سودانيون نعم
قلت من قبل وأكرر؛ لهذا الشعب السوداني المهيب تقديراته وآلية عبقرية يدير بها وحدة موازين القسط والعدل حين إصدار أحكامه، وأعتقد أن المعارضة ـ إلى حد ماـ تبدو فاشلة في فك تلك الشفرة، والحكومة كذلك وإن كانت الثانية تستفيد من عثرة الأولى! شواهد كثيرة بنت عليها المعارضة مواقفها متخذة من الخيالات مورداً للوقائع ومن ثم أنتجت تحليلات خاطئة قادت بالضرورة لقرارات خاطئة.
أمس (الاثنين) بدأ الناخبون الاقتراع في الانتخابات السودانية التي زعمت المعارضة أنها ستكون محاصرة بالرفض الشعبي وهو ما لم يحدث قياساً على واقع يوم الاقتراع الأول وهذا قياساً تلمسته شخصياً وتتبعته بالحضور الشخصي والاستفسار عن ثقات في الخرطوم وأطراف المدن، مستوى المشاركة ولكل تقديره يشير عندي لنقطة جوهرية تقول إن المقاطعة فشلت وعلي المعارضة أن تبحث لها عن مشروع سياسي ومشروعية أخرى.
الشعب السوداني لا يقاس رأيه وموقفه عبر أنشطة (تويتر) و(الواتس) و(الفيس) ذاك واقع طابعه غير ملزم وهو فضاء لا يمنحك حكماً أو عقداً على جهة وللأسف فإن المعارضة التي لم تعد تملك جمهوراً وأنصاراً، اكتفت بأسماء وهمية ظنت معها أن الأمر قد دان لها، في الوقت الذي نشطت فيه الأحزاب المشاركة في التواصل مع عضويتها قلت أم كثرت، فحلقت الناخبين ورتبت قواعدها نشطوا من المؤتمر الوطني وحتى الاتحاديين وأحزاب الأمة وفصائل اتفاقيات السلام فغلبت كثرة الفعل الجاد للمشاركين على سلبية المقاطعين.
للبعض حتماً مآخذ على الحزب الحاكم وشركائه وعلى مسيرة الحكم واتجاهات السلطة وهذه عيوب تصلح بالمنازلة الديمقراطية بالانتخابات وغيرها ولكن المعارضة اتخذت مسار الفعل العاجز فكان طبيعياً أن ينصرف عنها الناس فهي لم تقدم سوى العويل والشتائم ومناصرة حملة السلاح الذين بحماقاتهم كانوا من أسباب الدفع لنجاح الانتخابات فقد استفز حملة السلاح الشعب السوداني الذي تنال حقه بالحسنى ولكن إن مارست عليه الترهيب أراك من نفسه عزة تهز الجبال الراسيات.
الانتخابات في اليوم الأول شكلت دفعاً معنوياً للمؤمنين بها وهذا سيحسم في تقديري قلة المترددين وأتوقع أن تشهد بقية الأيام إقبالاً أوسع وهو ما سيعني القول بكل سلامة للحكومة مبارك ومبروووك، وللمعارضة (هاردلك) .
هذا شعب عظيم، الأشياء عنده فرق وفرق كبير.