قمة "البشير"..!!
قلتها من قبل، لو أن النصر الذي حققه الأفارقة بالإجماع الشديد ضد الجنائية الدولية في معركة خاضها السودان ضد رياح التحالفات الإقليمية واتجاهات المقايضات ووقف فيها الرئيس “البشير” كالطود الأشم ثابت الجنان صامداً، لو أن ما جري معترك خاضه أي بلد آخر ورئيس لتحول الحدث لعرس وبطولة برزت من متون التاريخ والسير، ولكنه السودان حيث تهدر الفرص ويتم التعامل مع أي أمر كواقع تم وانقضى.
الاتحاد الأفريقي الذي انعقدت قمته الخامسة والعشرين أجاز قراراً شطب به هذه القضية من أجندة شواغله، عبر فوقها وقضى عليها، دهس المحكمة الجنائية الدولية تماماً، وهو قرار ليس سهلاً وواهم من يظن أنه ناصر فاتر، هو فعل كبير وسحق لواحدة من أعظم مؤامرات العقدين الماضيين.. ما أنجزه الأفارقة وبقرار من القمة والرؤساء لطمة قاسية وصفعة مذلة للمحكمة وأذيالها، وأثبت الأفارقة بهذا أنهم بلدان تحترم تاريخها وقادة يوفون بتعهداتهم، وفوق هذا وقبله تقدموا كل الكيانات السياسية الدولية في رسم محددات جديدة تتجاوز بالجميع سياسة الإملاء التي كانت تسوق الدول الأفريقية في المواقف الكبيرة.
حدث مثل هذا تعامل معه السودان بإهمال غريب، مضى وكأنه لا شيء، رغم أن بطل القصة والحكاية هو الرئيس “البشير”، وتوقعت فور صدور القرار الأفريقي من المجلس التنفيذي للقمة أن يكون لوزارة الخارجية بيان داوٍ، وكذا الحزب الحاكم والأحزاب الأخرى.. توقعت تحويل الحدث إلى تظاهرة سياسية وإلى أشياء أخرى لم يحدث أي منها، فصمت الناس عن نصرهم واحتفت صحف الخرطوم برعاف “سلفا كير” وقلة نومه وقمة (إيقاد) التي تنتظر شفائه ليلتقي وخصمه “رياك مشار”! إنها سادتي أزمة النظر لقضايا السودان بعقليات تظن أن النجاح في أن تؤمر بالمبادرة وتحث عليها، وهكذا سيذهب وفدنا ويعود ليحدثونا عن العلاقات الثنائية، ويدلق أحدهم أرطالاً من التصريحات عما دار في القمة والقرارات التي أجازتها حول الإيبولا والوضع في الصومال ومالي.
حدث مثل انتصار أفريقيا والسودان و”البشير” على الجنائية كان يتطلب انتقال هبة البلاد يوم أعلن “أوكامبو” مذكرته المخذولة، انتقالها لبوابات الاتحاد الأفريقي في (سار بيت)، ويقيني أن كثيراً من الشعوب الأفريقية كانت ستشارك وتحتفي مع السودانيين بنصرهم، ولكن أياً من هذا لم يحدث.. وجزى الله المجموعة الوطنية واجتهادات ناشط مثل الزميل “مكي المغربي” والشباب الذين برفقته فقد انتبهوا لأبعاد أخرى أكبر من مجرد تسلّم نص قرار.
عموماً.. مبارك للسودان وأفريقيا و(هاردلك) للبلاد إضاعتها فرصة تقديم “البشير” كبطل أفريقي.