المشهد السياسى
وبعد الصمت كلام..!
موسى يعقوب
منذ منتصف ليلة (الجمعة) دخلت الدعاية الانتخابية والمنافسة الكلامية بين المرشحين في حالة (صمت) تسبق الاقتراع والإقبال على صناديقه ،كما قالت المفوضية العامة للانتخابات. ونحن في كلامنا اليوم بعد الصمت لا نخرج عما أمرت به المفوضية، ولكننا ككُتاب رأي ومتابعين للأحداث وإلى حد ما موثقين لها نتناول القضايا التي لا علاقة لها بالدعاية الانتخابية.
وفي هذا السياق نقول: كان قرار السيد وزير العدل ممثل السلطة بإطلاق سراح السادة “فاروق أبو عيسى” و”أمين مكي مدني” و”فرح عقار” بعد اعتقالهم لفترة أربعة أشهر ودخولهم في محاكمة طالت جلساتها وطال الجدل فيها بين الاتهام والدفاع.
القرار أعلاه بتقديرنا وبعد أيام تدخل البلاد في الانتخابات العامة والدستورية الرئاسية والتشريعية ولا يعلم بعد ما ستنتهي إليه الأمور، جاء على النحو الذي رأينا، فالسلطة (وهذا ما نرى) ،لا تريد أن تترك الملفات معلقة ومنها ملف الأستاذ “أبو عيسى” ورفيقيه.. ولو قدر لها أن تعود إلى ما سبق عليه الحال مرة أخرى.. ولا تريد من ناحية أخرى أن يسبقها إلى الفضل غيرها..!
إن إطلاق سراح “أبو عيسى” وإن كانت الحملة الانتخابية قد انتهت ولحقت بها فترة صمت، إلا أنه تقدير سياسي ليس بعيداً عن العملية الانتخابية.. شأنه شأن اجتماع مجلس الوزراء الأخير الذي دعا له رجال الإعلام والصحافة واتخذ فيه قراراً بشأن مصفوفة من الإصلاحات والمراجعات التي بُدء النظر فيها منذ العام الماضي والترتيبات القانونية والعامة بشأن الانتخابات تجري على قدم وساق، فالسلطة – وهكذا أمر، بدأت في جرد حساباتها وتقدير حالها في السابق عبر تقرير لجنة برئاسة السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية، أدلت بما لديها بتفاصيله الشاملة في الجلسة المذكورة التي رأسها السيد رئيس الجمهورية – المشير عمر حسن أحمد البشير.
لقد أجاز مجلس الوزراء في جلسته المشهودة إعلامياً تلك تقرير لجنة الفريق “بكري حسن صالح” وتبعتها بالضرورة لجنة عليا للمتابعة، وبغض النظر عما سينتهي إليه الحال انتخابياً إلا أن حزب المؤتمر الوطني – الحزب الحاكم لفترة طويلة ويتطلع إلى أن يعود للسلطة مرة أخرى – يُعنى ويهتم بالرؤى السياسية والإدارية وغيرها كما جاءت تفاصيل ذلك في التقرير إياه.
إن القرارين اللذين تطرقنا إليهما في ما بعد الصمت الانتخابي وهما:
– إطلاق سراح الأستاذ “أبو عيسى” ورفيقيه.
– وما دار في جلسة مجلس الوزراء الأخير وهو تقرير لجنة الفريق “بكري”.
يدعمان فكرة أن الانتخابات التي تجرى ترتيباتها وإجراءاتها الآن وبعد خمسة وأربعين يوماً من المنافسة عليها _ آلية الحسم) في مرحلة سودانية جديدة ألقى بدلائه فيها الكثيرون من ممثلي الأحزاب والمستقلين.. بدء برئاسة الجمهورية ثم المواقع التشريعية القومية والولائية.
وما لا يقل ذكراً هنا أيضاً.. هو أن آخرين من الذين يخوضون الانتخابات بعد غدٍ وقد أشرنا إليهم قالوا ما عندهم وطرحوه بقوة وعنف في بعض الأحيان، ويشكر للأجهزة الإعلامية (مسموعة ومرئية) أنها أتاحت لهم ما لم يكن متاحاً لهم.. ونعني به الوصول إلى المستمع والمشاهد السوداني في كل مكان تقريباً.. ذلك أنهم وصلوا بأفكارهم ورؤاهم المختلفة إلى الناخب السوداني، وما بقى (متروك) إلى ما يخرج به صندوق الاقتراع من ناتج ومخزون أصوات هو المحصلة آخر النهار.
المتنافسون من ممثلي الأحزاب والمستقلين – وهكذا أمر _ أضافوا إلى السياسة ورؤاها عبر برامجهم وأطروحاتهم الكثير الذي سيكون له مردوده إذا ما تجسد آخر النهار في كسبهم للرئاسة أو الدوائر التشريعية القومية والولائية بأشكالها المختلفة.
ذلك أنه عندئذٍ لا تكون جهودهم قد ذهبت (مع الريح) كما يقولون – لا سيما وأن العملية الانتخابية التي ستبدأ يوم غدٍ (الإثنين) مرتبة ومنظمة ومؤمنة ومراقبة بما فيه الكفاية وحرصت على أن يحصل كل على حقه بالكامل.
انتخابات 2015 تحتاج إلى مزيد من القراءة وتحليل عائدها الموضوعي وبخاصة عندما يصل الناخب إلى صندوق الاقتراع ويدلي بصوته.. ويدخل المختصون في المفوضية ومن يفوضون في عملية جرد الأصوات وإعلانها على الملأ.. وذلك ما ننتظره جميعاً.. وسيكون مسك الختام.