل أشهر بمغادرين إلى دولة عربية يغزون مطار الخرطوم ويكملون إجراءات المغادرة بمظهر فضيحة للسودان حكومة وشعباً وتاريخاً، حضر هؤلاء وكأنهم آتون من (دافنة)، وبعضهم كان من الأفضل أن يأتي حافياً ومثل هذه المظاهر حقيق بها أن تحسم من مسؤولي الصالات ودون تردد.
طبعا لا داعي للحديث عن أفواج الشباب المتجولين في مطاعم العاصمة والأماكن العامة بأردية قصيرة هي (البرمودات) في مظهر مستفز وقبيح وجارح، وهم للأسف يظنون أنهم بهذا يعكسون سلوك شباب متحضر.. ورغم كل هذا دعوني أسجل إشادة بالمرأة السودانية في كل الأجيال، إذ تبدو في غاية الأناقة النابهة والسلوك المجيد.