إجلاء العالقين.. عقبات ومخاوف بعد رفض هبوط الطائرات الأجنبية
السودانيون القادمون من اليمن حتى الآن عشرة فقط!
الخرطوم ــ الصادق الطيب
إجلاء رعايا دول التحالف من اليمن في الوقت الراهن شكل تحدياً كبيراً لهذه الدول التي أصبح مواطنوها على مرمى حجر من القذائف والهجمات بجانب التهديدات التي تحيط بها من جانب جماعة الحوثي، كردة فعل عنيفة ضد التحالف. وقام عدد من الدول بإجلاء رعاياها بنسب متفاوتة. والسودان واحد من هذه الدول التي بذلت جهوداً كبيرة وحثيثة عبر الجهات المختصة المتمثلة في وزارة الخارجية وجهاز تنظيم شئون السودانيين العاملين بالخارج للتمكن من إكمال عملية الإجلاء بسلاسة ويسر تحت متابعة وإشراف مباشر من القيادة العليا في الدولة، وتم تشكيل غرفة طوارئ لتنفيذ عملية إجلاء السودانيين باليمن ووصل منهم إلى مطار الخرطوم حتى الآن عشرة مواطنين فقط من جملة خمسة آلاف سوداني ، يمثلون جماع المواطنين المتفرقين فى بقاع عديدة من دولة اليمن.
ولاستجلاء الواقع على الأرض قامت (المجهر) أمس الأول بجولة داخل جهاز المغتربين الذي كانت الحركة فيه تضج بأعداد كبيرة من المواطنين بغرض الإجراءات إضافة لمجموعة من ذوي العالقين الذين انقطعت أخبارهم منذ بداية اشتعال الأوضاع.. ووجدت الصحيفة أن عمل اللجنة تكتنفه حالة من التكتم حيث يستقبل أعضاء اللجنة الاتصالات من اليمن عبر الهاتف في إطار التواصل مع السفارة والسودانيين العالقين هناك، كما تتلقى اللجنة استفسارات ذوي العالقين بصنعاء وبقية المدن بغرض الاطمئنان عليهم مما يشكل مصدراً للجنة تستقي منه المعلومات عن العالقين ، خاصة الذين لم يكونوا ضمن المسجلين. أما الأمين العام فلم تتمكن الصحيفة من مقابلته نسبة للعمل الدءوب الذي ينوء به المكتب ، لا سيما في هذه الأيام التي شهدت خطباً ألم بعدد من أبناء البلاد بدولة اليمن ، من الذين تقطعت بهم السبل في أرضة الحكمة اليمن. وبالتالي لم يتسنَّ للصحيفة أن تقف على آخر ما استجد من تطورات، وآخر ما توصلت إليه الجهات المختصة ، وما انعقد عليه الرأي لإجلاء الكرب عن عدد مقدر من السودانيين.
عقبات عديدة اكتنفت عملية إجلاء الرعايا السودانيين باليمن، وغيرهم من الرعايا إن لم يكن تم نسف العملية بالكامل، ففي بادئ الأمر أشارت وسائل الإعلام الى أن الحوثيين قاموا بمنع طائرة سودانية في مطار صنعاء من نقل المواطنين السودانيين الراغبين في العودة إلى البلاد، تبعها قيام الحكومة اليمنية بإيقاف الأمر ومنع هبوط وإقلاع أي طائرة عبر مطارات اليمن. مما أضاف أعباء ثقيلة الى غرفة العمليات المنوط بها إنفاذ وتنفيذ الإجلاء، وجعل ذلك التطور الباب مفتوحا لعدد من الأسئلة عن ما إذا كان الخيار الجوي المباشر لنقل المواطنين العالقين بصنعاء إلى الخرطوم أضحى هباء منثوراً، وهل هناك توجه لاختيار خيارات أخرى بديلة مثل خيار البر، أم أن ترحيل السودانيين عبر جيبوتي والبحر، هو الذي يلوح في الأفق للجهات المختصة التي سبق أن رشحت أنباء سابقة عن إمكانية ترجيح خيار جيبوتي؟.
الأمين العام لجهاز تنظيم شئون السودانيين العاملين بالخارج السفير “حاج ماجد سوار” قال في حوار صحفي أمس الأول (الاثنين) في رده على العقبات التي تقف حجر عثرة أمام انسياب عملية ترحيل ونقل المواطنين السودانيين إلى البلاد، قال: (معظم شركات الطيران اعتذرت لأن عملية الهبوط والإقلاع غير مضمونة بالنسبة لها وفوراً تحركنا لبدائل أخرى منها الإجلاء عن طريق البر). وأكد اهتمام الدولة في أعلى مستوياتها بالسودانيين في اليمن، مشيراً إلى أن رئاسة الجمهورية تتلقى تقريرين يومياً عن أوضاع السودانيين في اليمن.
إلا أن مراقبين يرون أن الخيار الذي سوف تلجأ له غرفة الطوارئ والجهات المختصة وهو خيار البر، لا يبدو أنه الخيار الأمثل، حيث ان من المسلم به أن الخيار البري عبر الحدود مع المملكة العربية السعودية ، تكتنفه العديد من المخاطر ، باعتبار أن العدد المراد إجلاءه بحسب إحصائية جهاز المغتربين يبلغ أو يقل قليلاً عن الخمسة آلاف ، مما يعني أن البصات التي ستقل هذا العدد لا تقل عن المائة بص سفري حمولة خمسين راكباً، وأن هذه البصات سوف تعبر مسافات طويلة تستغرق عدة ساعات حتى تصل إلى أقرب مدينة سعودية، وفي هذا تعريض للمواطنين الذين يستقلونها للخطر المتمثل في وقوع هجمات محتملة يمكن أن يشنها الحوثيون المنتشرون في معظم المدن، والهاربون من طلعات التحالف الجوية، مما يتطلب تنسيقا محكما مع سلطات السعودية ودول التحالف من أجل حماية عملية الإجلاء حتى تتم بسلاسة وسلامة.
وهناك ثمة أخبار تناقلها الإعلام عن اتفاق تم بين دول التحالف يقضي بنقل وإجلاء رعايا دول التحالف كافة إلى السودان جواً عبر مطار الخرطوم ،ومن ثم نقلهم إلى دولهم، على أن تتحمل منظمة الهجرة الدولية تكاليف الإجلاء كاملة، وبالطبع من بينهم الرعايا السودانيون، وهذا الاتفاق يشي بتنسيق تم قبله يضمن إتمام العملية كاملة مع توفير الحماية لكل رعايا دول التحالف ، الذين ما يزالون عالقين بمدن دولة اليمن، إلا أن قرار الحكومة اليمنية بإيقاف حركة الطائرات عبر مطاراتها يعتبر القشة التي قصمت ظهر البعير، ونسفت كل محاولات الإجلاء عن طريق الجو على الأقل حتى الآن.
ويرى مراقبون أن القضية اليمنية والاعتداء على شرعية الدولة فيها وتعريض الأمن العربي للخطر كانت بمثابة عملية اختبار وجهاز (تيرمومتر) لقياس الدفاع العربي المشترك ، الذي نجحت دول التحالف العربي في اجتيازه بنجاح بقيادة المملكة العربية السعودية والسودان ودول أخرى، واستطاعت ترجمة هذا المبدأ إلى واقع عبر تشكيل قوات التحالف لإنقاذ اليمن، مما رسخ مفهوم العمق الإسلامي وأهميته في مناعة وقوة الدول الإسلامية في مواجهة الأخطار الخارجية.
فكيف يكون الحل لأولئك الآلاف العالقين باليمن وسط مخاوف من أسرهم خشية تعرضهم للمخاطر والحالة التي يعيشون فيها رغم الجهود المبذولة التي يصفها البعض بالبطء؟.