فشل اجتماع أديس أبابا التحضيري.. هل يشكل نهاية الحوار الوطني؟
في انتظار تقرير الآلية الأفريقية لمجلس الأمن الدولي
الخرطوم- إسلام الأمين
رفض المؤتمر الوطني حضور المؤتمر التحضيري للحوار الوطني الذي دعا إليه رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى “ثابو أمبيكي”، وإصراره على إقامة هذا المؤتمر بعد الانتخابات الرئاسية، ربما دفع الاتحاد الأفريقي إلى إلغاء المؤتمر التحضيري للحوار الوطني، واستبداله بمشاورات مع قوى المعارضة، وسط حضور مكثف لقوى (نداء السودان) ممثلة في زعيم حزب الأمة “الصادق المهدي” وقيادات الجبهة الثورية، تقدمهم رئيسها “مالك عقار”، والتي أبدت امتعاضها من عدم حضور المؤتمر الوطني، وعدّته بعض القوى دليل عدم جدية ويعني أنه لا يريد السلام وإنما الحرب والاقتتال. هذا الامتعاض يقود إلى تساؤل حول ما إذا كانت هذه القوى السياسية ستشارك في أي حوار مع النظام بعد الانتخابات، في وقت ترى أن المؤتمر الوطني نقض الوعد الذي قطعه بحضور المؤتمر التحضيري، وتأكيد ترحيبه بمبادرة “أمبيكي”؟؟
يرى بعض المراقبين أن عدم حضور المؤتمر الوطني للمؤتمر التحضيري ربما يخلق من جديد أزمة عدم الثقة، التي كانت هاجساً يسبق أي تفكير حول إبرام أي اتفاق بين المعارضة والحكومة، في الوقت الذي وافقت فيه القوى الرافضة للحوار على الجلوس مع الوطني على مائدة مستديرة بإشراف الآلية الأفريقية رفيعة المستوى. وقد ربطت الحكومة السودانية مشاركتها في المؤتمر التحضيري مع قوى المعارضة السياسية والمسلحة بتوجيه الدعوة إلى آلية الحوار الوطني المعروفة اختصاراً بـ(7+7)، بالإضافة إلى أن الوطني تمسك بإقامة الانتخابات في موعدها، خلافاً لشرط الطرف الآخر للمشاركة في الحوار، ولم يلتفت للمؤتمر التحضيري أو تداعيات عدم حضوره. هذا، وصرح القيادي في المؤتمر الوطني “نافع علي نافع” في حديث سابق قائلاً إن (شياطين الإنس والجن) لن توقف الانتخابات، بينما أكدت الحكومة أنها تنتظر مدها بمخرجات المؤتمر التحضيري الذي انعقد بأديس أبابا بدون مشاركة الحزب الحاكم.
المشاركون في المؤتمر التحضيري أجمعوا على ضرورة ابتداع طرق جديدة لتسوية الأزمة السودانية، مؤكدين أن الأساليب القديمة التي انتهجتها الآلية خلال الأربع سنوات الماضية أثبتت فشلها في حمل الحزب الحاكم بالسودان على إيجاد تسوية للأزمة المتطاولة، في وقت أبدى فيه الاتحاد الأفريقي أسفه لعدم مشاركة المؤتمر الوطني في الاجتماع رغم رد الآلية رفيعة المستوى على التحفظات التي أثارها بشأن اللقاء التحضيري. بينما أعلن رئيس الجبهة الثورية “مالك عقار” في تصريحات سابقة أعقبت الاجتماع، إبلاغهم “أمبيكي” تأييدهم الكامل للحل السلمي للنزاع في السودان عبر “الحوار والنقاش”، وأنهم أصيبوا بـ”خيبة أمل” حيال رفض الحكومة المشاركة في الاجتماع، وعدّ إجراء الانتخابات قبل الحوار الوطني، بمثابة النهاية لعمل الآلية الرفيعة، وأشار إلى أن كل ذلك يتوقف على التقرير الذي سيقدمه “أمبيكي” لمجلس الأمن الدولي حول عملية السلام في السودان. وأوضح “عقار” أنهم أبدوا استعداداً للمساهمة في تغيير الأوضاع، بالإعلان عن إمكانية مناقشة وقف إطلاق النار والقضايا الإنسانية وفتح الممرات لإيصال المساعدات، ووقف القصف الجوي كأولوية.
القوى السياسية والمسلحة التي شاركت في المؤتمر التحضيري، أبدت انزعاجها من عدم حضور المؤتمر الوطني للمؤتمر، واتهمته بعدم الجدية، هذا ما أشار إليه القيادي بحزب الأمة القومي “فضل الله برمة ناصر” في حديث لـ(المجهر)، أمس، موضحاً أن المسألة الآن تركت برمتها للآلية الأفريقية، مشيراً إلى أنهم طلبوا منها تحديد طريقة جديدة لإدارة الأزمة السودانية، وأضاف: (المؤتمر الوطني نقض العهد مع الآلية والقوى السياسية)، مشيراً إلى أن قوى (نداء السودان) أثبتت للمجتمع الدولي والإقليمي مدى جديتها وسعيها لحل الأزمة الراهنة التي تمر بها البلاد، والوصول إلى السلام والاستقرار، وأوضح أن الأمة ما زال يتمسك بالحل السلمي لمعالجة قضايا البلاد. وأشار “برمة” إلى أن الانتخابات التي يخوضها المؤتمر الوطني لن تساعد في حل أزمة البلاد ولن توقف الحرب أو التدهور الاقتصادي الذي يمر به السودان، أو معالجة المشاكل الاجتماعية التي أنتجتها الحرب في أنحاء متفرقة من البلاد.
بدوره أشار الحزب الشيوعي السوداني الذي شارك في المؤتمر التحضيري إلى أنه لن يجلس مع المؤتمر الوطني إلا إذا قبل بكل شروطه. وقال القيادي بالحزب الشيوعي “صديق يوسف” لـ(المجهر)، أمس: (لن نجلس مع المؤتمر الوطني إلا إذا قبل كل شروطنا، منها تشكيل حكومة انتقالية لا يرأسها عمر البشير)، مشيراً إلى أنهم رفعوا أيديهم نهائياً عن أي حوار مع المؤتمر الوطني الآن.
يبدو أن القرار الذي اتخذه المؤتمر الوطني بعدم حضور المؤتمر التحضيري الذي عقدته الآلية الأفريقية رمى بظلال سالبة ورسم صوره قاتمة لمستقبل الحوار بين الحكومة السودانية والقوى السياسية والمسلحة، حسب المتابعين، ربما تزيد من أزمة عدم الثقة التي ما زالت هي العقبة الرئيسية في سبيل الوصول إلى حل للقضايا كافة في البلاد، خاصة أن الحزب الحاكم يصر على إجراء الانتخابات في موعدها، في وقت ترفض فيه قوى المعارضة إجراء الانتخابات وتطالب بإرجائها إلى حين تشكيل حكومة قومية تشرف على تعديل الدستور والقوانين، غير أن الوطني يتمسك بقيامها باعتبار أنها استحقاق دستوري. ويرجع بعض المراقبين إلى الحديث حول أن الوطني كان يستخدم الحوار الوطني كمناورة من أجل الوصول إلى الانتخابات المزمع قيامها هذا الشهر، وربما ستدفع هذه الخطوة القوى السياسية إلى رفض الحوار مع المؤتمر الوطني في مقبل الأيام.