غرب كردفان.. البحث عن خارطة تنمية لولاية وليدة
بلغت جملة تكلفة مشروعاتها (14.651.6) مليار جنيه
الخرطوم – يوسف بشير
تظل تنمية ولاية غرب كردفان أملاً يحدو مواطنيها، إذ بباطنها ثروات معدنية غير مستغلة، وتتمتع بأراضٍ زراعية شاسعة بكر وخصبة لإنتاج مختلف المحاصيل الزراعية، ورغم الأثر السالب للزحف الصحراوي إلا أن المنطقة تتمتع بثروة غابية كبيرة، هذا غير الثروة الحيوانية التي تزخر بها، ومع ذلك ترزح الولاية تحت خط الثالوث الخطير (الفقر، المرض والجهل)، إضافة لغياب الخدمات الأساسية (التعليم، الصحة والمياه)، فضلاً عن أزمات أخرى تؤرق مسؤولي الولاية مثل الصراعات العرقية والقبلية والأمن الاجتماعي، وقضايا الخريجين والعطالة والفاقد التربوي وجيوش المسرحين التي لم تجد طريقاً إلى إعادة الدمج.
وأملاً في أن تلحق بمثيلاتها في مجال التنمية والتطوير، أصدر رئيس الجمهورية “عمر البشير” قراراً جمهورياً العام الماضي بتشكيل لجنة عليا لتنمية وتطوير ولاية غرب كردفان برئاسة نائب رئيس الجمهورية “حسبو محمد عبد الرحمن”، لخلق مشروعات إستراتيجية عبر استقطاب الدعم من الأفراد والمؤسسات والخيرين من داخل السودان وخارجه لدعم جهود حكومة الولاية.
{ الفكرة الأساسية
شرعت اللجنة في مناقشة خارطة تنموية تستمر لخمس سنوات (2015-2019)م، واجتمعت يوم الخامس والعشرين من فبراير المنصرم لتنبثق من الاجتماع لجان عدة فرعية.. وعكفت اللجنة الفنية على مراجعة الخارطة التنموية لتتوصل إلى أحد عشر قطاعاً (البنية التحتية، التعليم، المياه، تنمية الموارد البشرية، الصحة، الثقافة والإعلام، السلام الاجتماعي، الزراعي، الاقتصادي، الاجتماع، وقطاع الشباب والرياضة) لتشمل (23) مشروعاً، بتكلفة إجمالية بلغت (14.651.6) مليار جنيه، وزعت على الخمس سنوات، وتركزت مشاريع هذا العام- عام الأساس- على قطاعات السلام الاجتماعي، الاقتصادي، تنمية الموارد البشرية، فوضعت لها ميزانية بلغت (1.087.9) مليار جنيه، بينما يعدّ العام المقبل– عام التركيز للخارطة التنموية- الذي يأمل أن تكتمل فيه دراسات جدوى المشاريع وتوقيع مذكرات التفاهم بغية الترتيب للحصول على مصادر الدعم، وفيه وضعت أعلى تكلفة فبلغت (4.562.6) مليار جنيه، ويصبح العام 2017م عام الانطلاق نحو التنمية خلال الأعوام القادمة، وقدرت تكلفة مشاريعه بـ(3.330.7) مليار جنيه، ونصيب العام 2018م من جملة التكلفة الكلية يصل إلى (2.887.0) مليار جنيه، وذهب باقي المبلغ للعام الأخير، إذ بلغ (2.783.4).
{ عزم وتحديات
أمس (السبت) التأم اجتماع اللجنة العليا بالأمانة العامة لمجلس الوزراء برئاسة نائب رئيس الجمهورية “حسبو محمد عبد الرحمن”، وبحضور وزير رئاسة الجمهورية “صلاح ونسي”، ووالي الولاية اللواء ركن “أحمد خميس” وتمت خلاله إجازة الخارطة التنموية. ودعا نائب الرئيس أعضاء اللجنة لتحريك المجتمع لتطلعات جديدة فيما يخص المشروعات ومخاطبته بلغته البسيطة وإقناعه بجدواها، واستنهاضه لتنزيل الخارطة على أرض الواقع، وتفصيلها لمحاور تشمل المحليات كافة، عبر إقامة ورش قطاعية لمناقشة المحاور، مشدداً على ضرورة جذب التمويل طويل الأجل، ووجه بتنشيط المحور الاجتماعي والسعي لاجتماع جامع لأبناء الولاية، مبدياً أمله في النهوض سريعاً بالولاية باعتبار إمكانياتها البشرية والزراعية والحيوانية، وذكر أنه لابد من أخذ الأمر بجدية والسعي فيه بعزيمة. كما وجه بتوسيع بث إذاعة الولاية والعمل على إنشاء تلفزيون هذا العام.
ونادى وزير رئاسة الجمهورية “صلاح ونسي” بخلق مناخ إيجابي عبر تكامل العمل بروح واحدة إضافة إلى توظيف الطاقات نحو هدف التطوير. بينما قطع “أحمد خميس” والي الولاية بخلو ولايته من التفلت الأمني، وقال: (منذ تولينا أمر الولاية استشعرنا حجم التحديات ونقص الخدمات الأساسية، فعملنا على السيطرة التامة على الأوضاع، وفرض هيبة الدولة وتفعيل دور المجتمع للتبشير بالسلام)، ودعا رئيس الجمهورية للوفاء بالعهود التي قطعها لأبناء الولاية إبان زيارته الأخيرة أثناء الحملة الانتخابية في الانتخابات السابقة، وكشف عن إبرامه عقداً لتوصيل الكهرباء (أبو زيد- بابنوسة)، والشروع في سفلتة عدة طرق، وتعهد بالسعي لخلق شراكات ذكية مع مختلف المؤسسات لتساهم في نهضة الولاية.
{ مناقشات كثيفة
وتنوعت مداخلات أعضاء اللجنة في تقويم بعض جوانب الخارطة، ونادوا بضرورة تقديم بعض المشاريع على الأخرى، وتوزيع نسب تنمية المحليات، مع ضرورة الأخذ في الاعتبار أن هناك محليات بها تنمية، إضافة إلى إجراء مسح شامل للكثافة السكانية وتحديد احتياجاتها ووضعها مؤشراً للتنمية، وضرورة زيادة المعلمين وتوفير البيئة الملائمة، وأبدوا أملهم في خلق مشاريع خلاقة لاستقرار العرب الرحل وتحسين نسل الحيوانات، بجانب معالجة الزحف الصحراوي، فضلاً عن وضع خطة بديلة ورؤى أخرى وتحوطات حال فشل الحصول على التمويل، بجانب جذب المنظمات الإنسانية لتقديم مشاريع إستراتيجية في الولاية.. هذا بجانب معالجة أزمة ملكية الأرض، موضحين أنها فتيل الصراعات. ودعا الأعضاء إلى سن قانون يلزم شركات البترول بتعويض المناطق المتضررة بمشاريع كلية وليس تعويضاً فردياً كي لا تتجدد الأزمات، وطالبوا بوضع السلام الاجتماعي في قائمة الأولويات، بجانب الصحة والتعليم والمياه، إضافة إلى تقديم خطة استثمارية طموحة عبر رهن المؤسسات الحكومية والأراضي المملوكة لحكومة الولاية لضمان التمويل، وشددوا على وضع مؤشرات لمتابعة سير عمليات المشاريع بدقة، فضلاً عن آلية إعلامية تبشر بالخارطة داخلياً وخارجياً. وقطعوا بأن تأهيل مصنع ألبان بابنوسة لا يجدي، كما طالبوا بإعادة مؤسسة لقاوة قبل تأهيل محلجها إذ لا داعي للمحلج بدون القطن.
وشملت مشاريع البنى التحتية (كهرباء الريف والمدن، الطرق القومية، المطارات، ترقية البيئة الحضرية، الإسكان الشعبي والموانئ البرية)، ويهدف قطاع التعليم للتوسع في مجانيته عبر مشاريع (ترقية التعليم العام، وترقية وإسناد مؤسسات التعليم العالي)، فيما ظلت مشروعات توفير مياه نقية للإنسان والحيوان بالاستفادة من المصادر الطبيعية للمياه وزيادة مخزونها هدفاً لقطاع المياه. ونادى قطاع الزراعة والثروة الحيوانية بالمحافظة عليها عبر تفعيل التشريعات الخاصة بالمحافظة على البيئة ومكافحة الزحف الصحراوي، ومعالجة آثار التغير المناخي، بجانب تطوير الخدمات البيطرية والإنتاج الحيواني.
وألزمت الخارطة تقديمها كوثيقة تنموية ملزمة لمؤسسات الولاية والجهات الداعمة، بعد اعتمادها بواسطة الجهاز التنفيذي والتشريعي الولائي لضمان حاكميتها مستقبلاً.