رأي

مجرد سؤال ؟؟

رقية أبو شوك
(وحات أحمد)..!!
وأنا أطالع أحد الكتب عن أوقات استجابة الدعاء، التي تضمنت عدداً من الأوقات، كان أولها الدعاء في جوف الليل أي الثلث الأخير من الليل لأن الله ينزل للسماء السابع ويقول (هل من سائل فأستجيب له؟؟).. أيضاً الدعاء عند شرب ماء زمزم.. كما لا ترد دعوة البار بوالديه ودعوة المظلوم التي ليس بينها وبين السماء حجاب.
والله سبحانه وتعالى يستجيب ولو بعد حين، ويقول المفسرون للآية الكريمة في سورة (يونس) والله أعلم: (..قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) التي خاطب الله سبحانه وتعالى فيها نبيه “موسى” و”هارون” بعد أن سألا الله أن يطمس على أموال فرعون وملئه: (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ).. يقول المفسرون إن ما بين الدعاء واستجابته كانت (40) عاماً ثم بعد ذلك جاء غرق فرعون، والسبب لأنه كان باراً بأمه، وبعد أن ماتت والدته كان عذابه غرقاً.
إذن هذه دعوة للبر بالوالدين.. (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا).. نعم ربيانا صغاراً ونحن في حاجة للرعاية، وبنفس القدر هما بحاجة إلى الرعاية منا ونحن كبار لأنهما باتا صغاراً كما كنا (مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا).. والقرآن إذا تمسكنا به عرفنا كل شيء.
وأنا أتحدث عن بر الوالدين، أدعوكم جميعاً للدعاء لوالدي بالشفاء العاجل وأن يعجل بشفائه حتى تعود الابتسامة لشفاهنا.. نعم نحن راضون بما كتبه الله، ولكننا ندعوه ونتوسل إليه أن يشفيه، وأن يحلل عقدة لسانه، فهو- أي والدي- كان هو الآخر باراً بوالديه.. كان يحب والديه حباً جماً ويسعى لإرضائهما بكل السبل.. كان يصمت عندما يبدر منهما ما يغضبه، ويستغفر الله العظيم ويتذكر في الحين (فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ).. فقد كانت والدته الحاجة “نفيسة بت بامسيكا” معروفة بصرامتها، لكنها كانت تحبه وتقول حتى وهي تخاطبه في لحظة (زعل): (وحات أحمد) ثم تضحك، الأمر الذي يؤكد حبها له وأنه لم يتجرأ يوماً و(زعلها)، وقد سمى شقيقتي الصغرى باسمها، وكان يقول لنا (دي أمي مافي زول ينهرها حتى كانت غلطانة) الأمر الذي يؤكد بره حتى باسم والدته.
ربانا وشقيقي الوحيد “محمد” ولم يبخل علينا بشيء.. كان يحب التعليم ويحب جداً أن نكون متطلعين لغد أفضل، وأن نسعى لمواكبة العصر، لكن بالمفيد الذي ينفعنا وينفع أمتنا الإسلامية.. كان يحكي لنا كل التجارب التي خاضها وكيف استفاد منها في إشارة منه لعدم الاستسلام والوقوف في وجه الصعاب.
تعلمنا منه الكثير الكثير، وكأنه معلم أجيال وأجيال.. بالرغم من تعليمه المتوسط، فقد تعلم الكثير من مدرسة الحياة حتى صار مدرسة ينهل منها الكثيرون.
قلبي ما زال يتقطر وينزف ألماً وهو ما زال طريح الفراش لا يستطيع التحدث.. فالأطباء يؤكدون أنها مسألة زمن.. ونمتثل إلى قول الله سبحانه وتعالى: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)..
وأكرر وأقول:
الكرم صار طبعو ديمه
يقولك لجوة قنب
ويكترلك في العزيمه
عفواً سادتي القراء، فقد شغلتكم معي بمرض والدي.. لكني قصدت أن تشاركوني الدعاء بشفائه عاجلاً وأن يعود لبلده السودان وهو يمشي على رجليه.. يجيء للسودان الذي عشقه وعشق ترابه وأهله وعشيرته.. يعود لتعم الفرحة قلوبنا وتعود لنا الابتسامة التي فارقتنا، ورغم ذلك فإن إيماننا قوي يجعلنا لا ننسى أن هذه هي الأقدار التي قدرها الله علينا: (وإذا أحب الله عبداً ابتلاه)
يلا أدعوا.. ولا تتوقفوا عن الدعاء.. عليكم الله ما تتوقفوا.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية