من وحي الأخبار

الترويكا !!

أنشطة الترويكا في السودان قديمة، خاصة في الفترة التي سبقت وأعقبت اتفاقية السلام الشامل، لكنها وبكل صراحة لم تتجاوز وصول وفودها للخرطوم وإصدار البيانات وبذل الوعود بالعون والسند في كل محطة من محطات التطور بالبلاد على صعيد الحرب والسلام. الترويكا لم تقدم شيئاً عقب “نيفاشا” ولم تبذل أمراً عقب اتفاقية “أبوجا” ثم “الدوحة” لاحقاً، بل على العكس ظلت دول أساسية فيها الحاضن الأكبر للمتمردين، تيسر تنقلاتهم وتعطيهم الغطاء الإعلامي والسياسي وغير قليل من المنابر، إلى درجة أن جلوس حملة السلاح بدارفور وجنوب كردفان مع برلمانات وخارجيات الدول الأوربية، أكثر وأسهل من إتاحة ذات الأمر لوفد حكومي من الخرطوم. 
قلت هذا حرفياً في يونيو الماضي حينما نهضت الترويكا ببيان حول الحوار الوطني أدانت فيه الحكومة وامتدحت  القوى المناهضة للحوار الوطني، وانظروا الآن ماذا حل بهذا الحوار خاصة في شق إقبال أحزاب الترويكا السودانية عليه، إذ قالت الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج، إن الحكومة ونحن نتحدث عن بيان عمره نحو العام حالياً،  تتخذ  إجراءات أدت لإثارة الشكوك حول مصداقية الحوار الوطني، خاصة فيما يلي مواصلة الحكومة شن الحرب واستهداف المدنيين بجنوب كردفان والنيل الأزرق. والمفارقة هنا أن “واشنطن” التي تجعل الصومال سقفاً لأمنها القومي لدرجة القتال فيه تعيب على الخرطوم القتال ضد متمردين في جنوب كردفان!!.
أن تستدعي الخارجية السودانية سفراء الترويكا عقب بيان الأخيرة عن الانتخابات فهو إجراء عادي، ولكن المهم معه فحص منهجية الترويكا هذه إذ دوماً تأتي بمواقف معاكسة، دوماً ودائماً تصنع الأجواء غير المناسبة وكأنها تتعمد إفشال أي مشروع سياسي بالداخل لصلاح السلام والديمقراطية، وقد نبشت الأرشيف والأسافير لكي أجد (كلمة طيبة) عن السودان لهذه المجموعة فلم أجد، وحدث هذا في كل المناسبات والمواقيت ولا أقول قطعاً إن على الترويكا البصم على مواقف الخرطوم، ولكنها على الأقل ينبغي أن تتحلى بالتوازن والموضوعية والحياد غير الضار،  ولكنها تبدو الآن أقرب ما تكون إلى توصيف العدو والخصم المتربص.
ويبدو والله أعلم أن الأمر بحاجة إلى معالجة وتواصل ما مع دول وحكومات الترويكا، فعدا واشنطن العضو المعروف بمواقفه السالبة والبغيضة، لا تبدو أن مواقف النرويج وبريطانيا في سياقات التواصل الدبلوماسي والسياسي بذات حدتهما وتطرفهما وهما داخل المجموعة، بمعنى أنهما في حالة كونهما بلدين خارج هذا الإطار لهما مواقف معتدلة إلى حد وليست عدائية ولكنهما في حالة (الترويكا) ينضمان إلى مسيرة شيطنة السودان المجيدة!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية