حوارات

رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان د. "محمد يوسف عبد الله" في حوار مع (المجهر) السياسي 2-2)

الأمريكان كانوا يعتقدون أن تأثيرات عقوباتهم تقع على الحكومة ولكن البرلمان أثبت لهم أنها تقع على المواطن
المواطن السوداني فعل ماذا ما هي جريمته يا أمريكا حتى يتعرض لكل هذا العذاب
الآن أصبح مسموحاً لقطاعات الصحة والتعليم والزراعة أن تستورد من أمريكا
أمريكا صدقت في هذا الجانب والخطوات التي خطتها جيدة!
حوار – سوسن يس
{ دكتور ماذا أسفرت جهودكم في البرلمان منذ يناير الماضي في ملف الحوار مع الإدارة الأمريكية؟
– والله أنا أفتكر أن هذه الجهود أولاً صححت المعلومات لدى الحكومة الأمريكية، الأمريكان كانوا يرون أن تأثير هذه العقوبات يقع على الحكومة ولكن الآن عملياً وبالأرقام، ثبت أن تأثيراتها تقع على المواطن بشكل مباشر وعلى القطاع الخاص في الأساس. والعقوبات تؤثر على (80%) من موارد البلاد وتؤثر على (70%) من المواطنين الموجودين في الريف الذين هم الرعاة والمزارعون. تؤثر على الفقراء في المدن وتحرمهم من التمتع بكثير من حقوقهم.. تؤثر على المرأة باعتبارها تسعى بشكل أساسي وتبحث عن موارد لبناتها ولأولادها.. تؤثر على الأطفال .. تؤثر على الصحة.. تؤثر على التعليم وتؤثر في مجملها على الفقراء الذين تصل نسبتهم إلى (40%) من الشعب السوداني.. وأنا أفتكر أن الأمريكان تفهموا هذه النقطة وهم اتخذوا قراراً أن المجموعات المتأثرة تُعطى حق في أن تحصل على رخص أو استثناءات، مثل قطاع التعليم والقطاع الزراعي وقطاع الصحة.. هذه قطاعات مؤثرة جداً ومتأثرة بالقرار.
{ أنتم طلبتم من الإدارة الأمريكية أن تستثني هذه القطاعات من العقوبات؟
– نحن طالبناها بأن ترفع العقوبات جملة. ونحن كبرلمان من واقع مسؤوليتنا نرى أن هذه العقوبات عدوان على الشعب، الشعب يُحرم من أن يأكل وأن يقرأ ويتعلم ويحُرم من أن يجد صحة لماذا.. لماذا يا أمريكا، لماذا كل هذا العذاب على المواطن السوداني،  فعل ماذا وما هي جريمته؟
{ لكن يا دكتور لا أعتقد أن هذا الأمر كان غائباً عن الإدارة الأمريكية.. الأمريكان منذ البداية كانوا يعلمون ويعرفون آثار هذه العقوبات على المواطن السوداني؟
– هذا غائب عن السياسة الأمريكية.. ولذلك هذه هي النقطة الجوهرية التي أعتقد أن علىَّ كمواطن سوداني سواء أكنت داخل البرلمان أو خارجه أن أبينها.
{ البرلمان أوضح هذه النقطة للإدارة الأمريكية؟
– نعم البرلمان أوضح هذه النقطة.
{ وهل تلقيتم رداً؟
– الرد ليس مباشراً، ولكن كون أن يتم استصدار هذا القرار فهذا رد إيجابي.. والرد الإيجابي هو استصدار الأمريكان بأن يتحركوا خطوة.. في السابق المسؤولون الأمريكان كانوا لا يقبلون أن يلاقوا الناس.. لا في الخارجية ولا في الكونغرس ولا في…. أنا افتكر أن حركة البرلمان في هذا الملف حركة إيجابية وقوية.. فإن يقبل الكونغرس الأمريكي ويقبل الجهاز التنفيذي أن يتعاون مع السودان هذه خطوة كبيرة.
{ دكتور هل قالوا لكم بوضوح أنهم سيراعون أو يستثنون هذه القطاعات من العقوبات؟
– نعم أي شركة سودانية تريد أن تستورد من أمريكا في القطاع الزراعي وفي القطاع الصحي وفي القطاع التعليمي مسموح لها.
{ منذ متى حدث هذا التفاهم؟
– تقريباً منذ (3) أشهر .. وفي الفترة الأخيرة إخواننا في الجهاز المصرفي وفي وزارة المالية جلسوا جلسات طويلة مع الإدارة الأمريكية، لأن الجهاز المصرفي أيضاً جهاز في غاية الأهمية وأنا أتوقع أن يحدث انفراج أيضاً في هذا الجانب.
{ لكن يا دكتور أمريكا كثيرة الوعود وكثيرة التلويح بالجزرة.. لذلك الناس لا يصدقونها بسهولة؟
– أنا أفتكر أن الخطوات التي بدأتها أمريكا خطوات جيدة.
{ بالنسبة للقطاعات التي سُمح لها بأن تستورد من أمريكا.. هل الإدارة الأمريكية مازالت في محطة الكلام والوعود أم أن هناك خطوات عملية بدأت؟
– هي سمحت بالفعل وهناك ناس استوردوا من أمريكا، في قطاع التعليم هناك أكثر من مؤسسة وفي الزراعة هناك أكثر من مؤسسة استوردت والقطاع الصحي أيضاً يعمل في هذا الاتجاه.. أنا أعتقد أنهم صدقوا في هذا الجانب.
{ كيف تقرأ خطوة إعادة المحكمة الجنائية لملف دارفور إلى مجلس الأمن؟
– أنا أقول إن المحكمة الجنائية الدولية حرضت مجلس الأمن والدول لاتخاذ مزيد من الإجراءات وحديث المدعية معظمه دار حول التحريض.. إن المحكمة فشلت في أي عمل مفيد ضد السودان والمحكمة عاجزة عن فعل شيء ضد السودان، فهذه العبارات معظمها سارت في اتجاه التحريض على أساس أن يتخذ مجلس الأمن الدولي إجراءات إضافية ضد السودان.. هذه هي القراءة الصحيحة للحالة ويبقى السؤال هو:……
{ ما هي خطوة مجلس الأمن المتوقعة .. هل بوسع المجلس أن يتخذ إجراءً جديداً؟
– أنا أعتقد أنه وبحسب التداول الذي تم داخل مجلس الأمن والبيان الذي صدر عن المجلس لا يوجد إجماع داخل مجلس الأمن حول القضية، هناك دول وقفت مع الجنائية وهناك دول رفضت موقف الجنائية. والنقطة الأخرى في تقديري المهمة في قراءتنا للوضع داخل مجلس الأمن، هي هل من الوارد أن تتحرك دول بمفردها لاتخاذ قرار؟ هل وارد أن تتذرع دولة بتحريض “بنسودا” وتتخذ إجراءات في هذا الإطار.. أنا أتوقع أن الفرص ضئيلة لاتخاذ أي خطوة من هذا القبيل، ومن جهة ثانية أنا أقول إن الفرصة موجودة الآن أمام مجلس الأمن لتصحيح خطئه.. مجلس الأمن أخطأ في إحالة ملف دارفور إلى المحكمة الجنائية، لأن مجلس الأمن جسم سياسي وليس جسماً عدلياً وبالتالي لا يمكنه أن يحيل الملف إلى المحكمة.. والأمر الآخر أن السودان ليس عضواً في محكمة الجنايات الدولية، فالمحكمة ليس لها اختصاص على السودان باعتبار أن السودان ليس عضواً فيها.
{ وزارة الخارجية ترى أن خطوة إعادة الملف إلى مجلس الأمن خطوة لها ما بعدها.. وأن هناك خطوة أكبر وتعقيدات أكثر  تنتظر الملف؟
– طبعاً وزارة الخارجية تقييمها صحيح على ضوء تجربة السودان مع بعض الدول في العالم بالذات الدول الغربية التي لا تريد خيراً للسودان، قراءة الخارجية صحيحة في أن هذه الخطوة التي قامت بها “بنسودا” لم تأتِ بحسن نية جاءت بسوء نية.
{ دكتور “محمد” من المثير للاستعجاب أن يحال ملف دارفور إلى المحكمة الجنائية، رغم أن السودان ليس عضواً فيها.. كيف تفسر هذا الأمر وكيف تفسر خفوت صوت السودان في هذا الخصوص ألا تعتبره نوعاً من الفشل للدبلوماسية السودانية.
– أنا أقول إن هناك خطـأ كبيراً جداً وإذا لم نحرص خاصة في ظل التآمر على البلاد، فمن الممكن أن يقع الناس في مشاكل.. وأنا أفتكر كون أن لا يطلب السودان من أصدقائه في مجلس الأمن عدم إحالة الملف فهذا (…) كان بالإمكان أن نطلب من دولة مثل الصين ومثل روسيا أن تستخدم حق الفيتو، وأنا أريد أن أقول إن هذه المسألة تمت في ظروف كانت فيها الخارجية في يد الحركة الشعبية.
{ تعني كان هناك تقاعس مقصود من الخارجية؟
– نعم مقصود.
{ لكن حتى الآن وفي هذه الفترة أيضاً السودان صوته ضعيف (وما قادر يبين) أنه ليس عضواً في المحكمة وأنه لم يصادق على قانونها.. السودان صوته منخفض لماذا؟ خفوت صوته في هذه الجزئية وحشر الملف في المحكمة رغم أنه لا ينعقد لها اختصاص على السودان، يجعل المرء يتشكك في الأمر- في أن السودان ربما كان عضواً أو ربما هو صادق على قانون المحكمة؟
– ضاحكاً:
لا ليس مصادقاً والسودان ليس عضواً في المحكمة.. وأنا أقول إن المجلس الوطني في إطار تحركاته اتخذ قراراً بأن يتحرك حركة واسعة لإظهار هذا الجانب وإظهار العدوان على السودان.. حقيقة السودان مفترى عليه ولابد من دفع الجهاز التنفيذي لأن يتحرك حركة إيجابية، صحيح عندما أعلن إحالة ملف دارفور للمحكمة الجنائية الدولية الدولة تحركت داخلياً حركة واسعة وتحرك السياسيون على مستوى الخرطوم، وأيضاً عبر المحافل الدولية ولكن الحركة لم تستمر.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية