الفريق "حسين عبد الله جبريل" في حديث لـ(المجهر) 2/2
أهل دارفور راضون عن نهج تعيين الولاة بدل انتخابهم
ما حدث في “قوز دنقو” يثبت أن الحرب ليست (رجالة) لكنها حسابات دقيقة
يجب إعادة النظر في ملكية الأرض.. ليس في دارفور وحدها وإنما في كل البلاد
المستشار “هلال” عنده بعض المظالم تجاه المنطقة وقدم شكاوى واحتجاجات عليها
{ ما هو تقييمكم لنتائج الانتخابات التي أحرزها المؤتمر الوطني والأحزاب السياسية والإجراءات المصاحبة لها؟
حوار- وليد النور
_ أولاً، سياسياً.. التقييم السياسي لنتائج الانتخابات التي أحرزها المؤتمر الوطني هو أنها ضعيفة رغم سعادتنا بها، وأنه جاء الأول. ولكن لابد من أن يكون هنالك تقييم دقيق في المستقبل لأن النتائج لا تتوافق مع الرقم المسجل لعضوية الحزب التي تقارب (13) مليون تقريباً. والذين أدلوا بأصواتهم للرئيس لا يتجاوزون ثلث العضوية. ولابد للمؤتمر الوطني من مراجعة سجله وتنقيحه، لأن هذه النتيجة لم نتوقعها لحزب عملاق ورائد.. أما الأحزاب التي شاركت فنتائجها لم تكن مشرفة، إلا أنها كلها لم تتعد نسبة الـ(1%).. ونسبة رئيس الجمهورية (94,6%)، ولا يعقل أن لا يوجد من يحرز نسبة (10) أو (20%). وهذا يدل على ضعف الأحزاب المنافسة التي عليها مراجعة قواعدها حتى تكون المنافسة شرسة وقوية.. صحيح أن الرئيس له تجربة وجماهير طوال فترة الـ(25) عاماً الماضية، لكن هذا لا يعفي منافسيه من إحراز نتائج قريبة له.
{ هل أنتم راضون عن أداء المراقبين؟
_ نحن راضون كل الرضا، لأن المراقبين جاءوا ممثلين من الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي وبعض المنظمات الوطنية بجانب روسيا والصين، وهذا لا يعني أن غياب دول (الترويكا) وأمريكا يقدح في نزاهة الانتخابات.
{ نصائحكم للأحزاب في الاستعداد للانتخابات المقبلة؟
_ على الأحزاب أن تستعد مبكراً للانتخابات كما أعلن المؤتمر الوطني حسب تصريحات قياداته استعداده. والتحضير المبكر دائماً يأتي بنتائج مبكرة.. نحن كعسكريين نقول إن توقعات القادة دائماً تكون للأمام ولمسافات بعيدة، حتى يكون الاستعداد جيداً، كما نطالب مجلس الأحزاب بمساعدتها بالتوجيهات والنصائح حتى عندما تأتي الانتخابات القادمة تكون نتائجها جيدة مع أن الانتخابات ليس بها غالب ولا مغلوب.. كلهم أبناء السودان، نحترمهم ونقدرهم، وأي حزب دون برامج لا يساوي شيئاً.
{ تحركات الرئيس الخارجية قبل الانتخابات هل أتت بنتائج جيدة.. خاصة زيارته إلى دول الخليج؟
_ نحن نحيي الرئيس، وتحركاته كلها كانت إيجابية وكانت في الزمن المناسب، حتى انتصار الدعم السريع جاء في الوقت الصحيح، فقد قاد حركة العدل والمساواة إلى المنطقة الكاشفة في “قوز دنقو”.. وهذا جزء من تحركات الرئيس الداخلية بجانب تحركاته الخارجية التي جاءت بتدفقات مالية واستثمارات للبلاد.
{ ما هي رؤيتكم لدور ووضع المؤتمر الوطني في المرحلة المقبلة؟
_ أعتقد أن المؤتمر الوطني بدأ في التقييم الصحيح ولابد له من مراجعة لجانه كافة في المركز والولايات وإعادة هيكلة قطاعاته.. هنالك نقطة مهمة لابد من الالتفات إليها، وهي أن بعض رؤساء الشعب والإدارات تقوقعوا في مواقعهم لأكثر من (15) عاماً يجب تغييرهم. لأن البقاء طويلاً في الموقع يضعف الأداء، ولابد من وجوه جديدة لتبادل الخبرات. وهنالك شكاوى ترد إلى المركز ولم تجد الاهتمام يجب الالتفات إليها، حتى لا يكون هنالك غبن يؤثر على مستقبل الحزب بجانب مراجعة أداء الموظفين وإعادة تقييم التجربة، لأننا منذ الاستقلال حتى اللحظة مرت أكثر من (50) عاماً يجب أن نقف عندها، ونقيّم تجربة الحكم الاتحادي في المركز والولايات حتى تكون الانتخابات القادمة أشد تنافساً بين الأحزاب التي نتمنى أن تندمج في أربعة أحزاب، وتكون ذات برامج مؤثرة وجاذبة للمواطنين، وتصبح الكتل في البرلمان متقاربة في الأعداد.
