تقارير

تخصيص أكثر من مليار دولار لتقديم العون لأكثر من (5) ملايين نازح

في يوم خاص بالنسبة للأمم المتحدة والمانحين
تدشين خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في السودان 
تقرير- إيمان عبد الباقي
(هذا يوم خاص بالنسبة لنا).. بهذه العبارة بدأ ممثل المانحين “ماتريس اندريو” حديثه خلال حفل تدشين خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في السودان لعام 2015م المشتركة بين الأمم المتحدة والحكومة السودانية، بقاعة الصداقة بالخرطوم أمس (الثلاثاء)، والتي تهدف، حسب تقديرات الأمم المتحدة، لتقديم العون لحوالي (5,4) مليون شخص من النازحين بولايات دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، ومناطق بالولايات الشرقية، والنازحين من أبناء دولة جنوب السودان بتكلفة كلية للخطة تقدر بـ(1,1) مليار دولار، يخصص منها مبلغ (720) مليون دولار للمشاريع ذات الأولوية القصوى. وأفصحت عن توفير الشركاء المانحين لمبلغ (280) مليون دولار للغذاء والدواء حتى الآن، وناشدت بقية المانحين توفير مزيد من الدعم لتغطية تكاليف الخطة. وأقرت الأمم المتحدة بصعوبة وصول المساعدات الإنسانية لبعض المناطق المتأثرة، ولفتت الانتباه إلى تزايد الاحتياجات الإنسانية مقابل قلة الموارد.
{ عمل غير منحاز
أكد منسق الأمم المتحدة المقيم للشؤون الإنسانية “المصطفى بلمليح” أن الخطة المشتركة تهدف إلى المحافظة على الأمل لدى النازحين من الرجال والنساء والأطفال بتوفير الاحتياجات الضرورية لهم بما يمكنهم من التعايش والاستمرار، بالتنسيق مع الحكومة والمنظمات الوطنية والأجنبية لدعم أكثر من أربعة ملايين نازح بدارفور وجنوب السودان لتوفير الصحة، التعليم والغذاء، مشيراً إلى وجود حالات إنسانية تحتاج إلى عون طويل المدى. وقال: (لذا في هذا العام نحتاج إلى دعمكم، خاصة وأن الأمم المتحدة تواجه قضيتين أساسيتين في السودان، وجود الصراع أدى استمرار حالة النزوح لفترات طويلة خاصة في دارفور تطاولت ووصلت إلى عامها الثاني عشر، وفي المنطقتين “جنوب كردفان والنيل الأزرق” بسبب الصراعات العرقية والقبلية، فضلاً عن نزوح أبناء الجنوب نحو السودان.. والقضية الثانية تتمثل في نقص الغذاء وسوء التغذية)، لافتاً إلى معاناة (500) ألف طفل من سوء التغذية، الذي حذر من تأثيره على المدى الطويل بالتسبب في التقزم وضعف البنية. ونبه بلمليح إلى انتشار مرض (الحصبة)، داعياً الشركاء والمنظمات الوطنية والأجنبية إلى التدخل بالتنسيق مع الصحة العالمية و(يونيسيف) اللتين تعملان  لاحتواء المرض. وقال إن الحاجة الإنسانية لا تتعلق بمناطق الصراعات فقط وإنما هناك حاجة في بعض المناطق القريبة من الحدود الجنوبية والولايات الشرقية كولاية كسلا، حيث نسعى لتنمية قدراتهم، وأكد عملهم مع الحكومة ممثلة في المفوضية والسلطات المختصة للوصول إلى المتأثرين بجانب توفير الأمن وحماية العاملين في المجال الإنساني، خاصة وأن العمل العسكري لا يسمح بذلك (لذا نحن ننظر لطرق أخرى لتوصيل العون للمحتاجين أينما وحيثما كانوا) حتى يصبح المستضعفين أقل ضعفاً، فهو (عمل غير منحاز) لأية جهة.
وأبدى “بلمليح” امتنانه للمجتمعات السودانية خاصة مناطق جنوب كردفان التي استضافت أبناء دولة الجنوب في منازلهم وعاملتهم كأخوة سودانيين بمشاركتهم لقمة العيش والسكن، (لذا نحتاج لدعمكم في السودان).
{ مشاريع للحد من الاتكالية
أكد المفوض العام للعون الإنساني “أحمد عمر” التزام الحكومة السودانية بتسهيل انسياب المساعدات الإنسانية وتبسيط الإجراءات، وقال إن الخطة تم إعدادها عبر لجنة مشتركة بين الجانبين، مؤكداً تحسن الوضع الإنساني عن العام الماضي حيث استهدفت خطة 2014م ستة ملايين شخص مقارنة بـ(5,400) مليون شخص للعام الحالي، مشيراً إلى أن عدد النازحين من دولة الجنوب (322) شخصاً عالقين في الجنوب، وأوضح أن عدد الجنوبيين في الخرطوم (135) ألفاً و(92) ألفاً بالنيل الأبيض، وتوقع زيادة العدد إلى (350) ألف شخص بنهاية العام. وقال: (نرجو أن تتحسن الأوضاع في الجنوب حتى لا يسوء الوضع)، مشيراً إلى أن الخطة تستهدف إيجاد حلول دائمة ومشاريع مستدامة لتقليل الإغاثة والمساعدات المباشرة، وحتى لا يحدث ما سماه بـ(الاتكالية)، مؤكداً أن العام القادم سيشهد تحولاً كبيراً في نوعية المساعدات، وتعهد بمتابعة تنفيذ الخطة وقياس أثر المساعدات على المجتمع.
وأقر المفوض بأن تأخر إعلان الخطة في العام الحالي جاء من الجانب الحكومي بوصفها خطة غير تقليدية، تم فيها إشراك الحكومة، بجانب وجود مسائل فنية أخرى تتعلق بالطرفين. ونفى تلقي الحكومة أي شروط حول التمويل من الأمم المتحدة أو المانحين، مؤكداً أنه عمل مشترك بين الأطراف كافة، مبيناً أن التمويل قد يأتي في شكل مواد غذائية ومواد إيواء.
{ لا يمكننا التصدي لكل الاحتياجات
أوضح رئيس مكتب المساعدات الإنسانية للأمم المتحدة “أوشا ايبو” أن عدد (112) من الشركاء يعملون معاً لسد الفجوات (50%) منظمات أجنبية و(11) وكالة للأمم المتحدة للقيام بـ(350) مشروع أعدت بالتشاور مع الوزارات السودانية المختصة. وقال إن المبلغ المحدد قد لا يغطيها بالكامل، لذا لابد من وضع الأولويات خاصة وأن العمل يتسم بالتحدي، موضحاً أن الخطة تستهدف التصدي لأمرين الأول يتعلق بالعنف الذي يتسبب في النزوح والثاني الغذاء وسوء التغذية، وأضاف: (لدينا خطة لتوفير الاحتياجات الأكثر حدة لـ”500″ ألف طفل في دارفور والأسوأ منها في ولاية شمال دارفور بنسبة “50%”، بجانب وجود “900” ألف طفل في السودان يحتاجون لتعليم جيد، ووجود مليوني شخص يحتاجون لماء الشرب الصالح والصرف الصحي)، لافتاً إلى توفر (280) مليون دولار من المانحين حتى الآن. وقال: (سنخصص مبلغ “200” مليون دولار للجنوبيين من التكلفة الكلية البالغة أكثر من مليار دولار). وأضاف: (سنضع الأولويات بصورة حازمة حتى نغطي الاحتياجات الأهم، وجدد دعوته للمانحين  للمساعدة في رفع المعاناة وإحداث فرق في حياة المحتاجين).
{ التزام تجاه السودان
جدد ممثل المانحين “ماتريس اندريو” التزام المانحين نحو تقديم المساعدات للسودان، وقال: (السودان من الدول التي لها الأولوية في المساعدات، إضافة إلى سوريا والنيبال وغيرهما)، وأضاف: (رغم الأموال “الشحيحة” لكن يحاول المانحون توظيفها لمجابهة الأزمات في العالم، لذا نحتاج إلى دراسة في الأمر، لكن هناك التزام وإجماع عام من جانبهم تجاه السودانيين المحتاجين للمساعدات. ولا ننسى أن نذكر أن حكومة السودان تتحمل المسؤولية أيضاً ليكون الدور مكتملاً). وزاد: (هناك تمحيص ومحاسبة في الدول المانحة تجاه المستفيدين في السودان، ونحن ندرس الوثيقة لتقديم الأفضل وندين بالشكر لعمال الإغاثة الذين يخاطرون بحياتهم ونعدّ اليوم يوماً خاصاً).
{ التحدي في التنفيذ
أقر الرئيس المناوب للآلية الوطنية بالأمم المتحدة د. “محمود فضل الله” بأن التحدي الحقيقي في الخطة يكمن في التنفيذ، مشيراً إلى أن الآلية لعبت دوراً مهماً في إعداد الخطة، مبيناً أن العدد المستهدف (5) ملايين و(400) ألف شخص، وإقامة (349) مشروعاً لتغطية (11) قطاعاً، وأشار إلى أن عدد المنظمات الوطنية (54) والأجنبية (58) منظمة، فيما تشارك الآلية بنسبة (45%)، ودعا المانحين والدول الشقيقة والصديقة إلى تقديم الدعم المطلوب لإنجاح الخطة والوصول إلى العدد المستهدف.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية