ملاحم وكلمات ألهبت ثورة الاستقلال
من عازة في هواك إلى واجب الأوطان داعينا
كتب – عامر باشاب
تسعة وخمسون عاماً مرت منذ أن نالت بلادنا في مثل هذا اليوم في العام 1956م، استقلالها المجيد من قبضة الاستعمار البريطاني البغيض، بعد كفاح وجهاد طويل، بذل خلاله أبناء السودان الغالي والنفيس سعياً لأن يكون الوطن حراً وعزيزاً ومستقلاً.
ولما كان لكل فئة من أهل البلاد دور لعبته في سبيل هذا الاستقلال يميزها عن بقية الآخرين في مسيرة النضال هذه والذي أتى أكله في خاتمة المطاف بخروج الاستعمار، فقد كان للمبدعين شعراء وفنانين في كافة ضروب أعمالهم الوطنية التي كانت محفزاً ومحرضاً ودافعاً لأبناء الشعب بالاستمرار في ثورتهم دون توقف حتى نالوا مطالبهم بالجلاء.
فجاء الموسيقار العملاق “إسماعيل عبد المعين” يحدثهم عن واجب الأوطان الذي يناديهم ليعملوا ليل نهار وأن يبذلوا كل مساعيهم من أجله.
واجب الأوطان داعينا
ندأب ليل نهار نعمل
ونبذل كل مساعينا
ثم نداء أطلقه الصاغ الشاعر “محمود أبو بكر” يؤجج دواخل الشعب ويلهبها:
صه يا كنار وضع يمينك في يدي
ودع المزاح لذي الطلاقة والددٍ
هيه غير مأمور وهات هواتنا
دايماً تهبش على أصعيد الأعيد
وهنالك “خليل أفندي فرح” الذي يباهي بعزة هذه البلاد وأهلها منادياً:
عازة في هواك.. عازة نحنا الجبال
وبنخوض صفاك.. عازة نحنا النبال
وصاحب الصوت القوي “حسن خليفة” (العطبراوي) وهو يحرك في أعماق الناس الشعور والإحساس بعظمة هذا الوطن وضرورة خروج هذا المستعمر، حيث سار الشعب على ندائه مرددين:
يا غريب بلدك يلا لي بلدك
ويدعمها بالقصيدة العصماء للشاعر الفذ “محمد عثمان عبد الرحيم” الذي صاح مؤكداً أحقية الجميع في وطن عزيز تملأه الخيرات والفضائل يعتز بسودانيته:
كل أرجائه لنا وطن
إذ نباهي به ونقتني
وتجلت عظمة الاستقلال أنه بعث في مبدعي البلاد جميعاً روحاً جديداً عبروا خلالها عن عميق ولائهم للوطن وعن أحاسيسهم الوجدانية، فأخرجوا للشعب إنتاجاً فنياً رائعاً شتت به الركبان فها هو الفنان “عثمان حسين” يدعوهم مغرداً.
أفديك بالروح يا وطني
ويشارك “أبو داوود”:
وطني أنت كل مفاخري
وهواك يجري في دمي
وكذلك الذري الفنان”إبراهيم عوض”:
وطني السودان أحب مكان
لأن حسانه أعف حسان
طيرو صوادح وروضه جنان
والدكتور الموسيقار “محمد وردي” الذي وضع لهذه البلاد وشعبها الأناشيد الصادحة والصادقة التي ظلت تشعل دواخل الشعب في الحضر والبادية فيمشون على إيقاعاتها الحماسية المتنوعة في كافة احتفالاتهم.. أخرج لهم عشرات الملاحم التي ستبقى خالدة خلود هذا الوطن فيها على سبيل المثال لا الحصر:
اليوم نرفع راية استقلالنا
التي صاغ كلماتها الشاعر “عبد الواحد عبد الله يوسف” ثم أصبح الصبح لـ”الفيتوري” وأناشيد وأغان كثر لا يتسع المجال لذكرها:
ولا ننسى عميد الفن السوداني “أحمد المصطفى” الذي له غرام وأمان في سمو ومجد هذا الوطن.
والشاعر “محي الدين فارس” لم يتوقف عند حدود السودان بل ذهب منادياً ومطالباً بعودة القارة الأفريقية جميعها لأهلها وذلك من خلال أنشودته أفريقيا لنا:
لن أحيد.. عن الكفاح لن أحيد
أنا لست رعديدا يكبل خطوه ثقل الحديد
ستعود أفريقيا لنا وتعود أنوار الصباح
أما الفنانة “حواء الطقطاقة” فقد كان نداؤها وحراكها ضد المستعمر مشهوداً وله أثره الكبير في دعم التظاهرات التي خرجت تطالب بخروج المستعمر.
إن لاستقلال البلاد مذاقاً وطعماً وشعوراً بعظمة هذا السودان وأهله، فلا بد أن يلازم هذا الإحساس الجميل والنبيل كل الناس، ليبقى الوطن حراً متماسكاً، حتى يعيش الجميع في سعادة وطمأنينة ومحبة وتبقى الدعوات لله جل وعلا، بأن يكون العام القادم عام خير وبركة وأن يعم السلام البلاد من أدناها لأقصاها.