تقارير

وتتواصل المفاجآت.. ثاني أسرة سودانية تبايع (داعش) وتصل العراق!!

أوّل تغريدة من شام الخلافة
“أمجد فيصل”.. حكاية مقاتل سوداني برفقة أبنائه في جوار “البغدادي”!!
الخرطوم – الهادي محمد الأمين
في شهر (ديسمبر) الماضي حطّ المقاتل السوداني “أمجد فيصل” رحاله في ديار تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام (داعش)، وهو أمر لم يعد غريباً على المراقب الذي اعتاد سماع الكثير من أخبار شباب السودان النافرين للقتال في صفوف (داعش) لمواجهة قوات الحرس الثوري الإيراني أو كتائب حزب الله اللبناني أو مقاتلة أفراد الشبيحة وجنود الرئيس السوري “بشّار الأسد” وقوات (المارينز) المرابطة في أجزاء واسعة من العراق، منهم من قتل خلال هذه المواجهات العسكرية الدامية ولقي حتفه هناك ومنهم من ينتظر وآخرون في الطريق للانضمام إلى فيالق (داعش) والانخراط في صفوفها، بيد أن وجه الغرابة هو وصول الجهادي السوداني “أمجد فيصل” برفقة زوجته وابنه “عبد الرحمن”.. أمّا المفاجأة فتمثلت في شقيق “أمجد فيصل” الذي يدعي “أحمد” بعد أن سبقه إلى هناك قبل عدّة أشهر للاستقرار تحت ظلال دولة الخلافة بالعراق والشام في حالة نادرة وغير مسبوقة في وقت تكاثرت فيه ظاهرة تدفق وهجرة الشباب النافر عبر التسلل من الخرطوم تحت جنح الليل الذي تتخذه العناصر الجهادية كساتر وغطاء للتخفي عن أعين الرقيب الأمني للالتحاق بجيش الدولة، رغم الإجراءات المشددة التي تفرضها السلطات الأمنية وتعمل على ضبط عملية الخروج والمغادرة عن طريق مراقبة المعابر والمنافذ البرية والبحرية والجوية، لكن المجموعات الجهادية غالباً ما تفلح في الإفلات من عملية الرقابة المضروبة عليها.
{ مفاجأة ثانية
تعدّ خطوة المقاتل السوداني “أمجد فيصل” الذي درس الهندسة ويسكن بمحلية كرري حي الثورة بمدينة النيل ثاني مفاجأة فيما يتعلق بارتباطها المباشر بتنظيم الدولة الإسلامية، حيث شهدت الساحة السودانية من قبل مبايعة أسرة سودانية بكاملها لـ”أبي بكر البغدادي” كخليفة للمسلمين ووقف على رأس البيعة الشيخ “مساعد السديرة” الذي أعلن في وقت سابق أنه يعمل تحت إمرة (داعش) وخليفتها “البغدادي” هو وأفراد أسرته، وقال في مدوناته المنشورة على منتديات وشبكات الجهاديين الإلكترونية (إنّه بايع خليفة المؤمنين “أبو بكر البغدادي” له عليه السمع والطاعة هو وزوجته وأولاده)، وكلّفه هذا الموقف حريته، حيث تم الزج به في سجن (كوبر) لمدة زادت قليلاً عن الأربعة أشهر، ليأتي بعده تلميذه وأحد المقربين إليه والمؤمنين بفكره “أمجد فيصل” ليطبّق البيعة والهجرة معاً في آن واحد، ويؤكد ذلك ويستتبعه بياناً بالعمل بعد خروجه من أرض البلاد ومغادرته الخرطوم بتفويج نفسه للالتحاق بكتائب المجاهدين معلناً في شهر (ديسمبر) الماضي وصوله (بالسلامة) إلى أرض الخلافة بالعراق والشام، والرجل ضمن شباب كثيرين وقعوا أسارى لأفكار زعيم تنظيم القاعدة بقيادة “أسامة بن لادن” وخليفته “أيمن الظواهري” وقائد القاعدة في بلاد الرافدين “أبو مصعب الزرقاوي” على الصعيد الخارجي وتشبعه بمنهج السلفية الجهادية من خلال السير في طريق أقطاب التيار السلفي الجهادي أمثال الشيخ “مساعد السديرة، “فخر الدين محمد عثمان”، “صادق عبد الله عبد الرحمن” وغيرهم كثير.
{ هجرة ونفير
ترحيب حار قوبل به “أمجد فيصل” المكنى بـ(أبو براءة السيف) خاصة من قبل إخوته السودانيين هناك منهم (أبو طلحة السوداني).. ومع تهنئة (أبو طلحة السوداني) جاءت تهنئة أخرى من رفيقه (أبو ضياء السوداني) الذي قال لـ”أمجد فيصل”: (أخي اشتر نفسك فالسوق قائمة والثمن موجود)، بينما هنأه آخرون بسلامة الوصول هو وأسرته الصغيرة لمقر دولة الخلافة وباركوا له الهجرة والنفير، ودوّن “أمجد فيصل” فور وصوله (بوست) وشريطاً إلكترونياً مغرّداً على صدر صفحته في (تويتر) بكلمات موجزة عن رحلته الطويلة والشاقة ومعاناة الطريق ووعثاء السفر قائلاً: (يا ليلة من طولها وعنائها * إلاّ أنها من دراة الكفر نجت).. وعدّ أنصار الخلافة ومؤيدو (داعش) وصول “أمجد فيصل” للعراق بمثابة نصرة لتنظيم الدولة الإسلامية، وإضافة قوية تدعم وتساند الخليفة “البغدادي” الذي يراهن على الكادر السوداني وما يتصف به من صفات الصبر والجلد وقوة التحمل والفداء والتضحية، ولكون “أمجد فيصل” يعدّ من الشباب القلائل بالسودان المناصرين لـ(داعش) من خلال دفاعه المستميت عنها الشيء الذي أفقده حتى أقرب الناس إليه وهو شيخه “أبو عبد الله صادق عبد الله اللاماب” حينما انبرى وتصدى “أمجد فيصل” بتأليف كتاب كامل رداً على شيخ “صادق عبد الله” من إنتاج مؤسسة الغرباء الإعلامية- صدى الحق- وجاء الكتاب تحت عنوان (ردود على تعليقات الشيخ “صادق عبد الله” اعتراضاته على خلافة خليفتنا “أبو أبوبكر البغدادي”).. وكان الشيخ “صادق عبد الله” أبرز شيوخ التيار السلفي الجهادي ومعه شقيقه “عمر عبد الله عبد الرحمن” قد وجها انتقادات حادة لـ(داعش)، وشاركهما في ذات النقد والرؤية الشيخان “عبد الحي يوسف” و”محمد عبد الكريم”، وبموقفهما هذا فقدا الكثير من شباب السلفية الذين هجروهما واتجهوا صوب معهد ومنزل الشيخ “مساعد السديرة” أقوى العناصر السودانية المبايعة لتنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام.
{ مواقف قوية
هجوم “أمجد فيصل” لم يقتصر على شيخه “الصادق عبد الله”، وإنما وجه نيران مدفعيته تجاه داعية آخر مثير للجدل حول انتماءاته لـ(داعش) وهو الدكتور “محمد علي الجزولي”، حيث أكّد “أمجد فيصل” أن “الجزولي” الموقوف هو الآخر بسجن (كوبر) لا علاقة له إطلاقاً بتنظيم الدولة الإسلامية، وأورد “أمجد فيصل” في تغريداته بمدونة غرفة منبر الأنصار الإسلامية سلسلة بعنوان (جمع تغريدات في تبيان حقيقة الجزولي) كاشفاً أن الرجل (مؤتمر وطني) وينتمي للحركة الإسلامية السودانية ويعمل تحت إمرة نظام الحكم بالخرطوم ولا تربطه أية صلة بالدولة الإسلامية، ثم اعتراضاته كذلك على أحد أركان السلفية الجهادية الشيخ “سعيد نصر”.. وقبل انتقاده للجزولي و”سعيد نصر” دخل “أمجد فيصل” في مناقشات ومناظرات حامية الوطيس وصولات مع أحد شيوخ جماعة التكفير والهجرة يدعى “محمد نور كامل”، وجرت بين الرجلين مجادلات شهيرة وجولات قوية في قضايا العذر بالجهل والتبيين وإقامة الحجة والتكفير، وكانت لـ”أمجد فيصل” قبل خروجه من السودان صفحة على (فيسبوك) ينشط من خلالها للتبشير بنهج السلفية الجهادية ومناصرة الدولة الإسلامية تحت مسمى (فتى التوحيد ناصر الإسلام)، غير أن الحساب الشخصي قد تم تهكيره بواسطة أجهزة المخابرات الأمريكية التي تراقب نشطاء ومدوني مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات والشبكات الإلكترونية المحسوبين على التيارات الجهادية- حسب إفادات مقربين من الرجل- الأمر الذي اضطره لإنشاء صفحة أخرى على (تويتر) باسم (أبو براءة السيف) ولها الكثير من المتابعين والمعجبين من مختلف الجنسيات.. ويجيء شعار الصفحة مستوحياً دلالات (السيف) في أكثر من موضع في جملة مختصرة نصها (آن للسيّاف أن يمتشق سيفه بعد طول حنين يسيل على حد الظبات نفوسنا ليست على السيوف تسيل).
{ انغماسيون ضد الأجانب 
ظهور المقاتل “أمجد فيصل” تحت لواء (داعش) وهو يرتدي البزة العسكرية، جاء في مناخ تصاعدت فيه حدة المواجهة والعمليات العسكرية بين الفصائل الجهادية التابعة لـ(داعش) في ليبيا ممثلة في أنصار الشريعة و(فجر ليبيا) التي ينضوي تحت مظلتها العديد من جهاديي السودان من جهة، وقوات اللواء “خليفة حفتر” من جهة ثانية في عدد من المواقع والمدن الليبية، ثم إعلان تنظيم الدولة الإسلامية بالشام والعراق، وبصورة رسمية وجوده في الأراضي الليبية تمهيداً لنقل نشاطه للسودان حسبما أعلنت وكالات أنباء ووسائل إعلامية غربية أكدت عزم (داعش) التوسع في القارة السمراء ونقل جزء من نشاطه للدول الأفريقية ومن بينها- بلاد النيلين- لتجيء فيما بعد أبرز المحطات لعملية جهاديين سودانيين لـ(داعش) في مقدمتهم إسناد “أمجد فيصل” وتوقيعه على بيان ضمن حملة إعلامية واسعة النطاق لتأييد البغدادي، حيث شملت قائمة الموقعين على البيان (45) شخصية من مختلف أنحاء الدول العربية والإسلامية من بينها السودان، ووقع إلى جانب “أمجد فيصل” خصمه “محمد علي الجزولي” و”سعيد نصر” و”مساعد السديرة”، تلا ذلك وصول المقاتل “أمجد فيصل” إلى أرض الخلافة التي يتزعمها “أبو بكر البغدادي”، وجاء مقدمه متزامناً مع إعلان التيار السلفي الجهادي- بلاد النيلين- نبأ استشهاد عدد من عناصره المقاتلة في كل من مالي وليبيا واليمن في عمليات عسكرية متفاوتة وزف الجهاديون خبر مقتل “محمد برعي الهلالي” ويطلق عليه (أبو عمر السوداني)، الذي لقي حتفه في معركة قوية بين كتائب أنصار الشريعة وقوات الجنرال “خليفة حفتر” ببنغازي، وحاول “محمد برعي” الهجرة إلى العراق للالتحاق بالفصائل الجهادية لكنه لم يوفق وحاول مرات الوصول إلى ليبيا فتم اعتقاله في الحدود السودانية- الليبية، وبعد إخلاء سبيله استطاع اختراق الحدود بين البلدين والوصول إلى بنغازي حيث قُتل هناك.. هذا إلى جانب مقتل “محمد أحمد عبد الحميد” في قصف جوي عبر سلاح الطيران الليبي بذات الموقع، فيما قُتل “إدريس إبراهيم” في عملية اشتباك مباشر مع (المارينز) في حضرموت عبر عملية إنزال جوي، بينما استشهد الانغماسي (أبو دجانة السوداني) في شمال مالي بعد تفجير نفسه بعبوة ناسفة وسط رتل من سيارات الدفع الرباعي التابعة للجيش الفرنسي في مالي خلال عملية طواف ليلي بعد اختراق سريع للقوات الفرنسية.
الوقائع أعلاه تحمل العديد من المؤشرات، من بينها أن وجود جهاديين في العراق ضمن فصائل (داعش) وتكثيف انتشار بعض الجهاديين السودانيين بليبيا واستشهاد بعضهم هناك، بجانب إعلان (داعش) وجودها رسمياً بليبيا ونيتها الانتقال للسودان، يضع البلاد في مواجهة تحديات جديدة، فبجانب مهددات القبلية والحرب الدائرة في عدد من المناطق الطرفية التي تقودها الجبهة الثورية والحركة الشعبية- قطاع الشمال، يبرز تحدٍ آخر بدأ في الظهور على السطح معبراً ومعلناً عن نفسه بقوة وهو التيار الجهادي، فكيف تتعامل الحكومة معه؟ وما هي آلياتها وأدواتها في مواجهته بعد أن قوي عوده في ظل تطورات محلية وإقليمية ودولية بالغة التعقيد؟! أسئلة حرجة تجعل الحكومة ترفع أعلى درجات الحذر تأهباً لمقابلة القادم الجديد عابر الحدود من خلال الـ(تاتشر) والـ(بيك آب).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية