من وحي الأخبار

نظافة العاصمة

صار لي يومياً جدل وشجار لا يتطور بحمد الله وبفضل كثير من الأسباب إلى مقتلة مع بعض جيراني بالحي، والسبب حرص بعضهم على وضع قمامة منزله كيفما اتفق في انتظار مرور مركبة النفايات التي أشهد لها في حينا بالمرور والمثابرة وإخلاص عمالها، إذ ينفرون خفافاً فيجمعون شعث القمامة  وينظمون المتناثر منها على حافة الطريق والخور. ومشكلتي أن منزلي يقوم على ناصية الطريق وقبالة الشارع العام ويحدث كثيراً أن يأتي أحدهم أو إحداهن فتنثر خيبة منزلها أمام بابي، وإن تدخلت بلفت نظر تطور الأمر إلى تلاسن وتحدي بأني سأضعها هنا و(أعلى ما في خيلك أركبه)، وحيث أن لا خيل لي أركبها أو بغال، فإني عادة اكتفي بالتعوذ من الشيطان الرجيم والدعاء بأن يأجرني الله في مصيبتي !
أزمة النفايات أو الشكل المتسخ لأحياء الخرطوم ومحلياتها سببها الأول والرئيس المواطن نفسه سواء كان بالحي للسكنى أو مواقع التجارة والعمل، نحتاج للأمانة إلى تعديلات سلوكية عميقة تعلي من شأن الانتظام في هذا الجانب والذي صحيح أن للحكومة الولائية جهداً وواجباً غير منكور، لكن الأصح منه أن هذا الأمر في بعض جوانبه يحتاج إلى الجهد المجتمعي. وقد لاحظت وذكرت هذا في غير مكان وموقع نحتاج إلى إحياء سنن التعاون داخل الأحياء وتفعيل ثقافة النفير والتنافس بين المناطق، وليت حكومة الولاية – الخرطوم – أو بعض المحليات تخصص جوائز لأنظف الأحياء، وهو عمل لا يحتاج إلى لجان وهيئات هو جهدك وجهد جارك ومن ثم تتكامل الصورة لتنتهي إلى حي نظيف أنيق القسمات.
كثير من الأحياء بالعاصمة تشهد طفرة عمرانية، تغيرت بالكامل ملامح المدينة هناك رغم الضيق العام توجه نحو تحسين الإسكان. وانتقلت الحداثة البائنة في المعمار والإنشاءات إلى الحارات ولكن هذا يضر به ويهزمه علو الإهمال في جوانب الانتقال بذات الاهتمام للحرص على مظهر الشارع والطريق المحاذي لمنزلك، وبعض مواطنينا يظنون أن مطالبتك لأحدهم بأن يضع نفاياته في مكان صحيح وبتنظيم ليسهل جمعها إنما هو (تحشر) منك لأنك مواطن نفسه ولست حكومة والتي في نظره تتحمل مسؤولية جمع القمامة وأكلها والتمسح بها ! ولذا تجدني في غاية الإشفاق من كثير جهد تبذله السلطات في مشروع نظافة العاصمة فينتهي عادة إلى التلاوم ووضع قبعة هذا في رأس ذاك، وبروز الجدل المتطاول عن مرور مركبات النقل أو رسوم النفايات التي أشهد بأن لها موظفين مثابرين لا يملون أو يكلون من طرق الأبواب حتى أيام العطلات !
تحتاج الولاية إلى عون من جهات كثيرة في تطوير سلوكيات المواطنين وإقناعهم بأن نظافة الحي والحارة، عمل يمكن أن يحدث بطرق شتى أقربها وأولها أن أقوم أنا وأنت وجارنا بالجنب بمبادرة من تلقاء أنفسنا، يمكننا أن نجمع قمامتنا ونحرقها أو نحشدها كلها بشكل آمن ومرتب، فنوفر على أنفسنا هم انتظار بوق الناقل الحكومي وعمالها حضر أم لم يحضر.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية