الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني السابق "بدر الدين أحمد إبراهيم" في أول حوار له بعد صمت طويل
لديّ تحفظات كثيرة حول السياسات التي يدار بها الحزب.. وخرجت بخلافات حول ملف الإعلام
الحزب الحاكم يحتاج إلى كنترول.. ودائرة (أبو حمد) تشكل نموذجاً لإخفاقاته
باب الهجرة مفتوح تماماً بالنسبة لي منذ أن غادرت (المؤتمر الوطني)
مجلس الإدارة في التلفزيون القومي لم يجتمع منذ خمس سنوات.. ومديونيته تجاوزت (40) مليار جنيه
في شهر مارس من العام 2013 أعلن الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني وقتها بروفيسور “بدر الدين أحمد إبراهيم” عدم الإدلاء بأي تصريحات وتجميد نشاطه بسبب تضارب التصريحات من قبل قيادات الحزب.. وقد تكون هذه السابقة الأولى في تاريخ الحزب الحاكم أن يجاهر قيادي بهذا الموقف القوي، ومنذ تلك اللحظة ابتعد عن دار الحزب الحاكم قبل أن تصطاده (المجهر السياسي) وتلح عليه في أن يرد على الكثير من الاستفسارات، فاستجاب الرجل في محلية (أبو حمد) وهو يكرم الصحيفة بهذا الحوار المعلن وغير المعلن من داخل دهاليز أمانة الحزب الحاكم.
حوار – طلال إسماعيل
# أين ابتعد د. “بدر الدين” عن الساحة الإعلامية والسياسية؟
– أنا باختصار الآن أستاذ في جامعة أم درمان الإسلامية، ومنتدب في جامعة السودان المفتوحة ومتعاقد جزئي مع جامعة أفريقيا العالمية، وأعتقد أن المرحلة الآن هي مرحلة أن تبني أجيالك وأفتكر أن التعليم هو الأساس.. منذ الانزواء، انزويت للتعليم.
# (مقاطعاً)… معنى ذلك أنك تخليت عن المؤتمر الوطني؟
– لا تستطيع القول تخلٍ أو لا تخلٍ، لأن القاعدة الأساسية التي أؤمن بها أن الأحزاب وأي كيانات هي وسيلة لغايات وليست غايات في ذاتها، فالانتماء لحزب لا يعني أنك مع الحزب جملة، وقطعاً عندك آراء شخصية ورأيك بالصورة المقيمة.. لديّ تحفظات كثيرة على كثير من الطرائق والسياسات التي يدار بها المؤتمر الوطني، وأنا صحيح (مسكت) أمانة الإعلام في المؤتمر الوطني وكنت الناطق الرسمي لفترة معينة وخرجت لخلافات متعلقة بالملف نفسه- المؤتمر الوطني والناطق الرسمي- فإن تبقى أو لا تبقى ما الذي تحرص عليه في المؤتمر الوطني والآراء تتضارب.. وكانت لديّ فيها رؤية واحدة بعد ذلك أعفيت وخرجت للجامعات تماماً.
# إلى ماذا تعزو تضارب هذه التصريحات.. هل عدم التزام الحزب الحاكم أم الدولة بفهم الناطق الرسمي للدولة أو الحزب؟
– المؤتمر الوطني هو حزب واسع، فيه كثير من الناس دخلوا من غير التزام بكثير من القواعد والتفاصيل المطلوبة في أصلها، وبالتالي أصبح متسعاً (محتاج يحدث فيه كنترول) وهو حزب رائد يفترض أن يقدم تجربة نموذجاً بالذات في الناطق الرسمي، ويكون لديه مكتبه ويتحدث بصورة معينة، لكن كما هو ملحوظ أن أي شخص يتكلم باسم المؤتمر الوطني أو قيادي في المؤتمر الوطني.. أنا كان اعتراضي الشخصي أنه ليس هنالك قيادي في المؤتمر الوطني وبالتالي وجود أي شخص يتحدث كقيادي للمؤتمر الوطني سيهزم قضيته، وكان تقديري إما أن أكون ناطقاً رسمياً أو لا أكون، عندما لم يستجب للجزئية المعينة أنا صمت والتزمت بشغلي في أمانة الإعلام وتركت قضية الناطق الرسمي للجهات الرسمية لحسمها، بعد ذلك أعفيت، وابتعدت بعد ذلك لشؤوني الخاصة.
# كيف تنظر للتغييرات الإعلامية التي حدثت الآن مثلاً تعيين “محمد حاتم” ناطقاً باسم رئاسة الجمهورية و”ياسر يوسف” أميناً للإعلام في الحزب الحاكم؟
– التغيير هو مبدأ ليس فيه إشكال يأتي من، يذهب من.. هذا يخضع لشكل من الإجراءات اتفق الناس عليها أو لم يتفقوا، أنا أؤمن بأن الإعلام صناعة وأي إنسان غير مختص في الملف المعين لن ينجح، يمكن أن ينجح في إطار السياسة لكن لن ينجح إطار الملف الإعلامي.. كون “محمد حاتم” الآن ناطقاً رسمياً باسم رئاسة الجمهورية هذا خيار رئاسة الجمهورية، وأنا ليس لي عليه تحفظ، لكن أفترض كان يجب أن يحرص الناس على “محمد حاتم” خرج من التلفزيون وهنالك مشاكل معقدة في التلفزيون، لم يكن من الحكمة نقل شخص من موقع سيادي قبل أن تحسم قضيته المعلقة في الجهاز، لأن هذا يثير بعض الشكوك ويفهمها بعض الناس كخط دفاع لأية خطوات محاسبية أو إجرائية تستمر.. وفي تقديري أن “ياسر يوسف” كوزير أو ناطق رسمي، افتكر أن هذا خيار الحزب بالمكتب القيادي إن صح أولم يصح هو يتحمل مسؤوليته، والحزب يتحمل مسؤوليته أيضاً.. أنا افتكر أن الحزب اختار وفقاً لكفاءة ومنهجية وعلمية، بالتالي نسأل الله سبحانه أن يكون خيارهم صائباً وينجح بالصورة المعنية. عطفاً على التلفزيون أعتقد الآن أن الأزمة الحقيقية هي أزمة التلفزيون، والتلفزيون إشكاليته الآن ليست أن يأتي فلان أو لا يأتي، أنا في تقديري حتى لو أتى “إبراهيم غندور” أو د. “نافع علي نافع” أو أي من القيادات ليدير التلفزيون لن يستطيع إدارته، لأن قضية التلفزيون الآن ليست قضية من يدير التلفزيون، هي قضية ما المطلوب من التلفزيون وكيف يدار التلفزيون.. وإشكالية التلفزيون في تقديري باختصار أنه هيئة من هيئات الدولة، والهيئة عملت هيئة لتأخذ جزءاً من خصوصيتها في مساحة الحرية التي يحتاج إليها الإعلام بصورة معينة. الهيئة يحكمها مجلس إدارة، ومجلس الإدارة الذي يكون للهيئات هو ليس مجلس إدارة متخصص أو صاحب مال لأن مجالس الإدارة دائماً تكون من أصحاب المال الذين يحرسون أموالهم.. هنا مجلس الإدارة أصبح مجلساً شكلياً لأناس مهتمين أو غير مهتمين، والدليل أن التلفزيون الآن- في الفترة الأخيرة أنا عملت دراسة أيام كنت في المؤتمر الوطني- التلفزيون، مجلس الإدارة لم يجتمع منذ خمس سنوات.. هذه هي العقدة الأساسية، إذا ما تم في التلفزيون خلال الخمس سنوات هو عمل غير مؤسسي بغض النظر عن أين ذهبت (القروش) أو من أين أتت.. هذه ليست القضية، لكن القضية إذا كان التلفزيون هيئة والهيئة يحكمها مجلس إدارة، إذا لم يجتمع مجلس الإدارة إذاً أي تصرف حكيم أو غير حكيم في المال هو تصرف مخالف للوائح ولقانون تأسيس الجهاز الإعلامي نفسه، وبالتالي أنا بمجرد ألا يجتمع مجلس الإدارة لخمس سنوات، هذه نقطة المحاسبة.. كيف أدير التلفزيون إذا لم يجتمع مجلس الإدارة؟؟ اثنان إذا اجتمع مجلس الإدارة لما كانت ترحل المديونيات؟؟ الآن الناس يتحدثون عن أكثر من (40) مليار جنيه مديونية للتلفزيون، هذه نتجت لأنه ليس هنالك مجلس إدارة يجتمع سنوياً ليقيم التجربة ويضع الخطوط الأساسية للمرحلة القادمة.. أنا أعتقد أن الإشكال الثاني، أن الدولة تمنح التلفزيون مبالغه المالية الشهرية كمنحة حتى أنها لا تحاسبه الحساب الروتيني الإجرائي، وهذه بادرة طيبة، لكن يفترض أن مجلس الإدارة هو الذي يضبط هذا المال بطرق الصرف والتداول بالنسبة له، ففي عدم مجلس الإدارة كثير من الأموال التي تأتي شهرياً والأموال التي تأتي من الإعلان والاستثمار.. هذه كلها تحت تصرف مجلس إدارة التلفزيون وليس مدير التلفزيون.
{ ممن يتكون المجلس؟
_ لا أدري.. أنا افتراضي، واحد من الأخطاء الأساسية في مثل هذه المجالس غالباً يأتي فيها بعض الوزراء.. أعتقد أن آخر مجلس للتلفزيون كان فيه وزير الإعلام ويكون فيه وزير العمل وقد يكون فيه واحد من وزارة المالية وبعض الشخصيات الأخرى، ومدير التلفزيون مقرراً.. الإشكال الآخر أن يكون مدير التلفزيون مقرراً لمجلس الإدارة والمقرر لا يمكن أن يضعه مجلس الإدارة حتى يضع السياسات لتحكمه أنا لا أضع الحبل حول رقبتي بإرادتي.. أعتقد أن المجلس يكون مثل مجالس البنوك، وأن تكون هناك سكرتارية مجلس ويدار بعيداً عن التفاصيل الداخلية.
{ تعتقد أن الإنقاذ فشلت في أن يكون لديها لسان؟
– أعتقد.. أستطيع القول بكل ثقة إن معضلة الإنقاذ بكل ما فيها من إشكاليات وكل ما ظهر من إخفاقات كان سببها أنها لم تلتفت للإعلام الالتفاتة الحقيقية المطلوبة، وأنه أضعف حلقات الإنقاذ ظل وما زال وأرجو ألا يكون سيكون كذلك هو الإعلام لأنه المسكة والقبضة سواء أكانت الأمنية أو العسكرية أو المالية، وهذه ضرورة لكن إقناع الناس بما تعمل فيه أنا أعتقد أنه ضرورة لن يقوم بها إلا الإعلام، وبالتالي التعامل مع الإعلام كذراع تنفذ به أغراضك، أعتقد سيفشل الإعلام.. يفترض أن يكون مدركاً للعمل حتى يخرج القضية أكثر من أن يكون منفذاً بصورة معينة، بالتالي أتأكد وبتضارب التصريحات والآراء أن الإنقاذ ليس لها لسان بالمعنى المطلوب، وأرجو أن يتداركوا هذا الأمر.
{ هل يعزى هذا لعدم وجود كوادر أو خبرات؟
– لا أعتقد أن السودان يشكو من كادر أو خبرة، لأن كل العالم العربي من يدير ملفات الإعلام فيه هم سودانيون وأكفاء جداً وعلى مقدرة عالية جداً، لكن أعتقد أن الإعلام لا يحتمل إلا أن تعطي الخبز لخبازه ولو يأكل نصفه كما يقولون.. (في حتة الإعلام) لم تصبر الإنقاذ لأن تعطي الخبز لخبازه، وبالتالي أي تعامل لغير مختص في مجال الإعلام الذي أصبح صناعة تؤثر فيها الكلمة واللفظة والصورة المعنية.. أعتقد أن الإنقاذ خسرت كثيراً وما زالت ستخسر إن لم تلتفت لملف الإعلام التفاتة غير الطريقة التي يدار بها الإعلام عموماً.
{ كيف تنظر إلى المستقبل الإعلامي من خلال ثورات التواصل الاجتماعي.. هل يمكن أن يكون هنالك إعلام بديل بما يسمى المدونين؟
_ هو ليس سيكون.. هو كان.. الآن الذي يدير ملفات الإعلام في السودان ليس هو التلفزيون، وليست هي كثير من وسائل الإعلام التقليدية، حتى هذه نفسها إن لم تدخل الإعلام الجديد ستفشل وتفقد يومياً مساحتها.. الآن لو أردنا أن نتحدث بصراحة شديدة أعتقد أن المساحة متاحة للمدونين وللإعلام الجديد بكلياته، ولن ينتظر أحد وسائل الإعلام تتحرك بتحرك الحكومة الرتيب أو أي تحرك من التحركات، بالتالي الإعلام الآن هو في موقف الدفاع كل القضايا تُفجر ويصبح الإعلام مدافعاً، لكن الإعلام لم يكن قائداً في يوم من الأيام حتى فشل اتفاق (نيفاشا)، وجزء كبير عزوه للإعلام.. لماذا؟؟ لأن الناس تعاملوا مع الملف كإعلاميين في إطار اللسان يتحدثوا باسمه، لذلك الإعلام هو الذي احتفل بالاتفاق يوم أن وقع وكان هذا السلام قد اكتمل، في حين أن هذا التوقيع هو بداية خطوات السلام يفترض أن تكون هنالك خطوات عملية في السلام فشل الإعلام فيها لأنه خارج المنظومة أصلاً، وبالتالي حتى الذين شاركوا في (نيفاشا) من إعلاميين شاركوا كمسؤولين في إطار تنفيذ الملفات ونقل الحوارات وإدارتها، لكن لم يشاركوا في إطار تأسيس قضية الإعلام كشريك أساسي في قضية السلام وفاعليته ودوره وكذا.. بالتالي معظم الناس كانوا متفجرين.
{ هل هنالك من التشريعات ما يضبط هذا الإعلام الإلكتروني؟
_ الآن قضية الإعلام الجديد هي أنه إعلام طبيعته غير محكومة وأي شخص يحاول أن يضع من القوانين واللوائح، ستضع بعض القوانين ترضي بها نفسك لكن الواقع سيظل متفلتاً.. بهذه الطريقة أعتقد القضية الآن ليست وضع قوانين، القضية هي أن نستوعب هذا الإعلام الجديد ونتعامل معه بإيجابية ونوظفه بإيجابية ونتيح له مساحات الحرية.. أحسن نتيح مساحة الحرية نحن من أن تتاح مساحة الحرية ونحن نكون في (صايد) نريد أن نكبل الإعلام وهو يتفلت بالتالي نكون خسرنا في الناحيتين.. والتعامل معه، أعتقد نحن محتاجون أن نعد كوادر حقيقية.. أنا كنت قد طرحت مشروعاً أيام كنت في المؤتمر الوطني، مشروع المدونين الوطنيين، ليس بمعنى أن الآخرين ليسوا وطنيين لكن أعتقد أن نجاحنا كسودانيين أن نستوعب الإعلام الجديد وأن نتيح لكل الناس في الولايات أن يستخدموا هذا الإعلام في إطار إبراز صوت الولايات، صوت الحياة الاجتماعية العادية، قضية دارفور كنموذج، الآن الناس ينظرون لأزمتها من الإعلام وإلى الآن الناس حتى ناس الخرطوم لا يعرفون عن دارفور إلا الحرب في حين أن دارفور ليست هكذا.. إذا الإعلام فشل في أن يبرز الوجه الآخر لقضية مثل قضية دارفور فهو بالتالي فشل في كثير من القضايا الأساسية.. أعتقد أن القضية ليست قوانين ترضي بها نفسك، لكن الواقع أبعد من اللوائح والقوانين، هو واقع أصبح منفلتاً تماماً والتعامل معه هو أن تستوعبه وتتعامل معه وليس تكبيله بأي حال من الأحوال.
{ الآن مسألة الانتخابات بعد مقاطعة الأحزاب لها ربما قد تؤثر في رأيك.. وإقبال الناس على الانتخابات.. هل نجح المؤتمر الوطني بآلياته الإعلامية أن يبرزها كحدث مهم؟
_ دعنا نتكلم عن الانتخابات نفسها.. الشعب السوداني على درجة عالية من الوعي والمعرفة وهذه حقيقة يجب أن يعترف بها الناس.. الأحزاب هي تشكيلات من المجتمع السوداني تضيف له في بعض الأحيان، لكن في كثير من الأحيان المجتمع متقدم.. الانتخابات كثير من الناس من غير الإعلام يعتقدون أن الوقت غير مناسب لها.. هذا واحد من الظروف الموضوعية.. كثير من الناس يمكن أن تناقشهم فيها.. الظروف الموضوعية حول الحوار المجتمعي والحوار مع الرئيس كذا كانت توحي بأن الانتخابات لن تقوم في موعدها فهيأت الناس لأن الانتخابات ليس هذا الوقت المناسب لها، ولو تمت ستتم في إطار توافق سياسي عالٍ بالنسبة لها، وتفاجأ الناس بأن الانتخابات في موعدها رغم أن كثيراً من الناس بنوا على تأخيرها.. وصحيح هذا ليس عذراً لهم.. بقي الشعب في عمومه غير مهيأ للانتخابات كعملية معينة، الآن وسائط الإعلام تغيرت، وظهور وسائط الإعلام الحديثة وانتشارها في المجتمع السوداني بكثافة عالية جداً، الحكومة أو المؤتمر الوطني إذا تعاملوا بالتعامل التقليدي لن يستطيعوا أن يواجهوا الحملة الكبيرة جداً للإعلام التي يمكن أن تكون، بالتالي الإعلام في كثير من الأحيان كان إعلام دفاع وليس إعلاماً مبادراً، يحدث الحدث بعد ذلك يتعاملون معه.. أعتقد أن الانتخابات الجديدة سيكون لها طعم خاص جداً، لأنه سيكون فيها حراك مجتمعي حقيقي يمكن أن تلعبه وسائل الإعلام الجديد.. صحيح المؤتمر الوطني قد يفوز.. أنا كنت معجباً بالتجربة التونسية “راشد الغنوشي” كان في الحكومة وكيف تنازلوا عن الحكومة للمعارضة في فترة معينة.. هو قال: نحن نخسر كحزب ونكسب كدولة والقضية الآن قضية تونس لأنه لا معنى لوجود حزب النهضة من غير وجود تونس يجب في المقام الأول أن تبقى تونس أو لا تبقى.. الآن أعتقد أن الناس يجب أن يوجهوا حملتهم تجاه السودان وليس تجاه الحزب أياً كان الحزب، أن يفوز حزب أو لا يفوز، أن تقاطع أو لا تقاطع الانتخابات، إذا جرت الانتخابات يجب أن تجرى على توافق بأن حتى الذين داخل المؤتمر الوطني أو الأحزاب المشاركة هم على قناعة بأنها ضرورة مرحلية ويمكن أن تفضي إلى نتائج إيجابية بوجود شخصيات وأناس على كفاءة ومقدرة.. أعتقد أن المرحلة غير مواتية لإعلام الحزب أن يقنع الناس لأن المرحلة تجاوزت تماماً، وتشكلت كثير من المفاهيم عند الناس، فبالتالي تبقى القضية هي قضية انتخابات يجب أن تقوم.. أنا في تقديري أن نتائجها لن تكون النتائج المرجوة منها كممارسة ديمقراطية وحياة بغض النظر عن ما يترتب عليها، لكن كقيمة ستكون فقدت قيمتها المرجوة منها في هذا الوقت مفترض أن تفضي إلى شكل من التوافق المجتمعي المطلوب.
{ احتدام الصراع الانتخابي الآن في الدائرة(1) أبو حمد؟
– في تقديري الدائرة(1) أبو حمد تشكل نموذجاً من نماذج إخفاقات المؤتمر الوطني في التعامل التحتي مع قواعده، هذا في تقديري الشخصي.. هذه الدائرة منذ الستينيات كانت دائرة مقفولة للإسلاميين منذ جبهة الميثاق الإسلامي والجبهة الإسلامية، وهي دائرة ليس فيها حوار حزبي أو تقاطعات كان متفقاً عليها، هنالك عرف راسخ في هذه المحلية بأن هنالك ثلاثة أجزاء (رباطاب) يمثلون ثلثين و(مناصير) الثلث، ومتعارفون على الجنوب والوسط والشمال بالنسبة لهم، في كل فترة يعطون الدائرة لواحد يتوافقون عليه.. هذا هو العرف السائد.. الذي الحدث الآن أن الانتخابات السابقة (“البرجوب” القبلها نزل مؤتمر شعبي والبعدها نزل مؤتمر وطني).. نحن كلنا وقفنا معه باعتبار أن الدائرة (حقت الجزء الجنوبي) وأعطيناها لظروف منطقية لـ(المناصير)، وبالتالي وقفنا، وهذا الوقوف كان ضد “صلاح كرار” ابن المنطقة، لكن لأنه كان هناك عرف ومبادئ نريد أن يبقى العرف وأن يذهب الأفراد، والشاهد أن في هذه الانتخابات يفترض بـ”البرجوب” ألا يترشح كشخص أولاً و(المناصير) كجزئية لا يرشحوا أي شخص لدائرة جنوب الولاية، هذا هو العرف، المؤتمر الوطني كان يفترض أن يلتزم بالعرف ويرشح أي شخص من الجنوب وبالتالي يمشي السياق في إطار هذه القيمة، لكن الذي حدث أن الناس تفاجأوا بترشح “البرجوب”، وبالتالي فرض جزء من تحديات جديدة.. الدائرة أساساً محتقنة وهنالك مشروعات أنا إذا أردت أن أصوت لـ”البرجوب) سأصوت له كممثل للحكومة والمؤتمر الوطني.. هنالك إشكالات حقيقية، الدائرة واحدة من المناطق التي لم تدخلها الكهرباء وهي واحدة من المناطق التي ظل الأسفلت (مقطع) في أربع مناطق، وهنالك مشاكل حقيقية في التنمية والتعدين.. هي المنطقة الوحيدة التي يتحكم فيها أناس آخرون وليس فيها أي عائد للمنطقة.. هذه كلها قضايا يفترض أن يحسمها نائب الدائرة بشراكة مع الحكومة.. هذا لم يحدث.. إذا أردنا أن نتعامل مع “البرجوب” وفقاً لإنجازاته أعتقد ستكون هنالك مشكلة، وبالتالي نزول “مبارك” يمثل العرف الموجود ويمثل جنوب الولاية وهذه الدائرة أصلاً مستحقة له وأنا أتوقع أن كثيراً من (المناصير) سيقفون وفقاً للعرف، لأن القضية ليست قضية أفراد، هي قضية مبادئ وأن تستقر هذه المنطقة، واستقرارها أن يفوز الشخص الذي ترشحه المنطقة الجنوبية وكان يفترض أن المؤتمر الوطني ينزل للقواعد ويتوافق وفق هذا المبدأ، وكنا نتوقع أن يسحب “البرجوب” في آخر لحظة، هذا هو تقديري الشخصي حتى لا (تنفتق) منقطة جديدة في السودان في شكل خلافات وتحديات، كان يمكن أن يكسب “مبارك عباس” ويكسب المؤتمر الوطني في الولاية حتى لو نزل “مبارك” كمستقل أو منتمٍ للمؤتمر الوطني، بأية صورة من الصور كان المؤتمر الوطني سيكسب، لكن أن يصر “البرجوب” على الترشح أنا أعتقد أن الدائرة ستدخل في ملف جديد سيفضي إلى خلافات وقضايا وإشكالات ومشاحنات الناس في غنى عنها.
{ ما هي وجهتك القادمة؟
_ أنا والله إلى الآن مستقر في السودان وفقاً لظروفي الخاصة، الأسرية بالذات، وباب الهجرة مفتوح تماماً بالنسبة لي في أية لحظة قررت الهجرة، فليس هنالك ما يمنعني، وأنا منذ أن غادرت المؤتمر الوطني لم يتصل بي أي أحد من المؤتمر الوطني الحمد لله رب العالمين، وبالتالي أشعر أنني اتخذ قراراتي وفقاً لمقتضياتي الشخصية وتدبير أساليب حياتي واسأل الله أن يجعلني كالغيث حيثما وقع نفع.. قال تعالى: (قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا).. نحن الحمد لله بعلمنا وبمعرفتنا لسنا مستضعفين، ليس لنا أي تحفظ تجاه أية قضية وليس لنا عداء مع أي شخص.. وإذا قررنا أن نسافر سنسافر بنفس هذا المعنى.