النشوف آخرتــــا
رسالة مختارة
سعد الدين ابراهيم
هالني وأقلق مضاجعي خبر أوردته صحيفتكم الغراء العدد (1010) بتاريخ 22 مارس 2015.. بتصريحات السيدة/ وزيرة العمل والإصلاح الإداري عن اتجاه الوزارة لإصدار منشور للاعتراف بالدبلومات النظرية ومعاملتها معاملة البكالوريوس عند مداخل الخدمة.. انتهى (نسأل الله أن يكون ذلك دعاية انتخابية وليس حقيقة تطبق على أرض الواقع).
لا ندفن رؤوسنا في الرمال، فلحملة الدبلومات النظرية نظام (ثلاث سنوات وسنتين) مشكلة حقيقية راح ضحيتها مئات وآلاف الشباب من الطلبة ومازال السيل مندفعاً وبقوة دون حساب لعواقبه.. فجميع الجامعات الآن حكومية وأهلية لجأت إلى فتح أفرع لها في شتى بقاع الأرض لمنح تلك الدبلومات.. والغرض الحقيقي منها ليس تأهيل الطلبة وإعدادهم للمستقبل.. لكن هدفها الأول هو دعم مواردها المالية.. وهذه حقيقة يجب ألا تنكر.. وتمخض عن ذلك ما نراه الآن من ضياع لمستقبل الشباب وإهدار زمنهم وطاقتهم في دراسة لا طائل منها.
فالأصل في هذه الدبلومات كانت في السابق حكراً فقط على (المعهد الفني.. الآن عدة جامعات ومعاهد) وكانت وضعية خريجيها معروفة ومقننة ولها هيكل وظيفي يستوعبون فيه.. وذلك عكس ما نراه الآن تماماً.. فجميع خريجي هذه المعاهد دراستهم نظرية بحتة والأدهى والآمر ما تسعى إليه الآن وزارة العمل بإقدامها على الاعتراف بحملة تلك الدبلومات ومعاملتهم معاملة حملة البكالوريوس عند التعيين بمداخل الخدمة العامة.
من حيث المبدأ لا أعتقد أن وزارة العمل والإصلاح الإداري من بين صلاحياتها واختصاصاتها ما يمنحها الحق في الاعتراف بأي شهادة أو تقييمها.. إذ إن هذا الأمر من صميم سلطات وصلاحيات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وهي السلطة الوحيدة في الدولة لا سواها في تقييم الشهادات العلمية أيا كانت والاعتراف بها في إطار ما لديها من أسس وضوابط.. ومن ثم معادلتها وتحديد المستوى الوظيفي الذي يناسبها.
وإقدام وزارة العمل باتخاذ أي إجراء مخالف لذلك سيؤدي إلى عواقب وخيمة ستهز مرتكزات التعليم في الدولة.
دعونا من كل ذلك من حيث المنطق وإذا حكمنا صوت العقل كيف تعادل شهادة الدبلوم (ثلاث سنوات وسنتين) بمؤهل البكالوريوس الذي يدرس (أربع سنوات وخمس) بالمساواة في مستوى وظيفي واحد في مدخل التعيين في الخدمة.
السؤال الذي يفرض نفسه ماذا قدمت وزارة العمل لحملة درجة البكالوريوس لتضيف إليهم حملة شهادة الدبلومات لينافسوهم كخريجين جامعيين في مداخل الخدمة العامة؟؟
علينا جميعاً الانتباه وقبل فوات الأوان إلى مراعاة الاهتمام بالكيف قبل الكم في التعليم العالي.. هذا الكم الذي أفرز لنا مآسٍ يقشعر البدن من البوح بها.. وإذا استمر الحال بهذا المنوال ستكون الطامة الكبرى بهدم الركن الأساسي المكون للدولة.
وفي ذلك يلقننا التاريخ إذا أردت تدمير وتحطيم دولة ما فما عليك إلا بالتالي:
أولاً:- البدء بتخريب التعليم
ثانياً:- إنهاء خدمتها المدنية
ثالثاً:- وضع الشخص في المكان الذي لا يناسبه
اللهم هل بلغت فاشهد.. ود السيد علي.. ديواني مخضرم.. أم درمان.