كلمات في وداع سماحة الوالد الإمام "أبو زيد محمد حمزة"
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد:
فهذه نفثات مصدور، وأنفاس مقرور، وزفرات مهموم، وأنات مكلوم، وحيرة مكروب، ولوعة محروب، وبكاء باك لا ترقا دموعه، ولا تسكن ضلوعه، ولا يهدأ هجوعه، مع رزء جليل أصابنا، وخطب عظيم أناخ ببابنا بموت سماحة الوالد الإمام الهمام الشيخ “أبو زيد محمد حمزة” رحمه الله تعالى و طيب ثراه، وأجزل له المثوبة بأحسن ما كان يعمل. جاءه الأجل فشق إليه الطريق، وأساط عنه حياطه الشفيق، ونضا عنه طب كل طبيب، فقبض ملك الموت وديعته في الأرض، ثم استودع مسامعنا من ذكره اسماً باقياً، ومحا عن الأبصار من شخصه رسماً فانياً، فاللهم تقبل عمله واغفر زلته غير خال من عفوك، ولا محروم من إكرامك، اللهم أتمم عليه نعمتك بالرضا، وأنس وحشته في قبره بالرحمة، واجعل جودك بلالاً له من ظمأ البلى، ورضوانك نوراً له من ظلام الثرى. مات شيخنا والحاجة إلى مثله ماسة فقد كان إماماً في الدعوة، رجل عامة، وضع الله عز وجل له محبة في القلوب، ومكانة في النفوس. وقد اقتضت حكمة الله تعالى أنه جعل كل شيء يولد صغيراً ثم يكبر، إلا المصيبة، فإنها تولد كبيرة كبراً قد يهد الجبال الراسيات، ثم تصغر صغراً حتى تضمحل. ولولا ذلك لمات الناس من الكمد موتاً ذريعاً، فإن نجزع فبسبب جلال المصيبة، لا سيما والمصيبة عظمى فـ(إنا لله وإنا إليه راجعون). وقد عرفت سماحة الوالد من قديم فرأيت فيه صفات العلماء الربانيين والأئمة المصلحين فمن سجاياه وصفاته الكريمة وأحواله القويمة:
1- حرصه على الدعوة إلى التوحيد والسنة وقد نذر حياته لذلك حتى ارتبط اسمه بالدعوة إلى التوحيد، وقد كان قوياً في الاستدلال على مسائل التوحيد مع دقة استنباط من الكتاب والسنة لمسائل التوحيد، حتى قال عنه الإمام “ابن باز” رحمه الله تعالى: ما رأيت أحداً يتحدث عن التوحيد مثل “أبي زيد”.
2- صبره على الدعوة وتحمله للأذى في سبيل الله عز وجل.
3- زهده في الدنيا فقد كان متقللاً منها يعيش على الكفاف .
4- الشجاعة والصدع بالحق لا يخاف في الله لومة لائم.
5- الكرم والشهامة وسخاء النفس.
6- التواضع والبساطة ولذلك رفعه الله عز وجل.
7- علو الهمة خاصة في الدعوة حتى سمي أسد الدعوة رحمه الله تعالى، وقد رأيت وغيري من هذا عجباً، أذكر في العام 1998 بالتاريخ الميلادي جاء الشيخ إلى الولاية الشمالية لافتتاح مسجد في منطقة نوري، فاستقبلناه وصحبته ليلاً ونهاراً طوال تلك الأيام، فرأيت عجباً من جلده وصبره وهمته العالية التي كانت تؤثر في كل من حوله، وهو شيخ كبير كان يلقي من الدروس والمحاضرات في اليوم الواحد ما لا يستطيعه أقوى الشباب، مع المشاركة في حلقات الأسواق وغير ذلك من الأنشطة الدعوية.
8- تكسيره للأوثان فالشيخ دعا للتوحيد ومحاربة الشرك بالقول والعمل فكسر الوثن الذي كان يعرف ببرة أبو البتول وهدم القبة التي عليه، حينما طلب منه ذلك الرئيس السابق “جعفر نميري” رحمه الله تعالى.
9- محاربته للبدع والمحدثات والعادات المخالفة للشرع.
10- الثبات والرسوخ.
11- براعة الخطابة والتأثير.
12- الأخلاق الفاضلة.
13- عالمية دعوته فلم يقتصر تأثيره على السودان فحسب بل على غيره من البلدان، فبدأ الدعوة بمصر وكان يدرس في الحرمين الشريفين وذهب إلى الدعوة في أوربا وغيرها، وهدى الله تعالى على يديه كثير من الناس، وتأثر به كثير من الدعاة في العالم الإسلامي.
14- الرفق في الدعوة والحرص على هداية الناس.
أسأل الله تعالى أن يغفر له وأن يرفع درجته في المهديين وأن يخلفه في عقبه في الغابرين و(إنا لله وإنا إليه راجعون).
د.أحمد خليفة صديق