مسألة مستعجلة
بئس المعارضة!!
نجل الدين ادم
لا يختلف اثنان أن عملية الانتخابات العامة في البلاد عبرت يومها الأول (أمس) بسلام دون أية عرقلة تذكر إلا من بعض العثرات الطفيفة والإقبال المتواضع للناخبين على المراكز، خاصة في الخرطوم.. الكل كان يخشى ما يخشى من اليوم الأول، كيف لا وقطاع الشمال ظل يرسل تهديدات مسبقة بأنه سيستهدف العملية الانتخابية في جنوب كردفان والنيل الأزرق، ومعارضة الداخل تتبنى في المقابل حملة للتحريض على مقاطعة الانتخابات اختتمتها أول أمس بدعوة صريحة لاعتصام مناوئ للتصويت تنادت له قيادات وقواعد المعارضة في دار حزب الأمة القومي بأم درمان.. والمحصلة كانت فشل هذا التجمع، نسبة لعدم حضور قيادات الأحزاب المعارضة باستثناء “فاروق أبو عيسى” و”فرح إبراهيم العقار” و”صديق الصادق المهدي”، حيث إن الحضور لم يتجاوز الـ(200) شخص، حسب ما أورد الزميل “عقيل أحمد ناعم” في عدد الصحيفة أمس، وانفض السامر بعد ذلك دونما نتائج!! وقد سبق ذلك دعوة اللجنة التنسيقية لقوى نداء السودان للتجمع (الجمعة) الماضية بمسجد السيد “عبد الرحمن” بود نوباوي للتعبئة المناهضة لم يشهد هو الآخر إقبالاً جماهيرياً.. تلته دعوة للاعتصام بدار الأمة (السبت) الماضي ولم يتجاوز الحضور فيها العشرات!!
إنه لمن مفارقات السياسة أن تدعو المعارضة باسم الديمقراطية إلى تعطيل حق دستوري للمواطن وهو الانتخاب وهي تطلب منه مقاطعتها.. الأصل في الديمقراطية أن تدعو الشخص لممارسة حقه الدستوري وليس العكس، وكان طبيعياً أن تفشل هذه الحملات غير المنطقية، كيف لا وقيادات الأحزاب المعارضة تنأى بنفسها ولا تتكلف عناء الحضور لتنفيذ ما اتفق عليه، والمثل يقول (البكا بيحررو أهلو).. إذن أين أهل مقاطعة الانتخابات – البكاءون؟!
هذا الموقف أعاد إلى ذاكرتي واقعة خذلان المعارضة من قبل لسكرتير الحزب الشيوعي السابق الراحل “إبراهيم نقد” عندما قرروا جميعاً الاحتشاد في ميدان (أبو جنزير) كتعبير عن معارضة الحكومة، لكن “نقد” وجد نفسه وقتها في الواجهة ولم يحضر شخص من قيادات المعارضة حسب ما اتفقوا عليه، فأخذ يومها (كرتونة) وكتب عليها عبارة (حضرنا ولم نجدكم)، وكانت تلك رسالة دبلوماسية من زعيم الحزب الشيوعي إلى رفاقه بأنكم أخلفتم الوعد وتخاذلتم، لذلك لم يكن مستغرباً أن تفشل ثلاث دعوات للاعتصام والاحتشاد ضد قيام الانتخابات وتحريض المواطنين على مقاطعتها.. لكم أن تدعوا قواعدكم بذلك، لكن دعوا المواطن البسيط ليعبر عن ما يريد ويرفض من يرفض ويصوت لمن يشاء.
مسألة أخيرة.. حسب قراءة مجريات التصويت والاقتراع في اليوم الأول، فإن المخاوف قد تبددت بشكل كبير خاصة في الولايات الملتهبة شيئاً ما.. عليه أتوقع أن يشهد اليوم إقبالاً كبيراً من المواطنين.. وهنا أقول إن الإجازة التي قررها مجلس الوزراء لم تكن موفقة على الأقل من وجهه نظري المتواضعة، وأحسب أن حالة الربكة التي أحدثتها أثرت في نسبة الإقبال، وكان الأفيد لمجلس الوزراء والمفوضية أن تكون العطلة في اليوم الأخير بدلاً عن يوم أمس، سيما وأنهما يعلمان أن السودانيون بطبيعة حالهم يميلون لإنجاز أعمالهم في اليوم الأخير.. نأمل أن يوفق كل راغب في التصويت في الوصول إلى صناديق الاقتراع.