{ التمرد شبه انتهى في ولايات دارفور ولكن القضية لم تنته.. ألا يولد ذلك حركات جديدة.. وكيف نزيل أسباب التمرد نهائياً؟
-هنالك محوران لإزالة التمرد في دارفور، الأول هو الحوار ولا بديل للحوار إلا الحوار.. والآن الحكومة تمثل الأب والأم والراعي لكل ألوان الطيف من أحزاب وحركات، ولابد أن يتسع صدرها وتحاور الحركات عن طريق شخصيات مقبولة لهم، تقنعهم بأن الحرب قضت على الأخضر واليابس.
والمحور الثاني، أنها تحاور من منطق القوة، وما تبقى من حركات جيوب وشتات ولكن يجب محاورتهم، وأقول للحركات المسلحة العاقل من يتعظ بغيره لأن ما حدث في “قوز دنقو” يثبت أن الحرب ليست (رجالة) لكنها حسابات دقيقة، فتكوين حركة وحشد الدعم والمؤيدين لها سهل، والأصعب هو أن نشاهد أبناء دارفور وبناته يموتون يومياً. فإذا كان هنالك غبن قديم من ضعف التنمية فطريق الإنقاذ الغربي شارف على النهاية.. دارفور تعيش في بركة من المعادن والخيرات وجبل مرة أكبر منطقة سياحية، فلماذا نترك كل هذا الخير ونلجأ للموت، نحن نتطلع لأبناء دارفور العلماء بأن ينهضوا بها في المجالات كافة بدل التمرد، ويجب عليهم الاستفادة من الأرض ولا نترك التمرد يسيطر عليها.. الشعب السوداني يتمتع بصفات لا توجد في أي شعب في الدنيا، ومن هنا أناشد السياسيين وقادة الحركات ورئيس حزب الأمة القومي “الصادق المهدي” أن رسالتهم وصلت والرؤية اتضحت ولا يوجد سبب للاحتراب والاقتتال.
{ هل تتوقع نجاحاً للحكومة القادمة؟
_ أسمي الفترة القادمة للرئيس “البشير” (حصاد السنين) لكل البرامج التي تم التخطيط لها مسبقاً، ولا داعي لورش وخطط جديدة، فقط الاعتماد وتنفيذ الخطط السابقة وتشكيل حكومة من الأقوياء الأمناء حتى يكون السودان دولة قوية اقتصادياً وأمنياً وعسكرياً.
{ هنالك صراع قبلي قديم منذ الثلاثينيات حول الأرض منه صراع المعاليا والرزيقات الذي يتجدد كل فترة؟
_ حقيقة الصراع حول الأرض قديم متجدد وهو صراع نفسي أكثر منه موضوعياً، والإنسان لو كانت له قناعة فإن مساحة سودان بعد الانفصال كبيرة جداً وبها كل الخيرات وتسعنا جميعاً. ولكن “حكاية كل إنسان احتكر الأرض بدعوى أنها لجده أو قبيلته” وهي أرض قفار لا قيمة لها اقتصادياً، فقط أن تبقى للأجيال.. فهذا غير صحيح.. ومشاكل الأرض ليست في دارفور وحدها، لكن في كل البلاد لأن الأرض خلقها الله لنعيش فيها لا أن نتقاتل حولها، ويجب إعادة النظر في ملكية الأرض، ليس في دارفور وحدها لكن في كل البلاد. ونحن دائماً نتوجس ونتحسس من حكاية الأرض ومشاكلها وكل إنسان عنده أرض مورثة لا قيمة لها يجب أن يصلحها ولا يحتكرها، ولابد لنا أن نتجرأ لاتخاذ قرارات شجاعة في مسألة الأرض.
{ هل فشلت الجودية والآليات التقليدية في حل الصراعات القبلية؟
_ الجودية هي إرث طبيعي قديم وتدرس الآن في الجامعات الأوروبية، ويجب أن نفكر في طريقة جديدة ومعاصرة لحل قضية الأرض، والجودية ساهمت كثيراً في حلحلة بعض المشاكل.
{ التزمت الدولة بسداد الديات في بعض الصراعات القبلية لكنها لم تنفذ في الوقت المناسب.. هل ساهم التأخير في تجدد الصراعات القبلية؟
_ حقيقة يجب أن نلتزم بالدين والشرع الحنيف في مسألة الدية والفدية لأنه عندما تدفع عنك الدية للقتل الخطأ وليس لأنك تقتل عمداً أو تعتدي على الغير، وأنا شخصياً أدفع الدية وفق قناعاتي، رغم أن أخي ناظر وصحيح أن الأجاويد قدموا مقترحات لكنها ليست إلزاماً.
{ المؤتمر الوطني ألغى انتخابات الولاة بسبب القبلية والآن سيتم تعيين الولاة من غير أبناء الولايات ونذكر عندما عين الرئيس الراحل “نميري” “الطيب المرضي” حاكماً لإقليم دارفور ثارت الجماهير وتراجع “النميري” وعين “دريج”.. كيف تستقبل ولايات دارفور ولاة من غير أبنائها؟
_ أولاً دارفور تعدّ سوداناً مصغراً وتتوفر القناعة لكل أبنائها وضرورة تعيين الولاة، ومن حق الحاكم أو الرئيس تعيين أية شخصية قومية سواء أكان وزيراً أو سفيراً أو والياً، فلا يمكن أن تكون رئيساً وليست لديك سلطة على الذين هم تحتك.. حتى في الإسلام يتم تعيين حكام الولايات بمراسيم، وأؤكد لك أن أهل دارفور راضون كل الرضا عن تعيين الولاة لأنه جاء برداً وسلاماً. وهنالك بعض الممارسات الخاطئة، وأنا شاهد عيان عليها مُورست فيها أساليب غير سليمة، لا أقول كل الولاة، ولكن بعضهم صار يفصّل المناصب حسب مزاجه.. قرار المؤتمر الوطني قرار صحيح.. ونحن عندما كنا طلاباً في المدارس درسنا أساتذة من المناقل ولاية الجزيرة.. السودان وطن تتمازج فيه كل القبائل وتتصاهر.. وكان في السابق يتم نقل الموظفين لكل الولايات، والبعض عندما يتم نقله إلى دارفور تتضجر أسرته، لكن بعد فترة قصيرة يكونون له لجنة من أجل إعادته لما يجده من تعامل طيب هناك.. وهذا ليس حصراً على ولاية دارفور، بل في كل ولايات السودان، ومعظم القادة الحاليين بالبلاد هم خريجو المدارس القومية (حنتوب)، (خور طقت)، (الفاشر) وغيرها.. لكل هذه الأسباب لا نقدح في الحكم الفيدرالي، ويجب تجويده وتحديد عدد معين للوزراء الولائيين، حتى لا يترك أمرهم للولاة ليفصّلوا بمزاجهم، لتتعافى ممارسة الحكم الفيدرالي.
{ هل إنتاج الذهب في (جبل عامر) ساهم في الصراع القبلي؟
_ طبعاً.. كل ثروة جديدة تصيب المواطنين بالهلع ويتهافت عليها الناس من كل مكان.. وما حدث في (جبل عامر) هو مهاترات بين شباب لا تتعدى أعمارهم (20) عاماً.. وأنا من هنا أحيي الناظر “الجِدي” واللواء “آدم حامد” اللذين بذلا جهداً مقدراً حتى سيطرا على المشكلة وحقنا الدماء.. وغالباً المناطق الطرفية أو البعيدة تحدث فيها تفلتات أحياناً، ورغم أن المصيبة كبيرة إلا أن الإدارة الأهلية بقيادة “أبكورة” وشيخ “موسى” بذلت فيها جهداً مقدراً حتى عادت الأمور إلى نصابها، والآن (جبل عامر) آمن تماماً.
{ كيف تنظر لقضية “موسى هلال” وحلها مع الحكومة المركزية والولائية؟
_ المستشار “هلال” عنده بعض المظالم تجاه المنطقة، وقدم شكاوى واحتجاجات عليها، وقد ذهب لمنطقة (جبل عامر) ونفذ فيها عملاً كبيراً في رتق النسيج الاجتماعي، لكنه كان متأخراً بعد زيارة النائب الأول السابق “علي عثمان محمد طه”، وقال إنه ليست لديه مشكلة شخصية مع والي ولاية شمال دارفور “عثمان محمد يوسف كبر”.. والعكس.