الهوس الديني في غابة السنط!!
بقلم – عادل عبده
حملة كثيفة ونيران ملتهبة توجه هذه الأيام صوب غابة السنط من منطلق التفكير على إزالتها بحجة أنها صارت مرتعاً للفساد والرذيلة.. أخلاط من الصور والظلال تؤكد بأن غابة السنط أصبحت منطقة تشكل خطورة على الطمأنينة والسلام الاجتماعي.. هكذا تدور طاحونة الهوس الديني والأحكام الغليظة من بعض أئمة المساجد والعلماء من خلال سيناريو منظم يستهدف إزالة الغابة العتيقة الواقعة على مرمى حجر من مقرن النيلين.
في أوج الحماس والغليان عند هؤلاء يغيب عن ذهنهم بأن الإسلام دين عقل وحكمة يستبدل المكان المظلم بالفضاءات الساطعة ويحول مراتع الفساد والرذيلة إلى مواقع قائمة على الطهارة والنبل.
عندما دخل الرسول الكريم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام الكعبة المشرفة يوم النصر قام بإزالة الأصنام لكنه لم يدمر الكعبة فقد كان منهجه يرتكز على العقل والرشد والقيمة الإيمانية الصحيحة لذلك لم ينزل إلى متاهات الشطط والتسطيح والإسفاف.
أي عقل وأي فكر ناضج بل أي قيمة دينية صادقة تسمح بأن تكون فاتورة إزالة الفساد والرذيلة مبنية على إزالة غابة السنط في حين أن أحكام الإسلام تؤيد اجتثاث الباطل بلا هوادة دون الإضرار بالمكان الذي يمكن تحويله إلى فضاء نوراني!!
هل الدين الإسلامي كتلة صماء تعجز عن تفكيك المركبات الكثيفة والغرق في المياه الضحلة؟! أم أن الدين الإسلامي يمتلك القدرة على إصلاح الأمور الخاطئة عن طريق المرونة والاعتدال والعقل !!؟.
أمامنا في الرسول الكريم قدوة حسنة.. كان يطلق الأحكام من عظمة الدين وحلاوته ليكون برداً وسلاماً على العباد يتطابق مع العصرية والإيمان، بعكس هؤلاء الدين يضعون الأحكام من العبوة الناسفة حتى صار دين الفرمانات الغليظة.
تدخل الهوس الديني في غابة السنط فتح الباب على مصرعيه لمعركة حامية الوطيس مع وزارة الغابات والتنمية العمرانية ها هو وزيرها الأستاذ “حسن هلال” يرفض أي مقترح لإزالتها بدعوى وجود بعض المنكرات بداخلها ويقول ما ذنب الأشجار والطيور وسحر الطبيعة!!.. ويضيف: “يجب أن تذهب المنكرات بقرار حاسم من السلطات وتبقى غابة السنط منارة سياحية عريقة ومنتجعاً طبيعياً ضخماً”.
منطلقات التطرف الديني تتصادم مع رؤية وزير الغابات “حسن هلال”.. كلاهما طرفا نقيض.. فالشاهد أن وزارة الغابات تؤكد بأن حماية غابة السنط من ضمن مسؤولياتها ولن تفرط في دورها ومصيرها خلال المستقبل.
فالوزير “حسن هلال” يوضح بأن غابة السنط محمية مركزية لها حبل ممدود بالهيئات العالمية ذات الصلة فهي مهبط الطيور المهاجرة التي تزور البلاد ومتنفس للمواطنين تمتص الحرارة وتساعد على هطول الأمطار وتخلق التوازن البيئي وإزالتها له انعكاسات سالبة على جميع المستويات سيما وأن مساحتها تقدر بحوالي (1500) هكتار.
التطرف الديني يحاول معالجة القضية من الزاوية المتشددة في حملته الكثيفة.. بينما سماحة الإسلام لا تعترف بالمقولات الدوغمائية في سياقها المعرفي والتفكيري.