مسالة مستعجلة
نجومية “سبدرات”
نجل الدين ادم
سعدت لعودة الأستاذ “عبد الباسط صالح سبدرات” القيادي بالمؤتمر الوطني والمحامي الضليع إلى الواجهة السياسية بعد أن انزوى في مكتب فخيم في شارع (21) بالعمارات بعيداً عن الأنظار يقلب في دفاتر المحاماة وقضايا وهموم الناس. “سبدرات” السياسي القدير والشاعر المرهف عاد محمولاً برضاء القيادة بعد حالة جفوة مكتومة مرشحاً في دائرته البرلمانية السابقة بجبل أولياء، و”سبدرات” له صولات وجولات في حكومة الإنقاذ بدأ من وزارة التربية والقصر الجمهوري مروراً بالإعلام والعدل ووزارة العلاقات البرلمانية وفي كل منها كانت له بصمة، ورغم اختلاف البعض في توصيفه فإنه شخصية جديرة بالتأمل. ولمن لا يعرفون “سبدرات” من قريب فهو شخصية مرتبة ومنظمة وعبقرية يقف على التفاصيل الدقيقة لأي مهمة توكل له وقد مازج ما بين تجربته المايوية والإنقاذية فأتى بعصير مختلف. ولا أذكر احتفالية أو مناسبة رسمية كلف “سبدرات” بالإشراف عليها إلا وكتب له التوفيق، لا أقول هذه الشهادة تحيزاً لشخصه ولكن لما يحمله الرجل من صفات قد لا يعرفها البعض. وأذكر كيف أخرج أحد احتفالات الاستقلال في فناء القصر الجمهوري وهو يعيد شريط ذلك اليوم أمام أعين الحضور ويأتي بالبرفيسور “علي شمو” الذي كان مذيع ربط في احتفالية الاستقلال في مطلع يناير من العام 1956 ويأتي كذلك بالفنان الراحل “حسن خليفة العطبراوي” حضوراً ليتغنى بـ(يا غريب يلا لي بلدك). كان ذلك الاحتفال من أروع ما شهدت، وقريحة سبدرات تتكشف وهو يترجم بصورة مباشرة تلك القصيدة الرصينة التي ألقاها رئيس جمهورية الهند “زين العابدين عبد الكلام” باللغة الانجليزية إبان زيارته للبلاد قبل أكثر من عشر سنوات إلى نظم باللغة العربية من أمام منصة البرلمان، بعد أن طاف الضيف في الخرطوم وامتداد شارع النيل وأبهره المنظر فخرج بتلك القصيدة الرائعة التي تسجلها مضابط البرلمان بترجمة عربية من “سبدرات”، وكذلك كيف أشرف على إجازة دساتير الولايات كافة حاضراً في توقيعها وهو يتقلد منصب وزير العدل، وأحسب أنني كنت من المحظوظين لقضاء (4) سنوات ونيف مع “سبدرات” في أروقة المجلس الوطني في برلمان 2001 وهو يقوم بمهمة التنسيق بين الجهازين التشريعي والتنفيذي وزيراً للعلاقات البرلمانية، “سبدرات” كان يقوم بدور محوري استفاد منه النواب والصحافيون على السواء، و”سبدرات” صاحب الامتياز (8) في مقاعد البرلمان كان ينهض عند تقديم أي قانون ويغتنم أول فرصة حديث ويقدم فذلكة تاريخية عن ما يتضمنه القانون المراد نقاشه من مواد، شارحاً لأسباب التعديل أو إصدار قانون جديد كل هذه المعلومات تتنزل على النواب سهلة ومنسابة مما يساعدهم في التدوال والنقاش ويساعد الصحافيين في النقاط، فكان من أميز برلمانات الإنقاذ من حيث مقدرة النواب على النقاش والتداول، كان دور “سبدرات” شبيهاً برائد المجلس يوجه إلى مكامن الخلل في القانون السابق ويعطي ملمحاً عن دواعي التعديل ويترك الخيار للأعضاء، وعندما غاب هذا الدور في البرلمانات التالية ظهرت الفجوة وجاء الأداء التشريعي ضعيفاً فبات النواب يمررون القوانين بالانطباع وإرادة الحزب، هنيئاً للبرلمان القادم بسبدرات إذا كتب الله له الفلاح في الانتخابات القادمة وأوصي بالاستفادة من خبرة وترتيب الرجل ليكون (مايسترو) للبرلمان .