النشوف آخرتـــا
سعدالين ابراهيم
.. وعيون الحلنقي الكذابة
قدم برنامج (مساء جديد) في (النيل الأزرق) قبل أيام حلقة عن الكذب استضاف عالمة جليلة في علم النفس.. وفي استطلاع مُحكم .. اجتهد المونتاج في إعداده .. كل المشاركين تحدثوا عن ملامح وجه الكذاب وأنها تكون متوترة، لكن متداخلة ذكية ذهبت إلى العكس تماماً.. إن االكذاب لا يظهر عليه التوتر لأنه يتقن دوره ويجيده ويحرص على أن لا يرتبك .. أنا مع رأيها هذا.. فعملياً هذا ادعاء فأنت لا تعرف الكذاب في حينه إلا بعد أن تظهر دلائل كذبه.. وسلعة الكذب أصبحت رائجة.. نستحلي كذب بعض الظرفاء ونعتبره مبالغات منهم .. قال بعض المشاركين إن الكاذب كثير القسم والحليفة حتى يعطي أكاذيبه شرعية حقيقية. قر في ذهني أننا قوم نحب السياسة.. ونستخدم منهجها في كل أمور حياتنا الاجتماعية والثقافية والفنية والأدبية، فنحن دائماً نطرح حلولاً سياسية بمعنى أننا نذهب مباشرة إلى الاقتصاد وتأثيره الإمبريالي على الأمور وقد يكون ذلك صحيحاً لكن ليس العامل الاقتصادي هو السبب الأوحد.. إنما عوامل أو أسباب أخرى تؤثر معه فليس كل فقيرٍ سارقاً وبياع مبادئ.. وليس كل غني ظالماً ومستبداً حتى الكذب نناقشه من منظور سياسي فتضيع الحقيقة.. سؤال ظل يؤرقني: هل الكذب ضروري ..؟ وقرأت أن الكذب يباح في الحالات الخيرة كالصلح بين المتخاصمين أو رأب صدع أو اتقاء مشكلة.. لم تتناول الأغنية السودانية مفردة الكذب كثيراً (البعيو) غنى فى شبه منالوج فكاهي (كضاب يا البعيو يمين كضاب).. والحلنقي في (عنبة) “التاج مكي” غنى: (كان مكضبنا وما مصدقنا اسأل العنبة الرامية في بيتنا) وقرأت في الأخبار إن “الحلنقي” بعد عودته من إجازته بالإمارات كتب أغنيات جديدة ضمنها أغنية بعنوان “عيون كذابة ” فهل تكذب العيون وكيف؟ إذن فلغة العيون مثل كل اللغات تبث أخباراً بعضها صادق وبعضها كاذب.. وفي ظني أن العيون لا تكذب لكن تعبر، فهنالك نظرة عتاب ونظرة اشمئزاز ونظرة إعجاب.. ونظرة انكسار .. ونظرة تعالي .. ونظرة حيرة.. وهكذا.. ربما العيون الكاذبة تكون بتعاين ليك وعاملة ما بتعاين.. أو عاملة مصهينة.. وفي الأمثال وصل الكضاب لي خشم الباب.. أي تابع الكذبة حتى تنفضح ويقولون حبل الكضب قصير.. الشاعر الصحافي “كامل الشناوي” غنت له “نجاة الصغيرة” أغنية (لا تكذبي) فخلد كذبة محبوبته (بالثابتة) وبالأدلة الدامغة (إنى رأيتكما معاً)، لكن للشيخ “فرح ود تكتوك” مقولة تذهب إلى: كان الصدق ما نجاك الكذب ما بنجيك.. وفي التحذير يقولون إذا كنت كذوباً فكن ذكوراً.. حتى لا تحكي الكذبة بأكثر من طريقة.. وبعض الأمثال تروج للكذب مثل الشينة منكورة أي نكذب في نكرانها.. والتكذيب هو سلاح بعض الساسة والنجوم فى التنصل من أفكار متسرعة بثوها فأرادوا تجميلها .. أو أنباء لا ينبغي أن ترشح فرشحت (زلة لسان وكده).. والصحافي الشاطر يسجل كلام المسؤول حتى لا ينكره ومع ذلك ينكرونه بحجة أنه لم يفهم في سياقه
saadeldein22@gmail.com