من وحي الأخبار

عربات الطلاب

يواجه المؤتمر الوطني عاصفة من التهكم والتهييج بعد ما نشرت أحد الصحف خبراً عن صفقة بأرقام مليارية زعمت فيها أن الحزب الحاكم سيبر قطاع طلابه بعدد من السيارات الجديدة، والخبر بطريقة الأرقام الواردة فيه إثارة ضجة واسعة النطاق. والراجح عندي أن الجهة التي مسها النشر ستنهض ثائرة خاصة إن ثبت بشكل أو بآخر أن التفاصيل غير دقيقة وبها شطط، إذ سيعد الأمر من ضمن تصويبات الحملات المدمرة لصورة الحزب الكبير ضمن مخططات منهجية الشيطنة التي تستهدف كيانه ورموزه، وهو ترجيح سيعذر فيه أهل الشجرة لأنهم حتى في حال تصحيحهم لما ورد واستخدامهم حق التصويب أو القضاء، فإن (الحربة ركبت الزمل) وسيذهب الخبر مثلاً على إدانة شعبية للحزب المتأهب لجولة حكم جديدة.
إن من تمام مسؤولية الصحافة نشر الحقيقة ولكن دون تحيزات ضارة بطرف أو ميل يحرف سلامة الغرض، لجعل النشر نفسه رصاصة في غدارة أحدهم ينتقي بها الرؤوس؛ ومما أراه وقياساً على كثير اعتقد أن معايرة الشر والخير تحتاج إلى ضبط أعمق، فالمرء يشعر أحياناً أن بعض النشر الذي يستهدف الحكومة وحزبها به قدر من التحامل والمبالغات، ويختار بعناية توقيتات دقيقة ولا تخلو من الغرض وبتكرار رسم صورة ذهنية سالبة وكريهة عنها. ويحدث هذا رغم أن ذات الصحف لم تورد ولو ليوم واحد حالة فساد أو اشتباه من المعارضة رغم كثرة التفاصيل والمصادر بدءاً من أحداث أيام تجمع القاهرة إلى أسمرا ووصولاً إلى الوضع الحالي، حيث الورش الخارجية وأنشطة و(مأكلة) منظمات المجتمع المدني التي كانت من بعض فصولها حوادث معروفة، لأموال حصلت من منظمات غربية طار بها مناضلون ونشطاء إلى حساباتهم الخاصة، وانفجر اللغم بعدها فأغلق مركز شهير بالخرطوم وانتقل للخارج بكمبالا.
هذا القياس يعني ببساطة أن بعض منهج السعي لإثبات الفساد حالة فيها انتقائية وهو حينما يصوب بتلك الصورة إما أنه فعلاً عمل غير نزيه يهدف لقتل معنوي وكامل، أو أنه تفكير بغرض الابتزاز بمعنى بروز تيار إعلامي يزعم طلب الحق لكنه في واقع الأمر يريد إزعاج جهات وأطراف، فتتم تسوية ما تنتهي عادة بوقف النشر مقابل مصالح تتحقق ويتم السكوت عنها.
إن لم يكن ذلك كذلك فإن الموضوعية تقتضي أن تكون الحرب على الفساد عامة واستغلال السلطة يجب أن يدان ويحارب من كل الأطراف؛ السلطة لا تعني فقط أن تكون وزيراً آو حزباً حاكماً، هي تعريف وصلاحيات يطال كثيرين فحتى قلمي في هذه المساحة سلطة قد استغلها وأوظفها حسب مخططاتي وآرائي ومقاصدي وقد تفسد أو تصلح ولكنه في آخر الأمر سلطة.
نزاهة الصحافة مسألة مهمة لأنها بافتراض مقاصد عدلها يجب أن تكون عامل حاسم ومؤثر وجمهور القراء في هذا البلد أذكياء كفاية لوزن البينات وقياس القرائن، وأما طلاب المؤتمر الوطني وحزبهم فالأيام أمامنا ليخبرونا هل اشتروا بتلك المليارات وذاك مبحث آخر حال صحته نعود إليه، ولكني شخصياً بت وأنا آسف لهذا لا أثق في كثير يروى وينشر.  والنشوف آخرتا

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية