ناخبو الـ(هيب هوب)!!
“الصادق المهدي” يوالي اتصالاته بالحكومة أو أن المؤتمر الوطني يواصل اتصالاته مع “المهدي” سواء.. “الترابي” يخرج بمشروع جديد، والرجل طاقة من الابتداع والابتكار السياسي كلما مضت به السنون تجمر! و”الميرغني” هناك يستعصم بصمته المجيد.. والشيوعيون ينشبون حفريات ملكهم الغابر الذي لم تطل عليه الشمس يوماً.. والثورية بجانب الطوار تقف وتراقب وتصدر البيانات.. وقوى الإجماع الوطني تشد المئزر وترخيه بين موقف وآخر.. والجميع في شغلهم فكهون، تمضي مسيرة الحياة السياسية وغير السياسية.
يومياً وأنا أشق الخرطوم من الشرق للغرب صباحاً ومساءً أرى نبض الحياة معزولاً إلى هموم وشواغل أخرى، حتى السياسي منها لا يتقيد كثيراً أو يأبه بعراك من يظنون أن دائرة الفعل لن تكتمل إلا بهم، ليس في الخرطوم وحدها وقد عدت من سفر أقصد به صلة رحم إلى شمال كردفان وجنوب دارفور فما وجدت سوى يقين الناس ببلادهم، حتى الانتخابات التي يشتط بها المدونون على الأسافير بحمى المقاطعة فإنها في الريف والولايات معارك طاحنة ومنافسة حامية ذات غبار وضجيج.
الأجيال الجديدة، وأقيس هنا بالعاصمة، تتعاطى السياسية بمفهوم إيجابي للغاية، مقطع على الانترنت صورت مشاهده بـ(عفراء مول) يحكي بعضاً من هذا، الوطن والإحساس به عبر حواجز الجهة والطائفة ثم الحزب، المشهد يقدم عملاً هو هجين بين الموسيقى والرقص والأداء الحركي، ليس عرضاً سودانياً تراثياً هو أقرب لأعمال الـ(هيب هوب) أو ما شابه، لكن ما لفت نظري فيه أنه ربط بين الزمان والمكان والوطن، أدير بموسيقى سودانية واختتم بالسلام الجمهوري، عمل أقرب للعفوية نفذه شباب أيفاع، دون العشرين في أرجح دلالات ملامحهم كانوا بيضاً وسمراً، عرباً ونوبة.. وأمثال هؤلاء وجمهورهم العريض المتحلق حولهم قطعاً إحساسهم بالوطن غير ملوث، شهدت لهم في مواقع كثيرة أنشطة غالب ما يربط بينها (السودانوية) والخيط غير المرئي الذي يوحد مشاعرهم على فكرة البلد.
هؤلاء قطعاً لا يأبهون بكثير ثائر ومناضل ومناتل، وربما بحزب حاكم، وهم بهذا الأغلبية التي تشكل المستقبل، فهم في أول الطريق والخيارات أمامهم أفضل، وقطعاً فإنهم وبهذه الروح التي يمثلوها سيضيفون إلى واقع توجهات الفعل السياسي والاجتماعي بالبلاد.. وتجدني أكثر اطمئناناً من أنهم واعون بما فيه الكافية لاتخاذ الموقف الصحيح إن أحسن الكبار القول والعمل، وهم هنا في الخرطوم وهناك في الولايات مع اختلاف الاهتمامات والنشاط يبدو أن الرؤية لهم أوضح، ولهذا بدا لي عجيباً أن الانتخابات في الولايات فعلاً ساخنة وحامية الوطيس وتلفت نظر المراقب سواء من حيث جمهور الناخبين أو حدة التنافس.
إن على الأحزاب والكبار شخوصاً وتنظيمات الخروج من أوهامهم التاريخية تلك، والنظر حولهم ملياً، والتجول بين الناس ولو بالذهاب إلى (عفراء مول)!!