شواغل
وفق أدق التعريفات للزيارات الرئاسية فإنها تلك التي تكون مدتها غالباً ثلاثة أيام أو أربعة، وتتم بناء على دعوة من رئيس الدولة المضيفة، ويجري تنسيق وترتيب مراسمي بين الدولتين بما يغطي تفاصيل الزيارة وبرنامجها، ومواعيد الوصول والمغادرة وأسماء المرافقين للرئيس الضيف ووظائفهم ودرجاتهم وهذا عين ما جرى بين السودان والإمارات في زيارة المهم فيها التركيز في التحليل والعرض ومن ثم الاستقراء على الفحص الجيد للموضوعات التي تتناولها مباحثات القادة، وذلك من خلال الوزراء والجهات المعنية في الدولتين وأعتقد أن تشكيل الوفد المرافق للمشير “عمر البشير” يشير إلى أن هناك شواغل كثيرة سيتم على الأقل الاتفاق على التقدم نحوها وفق كل اختصاص ومحور وهو المفيد.
ليس سراً أن علاقات السودان ببعض دول الخليج أصابها شيء من الفتور، وليس سراً كذلك أن المنطقة العربية وقعت تحت تأثير مناخات متقلبة سياسياً مما خلق حالة من المطبات العابرة خاصة في الآونة الأخيرة حيث باتت تتم الإشارة إلى الأحلاف والتكتلات والتي للأمانة لم تعترض مسير العلاقات السودانية الإماراتية ويحفظ للأخيرة والسودان كذلك أن البلدين ظلا حريصين على نصاعة ثوب العلاقة فلم تثبت الأيام رهقاً في القول والفعل من أي بلد تجاه الآخر، وظلت كل الوشائج متصلة وقد أحسن الأستاذ “الهندي عز الدين” أمس في ذلك ولزم جانب الدقة تماماً لحالة تلك العلاقات.
الآن ثمة واقع جديد، وتعتبر زيارة “البشير” هذه تمهيداً مؤكداً للدفع بالأمور إلى الأمام ، هذا توجه يبدو عاماً بالمنطقة العربية، ثمة حالة من الوعي التي تتجه لرد الأمور لنصابها الصحيح، فمن الواضح وفق مؤشرات عديدة أن الأصل في هذه المنطقة التمسك بالتقارب والتعاون والنظر إلى آفاق أوسع، وكما يقول “محمد حسين الشعالي” وزير الدولة للشؤون الخارجية السابق في دولة الإمارات، إن التقارب في العلاقات الإماراتية والسودانية واضح، فهي علاقات تاريخية منذ أيام الراحل الشيخ زايد الذي كان يكن شعوراً خاصاً للسودان، وانتقلت العلاقات الآن من مرحلة العون إلى مرحلة جديدة هي الاستثمار وهو ما يشير إلى أن هموم المستقبل هي الحاكمة لتوجه هذه العلاقة المتميزة.
للسودان أدواره المرجوة في كثير من الملفات وللإمارات كذلك، وقطعاً فإن جهد البلدين وبالتعاون مع بقية المنظومة العربية من شأنه أن يؤسس لاتجاهات حلول ومعالجات تنقل الجميع إلى محطات جديدة والمكانة العالية لدولة الإمارات وفيوض الحكمة التي تتسم بها سياساتها تؤهلها لتقديم أطروحات مقبولة للجميع ومتفق عليها وهي بلد وسطى في الخليج مقبولة عند الأطراف كافة، ولعل سانحة زيارة “البشير” إلى الإمارات التي أعتقد أنها تتزامن وهبوط رؤساء عرب آخرين تكون فرصة لإدارة نقاش عميق وشفاف حول كثير من التحديات الممتدة من ليبيا إلى اليمن وغيرها.