مسالة مستعجلة
هو سبيل الأولين والآخرين
نجل الدين ادم
الموت هو سبيل الأولين والآخرين، أي أن كل نفس ذائقة الموت، ولا مفر منه، فالحياة محطة نعبر بها إلى الدار الآخرة حيث يوم الحساب. ويقول المولى عز وجل عن الحياة في سورة الحديد (اعْلَمُوا، أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ)، ويقول سبحانه وتعالى عن الدار الآخرة في سورة الأعلى (وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى)، أي أن الدار الآخرة أبقى وأدوم من الدنيا فلنسارع للخيرات.
وفي حياتنا أناس اختصهم الله عز وجل بالبصيرة والحكمة فيصور للبعض من عباده الخلص نهاية حياتهم وهذه حكم يعلمها هو، وكم من رجل صالح أو امرأة أحس بنهاية عمره وحدث الناس بذلك، وكم من عبد ودع أهله وصحبه بأنه مسافر إلى الدار الآخرة. وأذكر هنا أن الشيخ الراحل “محمد سيد حاج” كان قد تحدث للمصلين بمسجده وهو يقول لهم ربما تكون هذه (الجمعة) الأخيرة، وقد صدق حدسه ولقي ربه في حادث مروري أليم، له الرحمة والمغفرة. وشيخ “محمد سيد” لمن لا يعرف توفي وعمره في بدايات الأربعين، ولكنه ملأ الدنيا بعلمه وشهرته وقدم من الدروس والعبر ما هو خالد في ذاكرة الكثيرين.
والله يعطي عبده ما يشاء فيمكن أن يعطيك الحكمة والعلم والجاه، وكل ذلك محدد بأجل ولما كان الأجل هو المبتدأ والمنتهى، فإنه سبحانه وتعالى يعين العبد على تنفيذ كل ما كتبه لك، وتجد في الحياة الدنيا من يسعى إلى الفلاح والتفوق وإنجاب البنين وعمل الثروة وكسب الشهرة في وقت وجيز، ليحل بعد ذلك الأجل وتجده قد أنجز كل ذلك بأمر الله في ريعان الشباب، فينتحب الناس ويبكون على مثل هذا الفراق الحار، ولكننا نقول بأنهم ليس بغالين على الخالق.
اللهم لا قضاء في حكمك فأنت تعلم ولا نعلم ونسألك أن تكتب الجنة لعبادك الصالحين الذين رحلوا عنا في ريعان شبابهم وفرقتنا بهم دار الفلاح.
اللهم ربي أسألك أنت تكتب اللجنة لابن عمي الشاب “محمد عبد الله آدم” الذي فارقنا إلى دار أخرى أرحب، فالموت حق والحياة باطلة. الراحل “محمد” كان مهرولاً في حياته كما لو كان على موعد بهذا الأجل، فكانت حياته شعلة من الإنجاز والعطاء تجده دائماً في حالة انشغال يصل الرحم ويبر الأم والأب، ولأن الله قدر له أجله فقد سارع إلى الخيرات وأنجب البنين وضرب في الحياه بحثاً عن كل ما أراد المولى له أن يكون. أبكى “محمد” الجميع وأبكاني كما لم أبكِ من قبل، وصورة ابتسامة الوضاء ما تزال مرتسمة أمامي، “محمد” رحلت ولكنك لن تكون بعيداً عنا سندعوا الله لك بالمغفرة والعفو، وأن يحملك إلى جنات الخلد بقدر ما حملت من صفاء السريرة وحسن الخلق.
ونسأل الله أن تكون البركة في ذريته ليدعو له بالخير، والمواساة لوالدته المربية “سعاد شايب” ولإخوانه وأخواته “شهاب” و”إيهاب” و”اشتياق” و”سيد قطب” و”مهند”، ولأهله أجمعين و(إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ).