من وحي الأخبار

اجتماع "أديس" ..إجراءات !

كثرت الأخبار حول ملتقى أو اجتماع ما بين الحكومة والمعارضة بأديس أبابا، هذه المرة كثمرة من مخرجات اجتماع برلين الذي رحبت به الخرطوم من مدخل تقدير وشكر الجهة المنظمة (الحكومة الألمانية)، ودلقت حوله وكالعادة المعارضة عشرين بياناً حول ما أسموه (إعلان برلين). وكل واحد منها يقول قولاً مختلفاً ! فحزب الأمة ينشد فيه خطب “الصادق المهدي” المطولة وقوى الإجماع الوطني تعتبره عيداً لأولهم وآخرهم، بينما في الوقت نفسه يصفه حزب البعث العربي بالإعلان العنصري! وتقول الحركات الدارفورية المسلحة قولاً ويقول قطاع الشمال آخر، وهكذا انفرط عقد الإعلان، فما عاد الناس يدرون أوله من آخره ولهذا أجد أن موقف المؤتمر الوطني اتسم بالحكمة والموضوعية، حينما اكتفى بامتداح دور المضيف الألماني ومر كريماً بعدها على ما سواه.
أمر الساسة السودانيين عجب، الحوار الوطني الذي يفترض أن تكمل لقاءات برلين التي ستستوفي بأديس كان “الصادق المهدي” رئيس حزب الأمة من عرابيه وواضعي لبناته الأولى، ودعيت إليه قوى الإجماع الوطني فتمنعت واشترطت وبالتالي يبدو لي غريباً أن ترفض تلك القوى الأمر وهي بالداخل، وقد قدمته مبادرة الرئيس “البشير” في خطاب الوثبة بلا شروط أو تمايز ثم تخرج نفس الأحزاب وتبحث لها عن دور في الحوار من فوق المنابر الخارجية، لأن السؤال هنا خاصة لقوى الإجماع وحزب الأنصار المهيب التي حضر أي منهم وطرد أو منع أو حجب رأيه ؟! والإجابة لا بالطبع، ذات الأحزاب والفصائل سافرت من قبل إلى العاصمة الإثيوبية والتقت الوساطة الأفريقية ودون حضور من الحكومة التي كان ممثلها البروفسير “إبراهيم غندور” رئيس الوفد الحكومي المفاوض هناك ضمن أحد جولات التفاوض. واجتمع “أمبيكي” بقوى الإجماع الوطني ممثلاً في رهط منه قاده الأستاذ “فاروق أبو عيسى” والتقى بالحركات المسلحة، وأصر “لمهدي” أن يلتقي الوسيط الأفريقي  وحده  ودخل الجميع وخرجوا بعد ساعات للتصريح للصحافيين بحديث لا يزال مسجلاً عندي، وأستطيع أن اطرح مسابقة إن استخلص مستمع له إفادة محددة بالموافقة أو الرفض للحوار الوطني !
الآن يبدو أن الجميع في طريقهم لذات نقطة (اللت والعجن) الذي تمارسه المعارضة، وأتمنى أن يوفد المؤتمر الوطني وفداً محترماً يقوده البروف “غندور” شخصياً أو “مصطفى عثمان إسماعيل”، حتى تؤكد الخرطوم على جديتها في فتح طاولة الحوار لكل الأطراف السودانية، وحتى تتأكد ألمانيا والوساطة الأفريقية أن الطرف الأخر في المعارضة هو الذي يسوف لأني أتوقع أن يتم الخروج عن أجندة اللقاء والمحددة بإجراءات وأكرر (إجراءات) الحوار الوطني، وسيخرج المناضلون الحزبيون إلى ثرثرات مملة عن موضوعات أخرى وتشعبات تترك أصل المشروع إلى أمور أخرى سيكون من بينها حتماً وقطعاً الحرص على دعوة المصورين لالتقاط الصور لوفد القوى الحزبية، وإهدار زمن الوساطة والضيف الألماني في أحاديث جانبية مطولة تنتهي كلها في العادة إلى مؤتمر صحفي يخرج فيه الحديث جميلاً ومنمقاً لكنه بلا محصلة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية