من وحي الأخبار

عزام !!

خسر المريخ العاصمي مباراته الأولى في البطولة الأفريقية بهدفين نظيفين أمام فريق عزام التنزاني، وهي نتيجة ليست بدعاً في عوالم كرة القدم لكنها تشير بجلاء إلى أن مهمة المريخ في لقاء الإياب لن تكون سهلة أو أن طريق الخروج من هذه الورطة سيكون معبداً. قد تكون الكلفة باهظة والراجح عندي أن الفريق سيغادر كعادته من الدور الأول ويحدث هذا رغم ملايين الجنيهات التي صرفت على معسكرات بالخليج وأفواج المحترفين الذين تم تقييدهم من الأجانب والوطنيين بخلاف طاقم الجهاز الفني ومساعديه، وكل هؤلاء لن يغنون عن المريخ شيئاً.
لست شامتاً فأنا من أولئك الواقعيين الذين آمنوا أن الفريق الأحمر فريق منكوب ولن يعبر قريباً إلى شواطئ العافية، ولكن ما أود الإشارة إليه أهمية التعامل بموضوعية مع الهزيمة خاصة في جانب الإحساس بالترفع والتميز على الكرة التنزانية، فنحن أو بعضنا لا يزال يظن أن تنزانيا وزنزنبار وإثيوبيا وارتريا وربما أوغندا هي ذات الدول القديمة من حيث التصنيف الكروي، هذا ليس صحيحاً، فتلك الدول تطورت اقتصادياً ورياضياً وطورت قدراتها بينما لا يزال السودان مرابطاً عند محطة أنه أسس الاتحاد الأفريقي أو أنه من علم العرب كرة القدم !
الكرة وعموم الرياضة لم تعد هتافاً وصحافة مشجعين، هي اقتصاد مؤسسات وليس عمل أشخاص وأسماء كما يحدث عندنا. وفريق عزام الذي هزم المريخ بالأمس وربما يقضي عليه في أم درمان، مملوك لشركات رجل أعمال فرئيس النادي يستقطع عشرة بالمئة من أرباح أي شركة من شركاته، ويدفع بها لدعم النادي الذي يعتمد على لاعبين صغار وقلة من الأجانب. وهكذا يدار الفريق بأسلوب متطور أكثر من فريق المريخ نفسه الذي لا يمر يوم دون أن يستقيل فيه إداري أو مسئول رفيع، والسبب قطعاً أن أولئك المستقيلين إنما لهم خلافات مع جمال الوالي، أو أن تقتيراً غل يدهم لأن الإدارة في السودان تعني أن صاحب الجيب الكبير هو من يقرر فنياً وإدارياً وربما إعلامياً.
لقد ثبت عصر الأمس أن كل ما قيل عن نجاح معسكر إعداد فريق المريخ وتميز نجومه ومحترفيه إنما كان محض هراء وهلوسات صدقها للأسف الجمهور المسكين، وأتوقع أن يلاقي فريق الهلال ذات المصير حتى وإن انتصر الفريق على خصمه الزنزنباري، لأن (الحال من بعضه) وسيضحك الأهلة كثيراً ويشمتون في خصمهم وندهم التاريخي، ولكنهم سيكتشفون اليوم وهم لعبوا أمس مساء  أو في أقرب سانحة، سيكتشفون أن الجميع خائبون وأن الكرة السودانية لم يعد لها فرصة لاعتلاء المنصات والتتويج، لأنها كرة لا تزال تعتقد أن الفوز في المباريات يتم باللعب على الصحف ولم تدرك أن الفوز يحتاج إلى عزيمة وتخطيط ولاعبين مهرة وأطقم فنية حقيقية، وليس من أولئك الذين صار الناس قبلتهم لكرع الأموال ونقلها بالعملات الصعبة للخارج، من جانب محترفي الغفلة ومدربي الضحك على الذقون الأجانب.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية