هاشتاق !
ولاية القضارف كانت بالأمس(السبت) المحطة الثالثة التي يهبط فيها المواطن “عمر حسن أحمد البشير”، باعتباره مرشحاً عن المؤتمر الوطني لمنصب رئيس الجمهورية. وهذه نقطة مهمة يجب الانتباه لها في سياق ملاحقة وتغطية هذه الحملات، “البشير” يخاطب الناس الآن كمرشح في سياق حملته الانتخابية، وأقول كان ملفتاً كالعادة أن الحشود كبيرة، وعالية الحماس وهذا يؤكد بشكل جلي أن دعاة المقاطعة يخسرون كما قلت قبل يومين، وأتوقع مع كل مخاطبة جديدة أن تتسابق الولايات لتحقيق أرقام قياسية، وما حدث حتى الآن سيزيد حماسة الأداء الحزبي للحزب الحاكم. وكل هذا جميل ولصالح مشروع انتخابات حية وفاعلة عالية التنافس، لكن ما أراه قصوراً هو غياب الأصوات الأخرى لبقية الأحزاب.
“البشير” مرشح ضمن آخرين والوطني ينافس أحزاباً أخرى، صحيح أننا رأينا “التيجاني السيسي” و”الدقير” ضمن أعضاء الحملة القومية لترشيح “البشير”، لكن الأهم أن نرى حزبيهما، وكذا بقية الفصائل والجماعات التي تقدمت لخوض الانتخابات. ما نراه حتى الآن نشاط للمؤتمر الوطني وحده، وهذا غير مريح ولو كنت مسؤولاً بالحزب الحاكم لما ترددت في تهدئة اللعب والانسحاب عن الأضواء قليلاً والتراجع لصالح إبراز حملات أخرى للاتحاديين وغيرهم، بدلاً من التركيز على حملة واحدة، وصحيح أن تلك الأحزاب ربما تكون هي نفسها من يكتم صوته لإشكالات خاصة بها لكن من المهم أن تتحرك نحو دائرة الضوء وقلب الحدث، ولا أعرف حتى الآن السبب في فتور حضور حزب مثل الاتحادي الديمقراطي بكل جماهيريته ووزن قادته وخبراتهم في مثل هذه المناسبات.
المؤتمر الوطني نفسه يتضرر من هذا، لأنه وحسب علمي ثمة حملات أخرى لمرشحين في مستويات أخرى، دوائر وكذا دشنت حملاتهم، لكنها مرت مثل صوت يحمله الصدى لا يعرف أحد مصدره! وإن كان هذا يحدث مع قيادات بالحزب الكبير فما بالك بأحزاب أخرى ومرشحين مستقلين ارتفعت أسماؤهم وتمسك بعضهم بحلم الفوز، وقطعاً فإنهم يعملون الآن وينشطون ولكن لا أثر لهذا في الإعلام، وهذا للمرة الثانية أقول سيضر بانتخابات قد تكون فعلاً حيوية ونزيهة وذات حراك، لكن سوء التخطيط الإعلامي يقتلها ويخرجها باهتة وضعيفة على عكس واقعها.
أمر آخر لفت نظري في هذه الانتخابات وهو دخول وسائط التواصل الاجتماعي – وهذا مبحث طويل – كمؤثر وعنصر جديد في الحراك الانتخابي، ظهرت (هاشتكات) معبرة وتبارت المجموعات والصفحات في الترويج وإبراز المساندة، ولكن ومرة أخرى ألاحظ أن الناشط الوحيد فيها هو المؤتمر الوطني الذي ينازل كتلة عريضة وموجة عاتية من أنصار المعارضة المقاطعة والمسلحة، وهذا سجال مفهوم ولكن ما لا يبدو مفهوماً كذلك غياب الأحزاب الأخرى والمرشحين في الترويج عن أنفسهم، والدعاية عبر الوسائط سهلة وغير مكلفة بالقدر الكبير مادياً ومتاحة ومفتوحة الجوانب للجميع لقول ما يشاءون وقت يشاءون كيف يشاءون.