مسألة مستعجلة
(هبة) أبريل ..
نجل الدين ادم
في مثل هذا اليوم من العام 1985 اكتملت حلقات انتفاضة أبريل بعد (11) يوماً متتالية من الغضب الجماهيري في أعظم ثوره جسدت إرادة الشعب السوداني وهو يسطر (ربيع عربي) متقدم في ذلك الزمان، فقد انتهى الأمر إلى تسلم القوات المسلحة للسلطة برئاسة الفريق وقتها “عبد الرحمن محمد حسن سوار الذهب” رئيس هيئة أركان القوات المسلحة بوصفه أعلى سلطة عسكرية في البلاد. مياه كثيرة جرت تحت الجسر وما تزال بعض من المغالطات تترأ. هل كانت مارس – أبريل ثورة شعبية أم أن الأحزاب كانت هي المحرك الأساسي من وراء حجب؟، بالتأكيد فإن تلك الانتفاضة أو (الهبة) كما يسميها البعض كانت نتاج عمل جماعي عبر المواطن فيه عن رفضة لمآلات الوضع في البلد وتدهور الأوضاع في حقبة ثورة مايو، ولكن الحقيقة الماثلة أن الانتفاضة كانت تعبيراً شعبياً خالصاً وظلت كل القطاعات تساهم في التظاهرات العفوية التي تخرج للشارع على مدى (11) يوماً متتالية ولكن هذا لا ينفي العمل المنظم الذي قامت به التنظيمات النقابية. وأذكر في ما أذكر ونحن بعد صبية نتنسم عبير الديمقراطية والحقوق المدنية أننا كنا نتسحب إلى أماكن تجمع المتظاهرين في السجانة وأبو حمامة بمنطقة الديوم لنكون جزء من ذاك التعبير. تفاصيل لا تزال في الذاكرة كيف أن الجماهير استطاعت أن تكسف تلاحم الجيش الذي انتشر بعض الجنود لمنع أي مظاهر سالبة بعد أن استعصى الأمر على الشرطة، عبارات الهتفات اللحظية التي كانت يطلقها المتظاهرون ما تزال في الخاطر وكل يحمل عملة فئة الجنيه ويصحيون بصورة جماعية (الجنية أبو عمة شرطوا بلا رئيس بلا لمة قطعوا) وهنا يقوم الجميع ببعثرة العملة التي قاموا بتقطيعها كتعبير عن مدى السخط، وفي الانتفاضة تجسدت أروع أشكال التلاحم في حفظ النظام وعدم الإفراط في التخريب وهذه كانت أبلغ رسالة تؤكد أن السودان هو رائد ثورات الربيع العربي. وأذكر هنا عندما حاول بعض من الشباب حرق عربة عسكرية للقوات المسلحة وهي تعبر بشارع السجانة لكن مجموعة من الشباب الواعي تقدمت وانتهرت هؤلاء وهم يقولون لهم إن الجيش هو صمام الأمام وفي تلك اللحظة حمل بعض من المتظاهرين ذلك الضابط الذي كان يقود السيارة وهتفوا (يحيا الجيش يحيا العسكر) فكانت بداية تلاحم حقيقية أجبرت بعض العسكر للانحياز إليهم بحمل فروع من شجر النيم، وهذا المنظر ما يزال ماثلاً أمامي ولو قدر أن قناة مثل (الجزيرة) أو (العربية) أو غيرها كانت موجودة في ذلك الوقت لنقلت التلاحم الأول للجيش مع الشعب من شارع السجانة الشهير وهذا ليس انحيازاً لأهالي الديوم الشرقية والغربية والصحافات، ولكنه كان واقع الحال، وبالتأكيد كانت ود نوباوي والثورات وولايات السودان المختلفه تغلي هي الأخرى ومن ثم تحركت المواكب صوب وسط الخرطوم كانت لحظات عظيمة التقى فيها الشيب والشباب والصبيان في أروع لوحة عجلت برحيل نظام مايو رغم قوته وجبروته تفاصيل كثيرة من ذلك اليوم ما تزال عالقة وهي تعبر عن إرادة تحدت المستحيل وجاءت بربيع ثورة أبريل.