من وحي الأخبار

أبو جنزير..!!

زعمت طائفة من القوى الحزبية والسياسية المناهضة لانعقاد الانتخابات أنها بصدد إقامة انتخابات موازية في دورها.. وقطعاً فأنها لا تعني المعنى الحرفي والإجرائي للانتخابات، لأن لذاك مسار آخر بأبعاده القانونية والدستورية، ومكان انعقاد ودائرة اختصاص وما إلى ذلك من عمليات، وإنما القصد من المعارضة أنها تريد القول إنها ستفتح دورها لانتخابات رمزية ولإثبات أن الشعب معها في المقاطعة وأن الساعين نحو مقارها أكبر من عدد السائرين نحو صناديق الاقتراع أو شيئاً من هذا، في سياق التشنيع بانتخابات تنكرها ولا تعترف بها، رغم أن قناعتي الشخصية أن هؤلاء المحتجين من سياسيين وأحزاب لو أقيمت لهم انتخابات منزوعة من كل الشكوك والظنون لما خاضوها.
الدور الحزبية أصلاً مغلقة وبعضها يظل لأشهر خالياً من الزائرين، وأغلبها يطارد ملاكها وأصحاب العقارات الأمين العام لهذا الحزب أو ذاك للحصول على قيمة الإيجار أو التوصل إلى صيغة للخروج بالمعروف.. وشخصياً أمر يومياً بلافتة عريضة المنكبين لحزب طويل اللسان قليل الإحسان إلا في التصريحات، يعلو بابه الأمامي (جنزير) تسد فرجه ثلاث (طبل) سوداء كالصخور، ولم أر يوماً في هذه الدار شبح جماعة حتى صرت حائراً من سلبية مجلس الأحزاب في القيام بحملات تفتيش حتى يتسق على الأقل المكون الإجرائي الورقي للتصديق والحراك الفعلي للجماعة الحائزة على شرعية ممارسة النشاط الحزبي.
قلت من قبل- وأكرر- إن أحزابنا أغلبها لافتات، وشعارات مرفوعة وحلاقيم عريضة. ولعل هذا يفسر جزءاً من حالة الضعف الذي جعلها أفشل من تحرك زقاقاً في أحد شوارع أم درمان القديمة ناهيك عن حشد الغاضبين في مواجهة الحكومة بساحة الشهداء قبالة القصر الجمهوري، لأنها في واقع الأمر لا تعيش بين الناس وإن سكنت منازلهم واستأجرتها كمقار ترفع عليها لافتات عريضة عن الحزب الفلاني، الحر، الديمقراطي الوطني الفيدرالي (الفلتكاني) حينما ترص العبارات الممجدة المشيدة بالذات، وما أسهل رفع الشعارات وما أصعب الوقوف عليها كما قال الشهيد “محمد طه محمد أحمد”.
إن كنت في مقام النصح فإني أدعو المعارضة للابتعاد عن هذه الفكرة، فسيأتي اليوم وتدعو جمهور المقاطعين للانتخابات إلى دورها ثم ستكتشف أن الشعب قاطع تلك الدعوة، ولات حين شماتة ماحقة يومها.. السياسيون يفترضون في هذا الشعب الغباء وهو أذكى من ذلك، ويعلم تماماً أن بعض الحزبيين لسبب أو لآخر لا ناقة أو جمل لهم في هذه الانتخابات ويريدون توظيف الناس بمثل هذه الدعوات التي أخشى أن ترتد على الداعين، فتتضاعف الخيبة والخذلان حين يعلم البعض أن دوره لم تستقبل عشرة أو عشرين، هذا بالطبع إن عرف المواطنون المسالك والدروب المؤدية لدار الحزب ومقر الجماعة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية