تقارير

رياضيون وفنانون في قائمته الاتحادي الأصل …!

فاطمة مبارك
لم يكن جديداً أن يعلن الحزب الاتحادي الديمقراطي   (الأصل) مشاركته في الانتخابات القادمة المقررة في أبريل 2015 التي ستقود عملياً إلى نيله نصيباً من كعكة السلطة، أو أن يؤدي ذلك القرار إلى انقسامات في الحزب كما ظل يحدث دائماً، فكثير من القيادات المعروفة لم تكن قبل ذلك راضية عن مشاركة بعض القيادات الاتحادية في السلطة، لكن قد يكون الجديد هذه المرة أن يكون من بين مرشحي الحزب الذي قدم أول أمس قائمة مرشحيه الوزير بمجلس الوزراء “أحمد سعد عمر” للاعتماد، نجل “الميرغني” “محمد الحسن محمد عثمان الميرغني”،   على خلفية أنه كان من أقوى المعارضين لمشاركة حزبه في السلطة العام 2011 ولهذا السبب تم ترشيح أخيه “جعفر الميرغني” ليكون مساعداً للرئيس،  فيما تولى “محمد الحسن” دور المعارض للحكومة، لكن يبدو أن المتغيرات الأخيرة على صعيد مستقبل حزبه و”محمد الحسن الميرغني” جعلته هذه المرة أقرب إلى التيار المتصالح مع الحكومة وحزبها الحاكم.  وفي هذا السياق ووفقاً لتأكيدات اتحاديين في الحزب أن ابن “الميرغني” “محمد الحسن” غادر البلاد عقب تسليم أوراق مرشحي الحزب الاتحادي  للاعتماد مباشرة متجهاً إلى أمريكا، وشوهد من بين المودعين الوزير “أحمد سعد عمر” الذي عرف بقربه من المؤتمر الوطني.
الغاضبون على ما أظهره ابن “الميرغني” من مرونة مع النظام الآن  قالوا إن من بين تصريحاته التي تبادلتها بعض المواقع أيام مشاركة حزبه في الحكومة   ،2011 أنه اعتبر مشاركة بعض منسوبي حزبه  في حكومة المؤتمر الوطني بمثابة مشاركة شخصية لمصلحة شخصية.
النقلة التي صاحبت مواقف مسؤول التنظيم في الحزب الاتحادي الأصل “محمد الحسن محمد عثمان الميرغني” كانت واضحة، منذ أن التقى الرئيس “عمر البشير” بدار حزب المؤتمر الوطني قبيل إعلان مساعد رئيس الجمهورية بروفيسور غندور دوائر حزبه الجغرافية والنسبية في مؤتمر صحفي قبل أسبوعين بمركز الشهيد الزبير، لكن وفقاً لقول بعض المراقبين أن هناك أسباباً جوهرية تخص الحزب وزعامة آل الميرغني أسهمت في تطورات اتجاهات الابن وحتمت ضرورة وجوده ضمن قائمة مرشحي الاتحادي للانتخابات القادمة، وتوليه ملف التفاوض مع المؤتمر الوطني من بينها أن السيد “محمد عثمان الميرغني” بدأ يهيئ في ابنه ليكون خليفته على ضوء أن صحته في الفترة الأخيرة لم تعد كما كانت، والدليل على ذلك ظل طوال الأشهر الماضية متنقلاً بين بريطانيا وأمريكا للعلاج دون أن يعلن الحزب ذلك ولم يعد مطلعاً على تفاصيل مسارات العمل داخل الحزب، غير إشرافه على ثلاثة ملفات وهى الوفاق الوطني والعلاقات الخارجية بحكم العلاقة التي تربطه مع بعض الحكومات العربية مثل مصر والسعودية بجانب ملف السلام، وقيل إنه قبل مغادرته إلى أمريكا رفض مقابلة قيادات اتحادية رافضة للمشاركة، ما يشير إلى أنه حسم موضوع المضي في التوافق مع حزب المؤتمر الوطني ومشاركة قياداته في الانتخابات.
وبالمقابل قالت قيادات فضلت عدم ذكر اسمها أنه أبعد العناصر المؤثرة في الحزب حتى لا يكون لها دور في المرحلة القادمة وحسم الاتجاهات المحسوبة على اليسار داخل الاتحادي الأصل، فيما قرب قيادات مشكوك في اتحاديتها مثل تضمين أسماء بعض الرياضيين المعروفين في  قائمة الحزب الاتحادي مثل كابتن “محمد عبد الله ماذا” وكابتن “جمال أبو عنجة”. يذكر أن الكابتنين من أبناء أم درمان العريقين بجانب سكرتير اتحاد كرة القدم السوداني “مجدي شمس الدين” الذي يعتبر من وجهاء المجتمع في منطقة أم دوم ويحظى بقبول مقدر في المنطقة،  والفنان “محمد ميرغني” المعروف بشعبيته الاجتماعية والفنية.
ومن جانبه يعتبر أحد المعاصرين  لمواقف السادة المراغنة السياسية  أن ما يفعله السيد “محمد عثمان الآن مع الحزب الحاكم ليس بعيداً عن تاريخ الحزب  وأدواره السياسية الذي لم تعرف له  مصادمات مع الأنظمة لأن مصالحهم تقتضي ذلك، فالسيد “محمد عثمان” أيد نظام مايو وكان “الأزهري” في السجن حسب قوله والشريف “حسين” ظل طوال عمره معارضاً في الخارج، في وقت كان فيه “أحمد الميرغني” عضواً في الاتحاد الاشتراكي.

“محمد الحسن الميرغني” حسب سيرته هو الابن الأوسط للسيد مولانا “محمد عثمان الميرغني” يعمل كمهندس طيران لكنه يميل للعمل التجاري الاستثماري وله علاقات بالبيوتات التجارية في الخليج وأوربا كانت له مشكلة مع البنك التجاري السوداني تم حلها بعد تدخل والده، ويجيد علم الكومبيوتر درس في أمريكا وظل بها لسنوات عديدة يدير أعمال والده. وبدون مقدمات جيء به مسؤولاً عن التنظيم في الحزب، ويقول مقربون من حزب الاتحادي الأصل إن شخصيته غامضة  ويعيش كبقية أبناء “لميرغني” وبناته في برج عاجي متنقلاً بين لندن وأمريكا.  ويقول من يعرفون طبيعة تركيبة  المراغنة أن هذه الأسرة  تعيش في سياج من التكتم حيث يكاد لا يعرف المقربون منها ما يدور على المستوى الاجتماعي. يقال إن “محمد الحسن”كأخيه مساعد الرئيس “جعفر الميرغني” بعيداً عن جماهير الحزب وعن مشاكل السودان بصورة عامة كان بعيداً كذلك من تفاصيل المشهد السياسي في السودان، بسبب عدم استقراره فيه، متزوج من ابنة خاله مولانا “محمد سر الختم”  لا يعرف له توافق مع قيادات الإتحاد الديمقراطي إلا أنه فاجأ الاتحاديين والمراقبين للساحة في خواتيم العام المنصرم، بانتهاج موقف جديد أنقلب فيه على أفكاره القديمة المناهضة للمشاركة في السلطة، وقطع شوطاً كبيراً في هذا الاتجاه بمساندة مجموعة من الشباب الذين أصبحوا يمثلون مجلس شوراه هذه الأيام.
عاد “محمد الحسن” بإيعاز من والده إلى الخرطوم الأيام الماضية وتولى ملف التفاوض وشارك في اجتماعين مع شخصيات قيادية بالحزب الحاكم، الأول كان مع الرئيس والثاني جمع بينه والرئيس وبروفيسور “إبراهيم غندور”. وقيل إن اجتماعه مع الرئيس تم فيه  حسم موضوع مشاركة  الاتحادي في الانتخابات القادمة والمحاصصة المتوقعة في الحكومة الجديدة،  ومن غير المستبعد أن يكون “لميرغني” قبض ثمن قبوله المشاركة في الانتخابات لاسيما أنها حتى الآن تشهد مقاطعة من معظم الأحزاب في الساحة السياسية، بما فيها المشاركة في الحوار بجانب ابتعاد المجتمع الدولي كمراقب لها أو داعم.
شخصية “محمد الحسن” والدفع به من قبل والده تجاه التوريث قد تؤهله إلى أدوار قادمة  على صعيد الحزب ومعترك السياسة السودانية بصورة عامة على خلفية أنه تم اختياره من قبل السيد “محمد عثمان”، لكن ما يؤخذ عليه عدم الحكمة والاحتكاك بالقيادات الحزبية، الأمر الذي يدعوه إلى خلق قيادات قريبة من شخصه في المرحلة المقبلة.
من ناحية أخرى قلل متابعون للحراك السياسي من تأثير حديث بعض قيادات الحزب التي قالت فيه إنها لم تفوض نجل “الميرغني” لتمثيل الحزب في المفوضية، وأن الإجراءات التي أتخذها باطلة وشككوا في أن تستطيع هذه القيادات تنفيذ تهديدها بمقاطعة الحزب للانتخابات أو الانقسام وتشكيل حزب جديد رغم أن العضوية الرافضة لقرار المشاركة في الانتخابات بلغت نسبتها  لـ(90%) أبرزهم “أبو سبيب” و”طه علي البشير” و”علي السيد”المحامي وهؤلاء يعتبرون أن الحزب ظل تحت قبضة رجل واحد هو السيد “محمد عثمان الميرغني” منذ فترة طويلة وقريب من دائرة المراغنة والختمية، ما يشير إلى رغبة مولانا “محمد عثمان”  في التركيز على المريدين والأتباع كداعمين للحزب.
فيما ظلت رغبة الحزب الحاكم متركزة في وجود أبناء “الميرغني” في السلطة وبكامل مخصصاتهم سواء أن وجدوا في السودان أو لندن، وإلا لما كان أعاد تجربة “جعفر” مرة أخرى في الحكومة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية