المجهر تتقصي عن ما يثار عن السكن الخاص للطالبات ..
تحقيق – آمال حسن
مشكلات عديدة وأحاديث كثيرة أُثيرت عن الداخليات الخاصة، سيما سكن الطالبات الجامعيات اللاتي غالباً ما يؤتين من خارج العاصمة من الولايات البعيدة والقريبة، فضلاً عن أخريات تقيم أسرهن في بلاد المهجر، لكن ورغم تحفظ كثير من هؤلاء الطالبات وانضباطهن وسعيهن الحثيث للتحصيل الأكاديمي الذي يضعنه في أولوياتهن، إلا أن هناك من ينفرط عقد وقارهن وينخرطن في دروب وعرة وقذرة تضر بكل من حولهن حال “شمها”، إذ كثير ما توجه سهام النقد وتتركز العيون نحو الداخليات (السكن الخاص)، ورغم وضع بعضها متاريس للحد من القيل والقال إلا أن تلك السائب وضعها تعمم القضية.
لغط وجدل كبيرين يثاران حول السكن الخاص لما يحدث في بعضها من تجاوزات تفضي إلى إغلاقها من الجهة المعنية بها. وقد حدثت شكاوى عديدة من سكان بعض الأحياء التي تقيم فيها طالبات، فضلاً عن إحجام ملاك عن الإيجار لهن خيفة المشاكل. ومن خلال تحقيق (المجهر) التالي برز وجه مشرق لبعضها، وقد أدلى كل من اتحاد الطلاب والصندوق القومي لإسكان الطالبات واللجنة الشعبية بدلوهم في هذا الموضوع.
الخلط بين مجتمعين
في السياق تقول “انتصار أحمد” الطالبة بجامعة أم درمان الإسلامية كلية الزراعة المستوى الثالث: إنها فضلت السكن خارج الداخلية رغم المميزات الكبيرة التي تتمتع بها، فهي إلى حد مهيأة وتلبي حاجتهم، وعن المقارنة بين الداخليات الخاصة والحكومية أقرت “انتصار” بوجود فارق كبير بينهما من حيث التشدد والمراقبة اللصيقة التي تتسم بها الداخليات الحكومية، ولعل ذلك من أهم الأشياء التي تفتقدها الخاصة، وهذا الأمر بحسب “انتصار” يمكن أن يكون سلاحاً ذا حدين، ايجابي إذا كان هذا التساهل يستخدمه الطالب في خدمة مسيرتهم العلمية أو في زيارات الأقارب متهماً غالبية الطالبات بالتسبب الكبير نتيجة هذا التساهل.
وعن اختيارها للسكن الخارجي أوضحت “انتصار” أنها تهدف الخلط بين مجتمعين، مجتمع متعلم تلتقي به في الجامعة وهو الذي يتمركز بالداخليات، وآخر يحوي مجموعة عبارة عن هجين من كل الطبقات في الأحياء الشعبية وهو الأقدر على إخراجي شخصياً من الملل المتوقع في الداخليات.
راحة وأمان
أما “جوليا فائز” من جامعة الأحفاد كلية الآداب قسم علم نفس المستوى الثاني تقول في حديثها لـ(المجهر): إنها تفضل السكن الخارجي أكثر من الداخليات، وقد حاولت مسبقاً السكن فيها لكنها لم تستطع للحرج والضيق الكبير الذي أحست به أثناء إقامتها رغم العلاقات الكبيرة التي أنشأتها، وأضافت “جوليا”: ورغم بعض الميزات التي تتمتع بها الداخليات العامة إلا أنني فضلت وإحدى زميلاتي الخاص، حيث استأجرنا غرفة بإحدى الشقق بأم درمان، وللحقيقة فقد توفرت لنا فيها كل سبل الراحة والأمان.
واستطردت “جوليا” تعدد ميزات سكنهم وكيف إنهن استطعن تطوير علاقات مع سكان الحي وزميلاتهن اللاتي دعتهن وشجعتهن للسكن بأم درمان. ومن خلال (المجهر) قدمت “جوليا” عظيم شكرها لأسرتها الكبيرة للجهد المقدر الذي تبذله من أجل استقرارها الأكاديمي، وعن ما إذا كن يواجهن مخاطر جراء هذا السكن المنفرد أكدت”جوليا” إنهن يعشن في بيئة تكاد تكون أكثر أمناً من الداخليات، وذلك لما يتمتع به مجتمع أم درمان من استقرار وحفاظ، لذلك فمن هذه الناحية مطمئنة تماماً.
وعن قيمة الإيجار وما إذا كانت غالية قالت “جوليا” الكلفة مقبولة نسبياً لها وزميلتها حيث يدفعون (700) جنيه شهرياً للغرفة الواحدة، ومضت بقولها: إنها الآن تعيش وضعاً مريحاً جداً وصديقاتها بالحي يملأن وقت فراغها وتخرج إليهن دائماً عند شعورها بالملل.
تختلف الحريات
وللوقوف على جوانب الموضوع كافة كان لزاماً علينا أن نذهب إلى إحدى الداخليات الخاصة، فكانت وجهتنا إلى مجمع (الحبيب) لسكن الطالبات الراقي وهناك التقينا المسؤول عنها “حبيب الله عوض الخير” الذي قال في حديثه لـ(المجهر): نحن تحت إشراف الصندوق القومي لرعاية الطلاب وما ينطبق علينا من ضوابط هو نفسه في العامة، لكن تختلف الحريات عند الطالبات بين الخاص والعام خاصة فيما يعني بمسألة الخروج والدخول، والذي يكون وفقاً لما تقتضيه المصلحة فالمواعيد من الساعة (8 ص-10م) هذا في الخاص، أما الحكومي فهو من (7ص-9م).
