دق الإضينة!
يبدو أن بعثة الاتحاد الأوروبي بالخرطوم تظن أن (القنابير) على رؤوس السودانيين من عموم الناس والمواطنين، وإن ظنت أنها يمكن أن تضعها على رأس وزارة الخارجية ، فلا بأس لكنها لن تنجح إطلاقاً في إقناع أي شخص بما تحاول إقناع الآخرين به، وبما يفيد أن الاتحاد الأوروبي والترويكا المتممة، له تريد خيراً بالسودان، لأنه ببساطة كيان منحاز ومتحيز وغير عادل ومنصف ولا يحترم مواقفه. وقد ضحكت والله من بيانه الذي صدر عقب اجتماعه بوزارة الخارجية تم الزعم فيه أن وجهات النظر قد استعرضت! من جانب سفير الاتحاد الأوروبي “توماس يوليشني” حول الانتخابات وموقف الاتحاد الأوروبي منها.
“يوليشني” قال بأن البيان الصادر من السيدة “فريدريكا موغريني” الممثلة العليا للعلاقات الخارجية والشؤون الأمنية للاتحاد الأوروبي حول الانتخابات، صدر بالنيابة عن الدول الأعضاء الثمانية والعشرين في الاتحاد الأوروبي، حيث عبروا عن موقفهم الموحد والمشترك حول الانتخابات السودانية، والحاجة إلى استئناف الحوار الوطني واحترام حقوق الإنسان، مضيفاً أن التزام الاتحاد الأوروبي لشعب السودان لا يتزعزع، وأنه واثق من أن بيان الاتحاد الأوروبي لن يؤثر بشكل كبير في العلاقات مع السودان!
لست أدري كيف تحمل ممثل وزارة الخارجية السودانية هذا الهراء، أليست حقوق الإنسان هذه تشمل حفظ دماء المدنيين والأبرياء الذين قتلتهم الجبهة الثورية، وصواريخ قصف قطاع الشمال في “كادوقلي” و”هبيلا” و”أم حيطان”، أم أن هؤلاء ليسوا بشراً ولا يحصون ضمن تعريف الإنسان الذي له حقوق، وقد عجز الاتحاد الأوروبي وأصابه الصمم والعمى عن إدانة ذاك ولو بمجرد بيان. ولا اعتقد أنه يفتقر إلى الدبلوماسيين الذين يمكن لأي منهم صياغة بيان يدين فيه الأعضاء الثمانية والعشرون، جرائم المتمردين السودانيين الظاهرة والتي لا تحتاج حتى لمراقبة وتحقق لأنها ببساطة تتم بإعلانات لاحقة من المتمردين أنفسهم.
إن بعثة السيد “يوليشني” وسمت الاسم ايطالياً إن صح حدسي، تمارس مع الخرطوم ببساطة مبدأ (دق الإضينة واعتذر لو)، فهي تأتي لتنتقد ممارسة ديمقراطية سلمية مثل الانتخابات والتي في أسوأ أحوالها لن تكون جريمة تستحق الشجب، وتصمت بالمقابل عن أعمال عنف وقتل لو أن أقل منها وقع بأي من أمصار دول أوروبا أو الترويكا لناحت الدبلوماسيات والمنابر، ولأقيمت الصلوات وأضيئت الشموع، ولكن مواطني جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور ممن تقتلهم الحركات المسلحة المتمردة، وكما قال “صلاح أحمد إبراهيم” (لو أنّهم … حزمةُ جرجير يُعدُّ كيْ يُباع ، لخدم الإفرنج في المدينة الكبيرة، ما سلختْ بشرتهم أشعةُ الظَّهيرة، وبان فيها الاصفرارُ والذبول، بل وُضعِوا بحذرٍ في الظلِّ في حصيرة، وبلَّلتْ شفاههُمْ رشَّاشَةُ صغيرة، وقبّلتْ خدودهم رُطوبةُ الإنْداءْ، والبهجةُ النَّضيرة.
ولو أنهم كانوا مواطنين في فرنسا أو ايطاليا أو أمريكا لكان السيد “يوليشتي” هذا مندداً بعنف وقسوة، ولدخل وزارة الخارجية في البلد المعين يحثو التراب على رأسه حزناً ونواحاً!