المشهد السياسى
إلى متى غياب المهنية والمسؤولية في صحافتنا؟!
موسى يعقوب
صباح (الأحد) الماضي طالعت في اثنتين من صحفنا السياسية اليومية هما: (اليوم التالي) و(التغيير) خبراً بارزاً احتل (المانشيت) الأول فيها يقول: إعفاء مدير بنك فيصل الإسلامي..! وهو الخبر الذي أثار الكثيرين وأدهشهم، وجعل السيد رئيس لجنة مجلس الإدارة وهي صاحبة القرار تصدر تصحيحاً للخبر الذي أوغلت فيه صحيفة (اليوم التالي) بما عندها.. فقد جاء فيها:
{ إعفاء مدير بنك فيصل الإسلامي في إثر خلافات طرأت داخل مجلس إدارة البنك.
{ ونسبت الخبر إلى مصادر لم تسمها، وقالت إنها أمسكت عن إيراد تفاصيل.. رغم أنها أضافت إن عقد المدير كان سينتهي في أغسطس ولكن لجنة المجلس رأت الإعفاء وأن يستمر المدير مكلفاً ولكنه رفض..!
وبالنظر إلى التصحيح الذي صدر عن رئيس لجنة مجلس الإدارة بنك فيصل الإسلامي والذي بعث به إلى الصحيفتين وصحيفة ثالثة، فإن ما خرجت به (اليوم التالي) يشي بأنه: صناعة وفبركة إعلامية غير ملتزمة بأخلاق المهنة وحقوق القارئ في أن يتناول وجبات إخبارية كاملة الجودة، معافاة وغير ملوثة..! علاوة على أن الخبر غير صحيح وضار بالسيد المدير العام ولجنة مجلس الإدارة والمؤسسة المالية والاقتصادية الإسلامية (بنك فيصل الإسلامي).
فالإعفاء غير (عدم التجديد للعقد) ولا يكون إلا بعد خطأ أو جريمة أو تقصير وهو ما لم يحدث.. ونسبة ما حدث إلى خلافات طرأت بين الأطراف- أي لجنة مجلس الإدارة والسيد المدير العام للبنك– هو ما لم يحدث، بل غيره تماماً إذا ما نظر القارئ إلى التصويب والتصحيح الذي صدر عن السيد رئيس لجنة مجلس الإدارة صاحبة القرار.. فالقرار قرار مؤسسي معتاد يقوم به مجلس إدارة البنك أو لجنته لضمان الحيوية والتجديد في الوظائف العليا.
وعدم تجديد العقد لا يعني (الإقالة أو قبول الاستقالة أو الإعفاء)، وتم برضا وقبول من الطرفين ويشهد فيه لمن لم يجدد له العقد السيد “علي عمر إبراهيم فرح” بما قدم من إنجاز وارتقاء بالمؤسسة، وذلك كله معروف في تقارير الأداء والتقارير السنوية وما تشتمل عليه من حقوق للعملاء والمساهمين والعاملين.
ونفياً لما جاء في خبر الصحيفة من (خلافات طرأت بين الأطراف) نعود إلى البيان التصحيحي للسيد رئيس لجنة مجلس الإدارة صاحبة القرار الذي جاء فيه وبالحرف الواحد:
كان قرار لجنة مجلس الإدارة (الخميس الماضي):
{ في حضور السيد المدير العام للبنك.
{ وتم استدعاء الإدارات العليا بالبنك وإخطارها بما تم إعمالاً للشفافية ووضع الكل في الصورة.
وقد تم ذلك أيضاً بحضور السيد المدير العام الذي دعا الجميع للسير على طريق النجاح والفلاح الذي اتسم به البنك.
في هذا وقد نشرته الصحيفتان وغيرهما في شكل إعلان (مدفوع القيمة) في صفحتيهما الأوليين، ما عولنا عليه في التصحيح والتصويب لمصلحة القارئ والحقيقة التي تعبر عنها الصحافة فهي لسان المجتمع وذاكرته وإن لاذت الصحيفتان (اليوم التالي) و(التغيير) بالصمت عند وصول البيان التصحيحي إليها وآثرت النشر على سبيل الإعلان عن غيره.. وهو السلوك (المادي) وغير المهني.
فتصحيح الخبر والمادة المنشورة لا سيما إذا ما كانت ضارة بحقوق الغير وبالمسؤولية والمهنية أولى من غيره في صحيفة الناشر، حتى لا تتهم الجهة صاحبة الشأن بأنها تكافئ من أخطأ في حقها ولا تتهم الصحيفة نفسها بأنها تلهث خلف المادة لا المهنية والمسؤولية..!
لقد عرفت الصحافة عبر تاريخها وهو طويل بـ(حارس البوابة) أي من يقف على بابها حافظاً لها ومانعاً مما يضر بسمعتها خبرية كانت أو قانونية، غير أن الذي يجري الآن يقول إنه لا حارس لبوابتها التي لا تفرق بين هذا وذاك.. ولا تخشى من أن تلقي بها (صناعة) الخبر وفبركته في ما لا تحمد عقباه.
العجلة في كل الأحوال من الشيطان.. لا سيما إذا ما كان الخبر غير ذلك الذي يحقق (السبق الصحفي) ويدعو للمنافسة، بل يجعلنا نسأل وبموضوعية:
إلى متى غياب المهنية والمسؤولية في صحافتنا..؟! والله الشافي الكافي..