واستدرك محدثنا بقوله: لكن الشارع ينظر إلى البنت في الداخلية الخاصة نظرة مختلفة تحوي الكثير من الاستهجان، ومن جانبنا نتعامل معها بدرجة كبيرة من الوعي، وأكثر الجامعات التي نتعامل معها هي الجامعات الخاصة، مضيفاً أن الصندوق القومي يزور الداخليات الخاصة.
المسؤول الأول
رئيس الإتحاد العام للطلاب السودانيين الأستاذ “النيل الفاضل محمود” حدثنا بأن الاتحاد العام منظمة طوعية وهو يمثل كل طلاب السودان بانتماءاتهم السياسية وتوجهاتهم الثقافية والفكرية والاجتماعية كافة، مبيناً أنهم ليست لديهم علاقة مباشرة بالمجمعات السكنية والجهة المعنية بهم هي الصندوق القومي لرعاية الطلاب، فهو المسؤول الأول عن المجمعات وإنشائها والمحافظة عليها، بالإضافة لرعاية الطلاب والنشاطات المتعلقة بالكفالة الصحية، وأضاف: من جانبنا كإتحاد علاقتنا بالمجمعات علاقة تنسيق بيننا و(الصندوق القومي الرعاية الطلاب) للاطمئنان على راحة الطلاب وسلامتهم وتقديم الخدمات المتميزة للطلاب المعتصمين.
قانون لتنظيم الطلاب
من جانبه قال مدير السكن الأستاذ “بغدادي خضر محمد” لـ(المجهر): إن إدارة السكن الخاص هي إدارة تتبع للصندوق القومي لرعاية الطلاب بولاية الخرطوم وتعمل على تنظيم إسكان الطلاب داخل الأحياء وقد تم إصدار قانون لتنظيم الطلاب، في أغسطس 2002م بواسطة مجلس ولاية الخرطوم، وهذا القانون لدية أغراض وسلطات، ونحن كإدارة سكن خاص نعمل على التصديق لإنشاء أية داخلية خاصة خارج مظلة (الصندوق القومي لرعاية الطلاب)، مستطرداً وهذا هو دور الإدارة وفق شروط معينة طبقاً للقانون.
سألنا محدثنا عن نوع الشكاوى التي تصلهم ضد بعض الداخليات؟ فأجاب بأن أية شكوى تردهم يتحرون من صحتها لأن أغلبية الشكاوى عبارة عن شكاوى كيدية، لكن وفي حال ثبت صحتها نقوم فوراً بإغلاق الداخلية، وأشار إلى تلك التي أغلقت في العام 2013م عازياً السبب لعدم مطابقتها للشروط لذلك تم إغلاقها حفاظاً على سلامة الطالبات.
وعن موعد رجوع الطالبات للسكن بعد الساعة العاشرة مساء، قال لا يمكن للطالبة أن تدخل السكن بعد الساعة التاسعة مساء، فهنالك ما يسمى بـ(الليت) في كل الداخليات، وإذا اضطرت للتأخير فيجب أن يكون بواسطة إدارة السكن، وأن يكون هنالك سبب للتأخير، فمثلاً هنالك طالبات يدرسن طب قد يحتجن لزمن إضافي.
إفرازات اجتماعية سالبة
ولمعرفة رأي أهل الشأن سكان الأحياء قصدنا رئيس اللجنة الشعبية الأستاذ “زكريا محمد عبد الله” فحدثنا بقوله: إن بعض الطالبات يسكن بالإيجار داخل الأحياء السكنية وهذا يؤدي إلى بعض الإفرازات الاجتماعية السالبة، حيث تثير بعضهن الفوضى بدخولهن وخروجهن في أي زمان كان، مشيراً إلى أن السكن في الداخليات الحكومية آمن بكثير من الخاصة، مطالباً جهات الاختصاص مراعاة حقوق الأهالي ومشاعرهم والحد من هكذا سكن.
التحلي بالسلوك القويم
فيما كان رأي علم الاجتماع أن وجود الداخليات الخاصة للطالبات هو حق مكفول لهن بهدف راحتهن واستقرارهن حتى يتمكن من ممارسة حياتهن بشكل مريح سيما أنهن بعيدات من أسرهن حتى يحققن النجاح الأكاديمي المطلوب.
وزادت الباحثة الاجتماعية الأستاذة “ثريا إبراهيم الحاج” أن الداخليات قد تختلف في طبيعة ونوعية سكنها والخدمات الموجودة فيها، ومن الممكن أن يكون سكناً فاخراً منطقة جغرافية ذات موقع جميل، أو حي شعبي بسيط، وقد يحدث ذلك إذا كن ملتحقات بجامعة خاصة، وفي حالة لم تتوفر لهن فرصة الالتحاق بالجامعات والداخليات الحكومية، ثم استدركت: لكن من المهم جداً أن تراعي الطالبات احترام المجتمع المحلي الذي توجد فيه الداخلية، وعليهن أن يتحلين بالسلوك القويم حتى لا ينظر إليهن المجتمع المحيط بعين ينعدم فيها الاحترام.