"هلال" و"غندور" هل اقتربت العودة؟
بعد خروجه غاضباً من الخرطوم
الخرطوم: أسماء علي
في أحد نهارات رمضان من العام 2013 غادر الخرطوم الزعيم المثير للجدل زعيم قبيلة المحاميد “موسى هلال” مغاضباً إلى دارفور ليستقر بين عشيرته في بادية مستريحة بشمال دارفور. وجاءت المغادرة بعد عدة خلافات أولها وأهمها خلافه مع والي شمال دارفور “عثمان يوسف كبر” الذي قال عنه إنه حول الولاية إلى (ضيعة) خاصة به، كما اتهم الحكومة بعد الجدية في قضية دارفور، ووصف بعض السياسيين بالمعوقين للعمل، وبعدها بدأ “هلال” في قيادة تحركات مضادة لأهل الحكم من بينها تكوين مجلس الصحوة الثوري ثم توقيعه لاتفاق مع الحركة الشعبية قطاع الشمال، ولم يكتف بذلك فبعدها أعلن موافقته لغازي وحزبه الإصلاح الآن الذي أعلن خروجه من المؤتمر الوطني، بعدها غاب “هلال” عن حضور عدد من دورات البرلمان، وحتى ذلك الوقت لم يتم تحديد وصف لحالة “موسى هلال” هل تمرد على سلطان الدولة بالكلية أم أن تحركاته عبارة عن مناورات وكروت ضغط ضد الحكومة حتى تستجيب لمطالبه؟ خاصة وأن الرجل بجانب منصبه البرلماني في المجلس الوطني كان يشغل وزير الدولة بديوان الحكم الاتحادي .
غير أن الجديد هو ما حملته صحف الخرطوم بخبر لقاء جمع زعيم المحاميد “موسى هلال” مع مساعد رئيس الجمهورية ونائبه لشئون الحزب البروف “إبراهيم غندور” أمس الأول في حاضرة غرب دارفور الجنينة، وانخرط الطرفان الحكومي وحركة الصحوة في اجتماعات مغلقة وسرية في محاولة للوصول إلى تسوية تنهي حالة القطيعة بين “موسى هلال” والحكومة.. ثمة تساؤلات عدة يطرحها الرأي العام بعد لقاء “غندور” هل المؤتمر الوطني يريد الاستفادة من شعبية الرجل في الانتخابات في محاولة من الحزب الحاكم للسيطرة على جميع بقاع الوطن أم الاستفادة من قواته وأسلحته لحسم التمرد وهل هذه الخطوة قد تكلل بالنجاح؟.
أحد أبرز قيادات قبيلة الرزيقات، القيادي بالمؤتمر الوطني “عبد الحميد موسى كاشا” اعتبر أن الخطوة في غاية الأهمية وموفقة. وقال “كاشا” لـ(المجهر) إن “موسى هلال” لم يعلن انسلاخه من المؤتمر الوطني ولم يعلن عن أي حركة تقاتل ضد الدولة فهو رجل دولة ملتزم ولم يبدر منه قول يؤخذ ضده أو يعرضه للمساءلة. وعن تغيبه عن البرلمان أوضح “كاشا” أن ذلك لظروف خاصة بهلال ولا بد أن يكون البرلمان على علم بها, أما ما يتداوله الناس بأن اللقاء جاء على خلفية اقتراب الانتخابات وأن الحكومة تسعى للسيطرة على قبيلة المحاميد باعتبارها قبيلة لها وزنها بدارفور قال “كاشا” إن الانتخابات لا تجري بالقبائل بل بالأحزاب، وأن “هلال” ما زال عضواً بالحزب ولكنه لم يعلن ترشحه لأي منصب. ونفى “كاشا” أن يكون اللقاء تقصد به الحكومة مكايدة والي شمال دارفور “عثمان يوسف كبر” لأن “كبر” نفسه دعا في كثير من المرات للصلح مع “هلال” وأكد أنهم إخوة. وقال “كاشا” إن الحكومة ساعية بكل جد أن تلتقي جميع أحزاب المعارضة والحركات المسلحة.
بينما قال الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي “كمال عمر” إنهم يدعمون أي خط سياسي يمنع مزيداً من الحروب ويصب في مصلحة الدولة وأن “هلال” زعيم قبلي مهم ونحن مع مصالحته وعودته للساحة السياسية، وهذه الخطوة نتمنى أن تفتح منافذ وأن تكون بمثابة فرصة لدخول بقية الحركات لأن البلاد تحتاج إلى وفاق سياسي. وأضاف “كمال” أن مصلحة (الوطني) في هذا اللقاء حزبية في المقام الأول باعتبار أن “هلال” جزء منه إضافة إلى مصلحة الحزب الحاكم وحاجته للاستقرار.
ويرى المحلل السياسي “خالد التجاني” أن اللقاء يعكس مدى الأزمة التي انزلق إليها وضع الدولة لأن الفقه السياسي وحسب تعريف (ماكس زبير) للدولة بأنها الكيان وقدرتها على الشرعية لاحتكار وسائل العنف, ولكن مع تقديرنا لموسى هلال ومكانته لدى قومه أن الدولة لم تذهب إلا لأنه يشاركها احتكار وسائل العنف فهي تتنازل طواعية من احتكار السلطة وقد أصبح هذا ديدنها أن تفاوض من يرفع السلاح في وجهها، وهنا يظهر السؤال لماذا تفضل التفاوض مع حاملي السلاح وتتجاهل القوى السياسية المدنية؟ وهذا مظهر يدل على مدى تفكك الدولة وأنها أقرت أن السلاح هو الوسيلة الوحيدة للتفاهم في وقت تعرقل فيه الحوار السياسي وتعتقل أمثال “أبو عيسى” لأنهم وقعوا اتفاقاً مع حركات مسلحة متناسية ما تقوم به، فالحكومة يجب أن يكون لديها نظام قادر على محاورة القوى السلمية وتحقيق مطالب المواطن بدلاً من تدليل حاملي السلاح. وأضاف “خالد” أن اللقاء يوضح أن “هلال” لديه شروط يجب على الحكومة الاستجابة لها أو يأخذها بسلاحه وهذه مسألة باتت ديدن معظم حاملي السلاح.