* (المجهر) في حوار مع رئيس اللجنة المكلفة بدراسة الميزانية بالبرلمان "حبيب مختوم":
* بدأنا مراجعات لتقليص الهيكل الدستوري تقليلا للإنفاق الحكومي
* الأولوية في الصرف للجانب الأمني ولا تنمية بلا أمن
* نعترف بضعف أجور العاملين والميزانية ستلبي طموحات الشعب
* قانون مشروع الجزيرة تم تعديله بالاجماع والمعارضون له من خارج قبة البرلمان
حوار – نجدة بشارة
تبدأ صبيحة يوم غد الاربعاء مرحلة القراءة الأخيرة للسمات لعامة لموازنة العام 2015م بالمجلس الوطني بعد التداول حولها من قبل أعضاء البرلمان وطبقا لخبراء إقتصاديين فان الميزانية للعام القادم تحمل العديد من المؤشرات والمبشرات ولإلقاء مزيدا من الأضواء حول بنود ومحتوي الميزانية جلست المجهر إلي رئيس اللجنة الزراعية ورئيس اللجنة المكلفة بدراسة الميزانية بالمجلس الوطني الدكتور حبيب مختوم الذي تفضل بالرد علي كافة التساؤلات المتعلقة بقضية الميزانية بجانب أن اللقاء مع الرجل تطرق لقانون مشروع الجزيرة وأين وصل بعد أن أجريت حوله الكثير من التغييرات والتعديلات بين الاعضاء تفاصيل المقابلة عبر السطور أدناه
{ الميزانية في مرحلة السمات الأخيرة متى ستجاز في نسختها النهائية؟
– ستجاز يوم غد الأربعاء 31 من ديسمبر لهذا العام في نسختها النهائية.
{ هل هنالك تعديل في بعض السمات؟
– الآن في مرحلة السمات العامة المجلس أضاف لها كثيراً من البنود التي لم ترد بالخطاب الذي تلاه وزير المالية وعدلت بعض السمات الغامضة، وسيتم عرضها يوم (الأحد) وستجاز بعد ذلك، ثم نبدأ في الموازنة التفصيلية ووضع بعض السمات التي لم ترد ونعدل ما نراه مناسباً على أن تجاز في نسختها الأخيرة غدا (الأربعاء).
{ هل وجدت بعض المواد الاعتراض عليها؟
– والله حتى الآن لم نجد أية اعتراضات، والموازنة جاءت ميسرة خاصة وأنها أتت عقب الخريف المبشر والناس مطمئنة بوفرة الإنتاجية، وليس هنالك خوف على المحاصيل أو الثروة الحيوانية وستنتعش الصادرات وتكون هنالك كفاية في الغذاء، كما أن الميزانية خلت من الضرائب، وبالمقابل هنالك زيادة في القيمة المضافة التي جاءت ضمن البرنامج الخماسي الذي يهدف للإصلاح الاقتصادي والهادف لتعظيم الإنتاج وزيادة الإنتاجية بزيادة القيمة المضافة، لأن منتجاتنا يجب أن تصدر مصنعة.. أيضاً الميزانية استمرت في الدعم الاجتماعي وأعطت أهمية كبيرة لدعم الفقراء بالتمويل والدعم المباشر ورصدت مبالغ جيدة بزيادة المبلغ المرصود العام السابق.. كما أن هنالك توقعات بانخفاض معدلات التضخم لـ(25%)، بالإضافة إلى أن مناقشة السمات أولت أهمية لخفض نسب البطالة بمحاولة تشجيع القطاعات الخاصة وبتوفير التمويل والضمانات اللازمة لهذا القطاع لمحاربة البطالة وتخفيضها إلى أقل من (13%)، أيضاً توفير التمويل والضمانات للقطاعات الإنتاجية والزراعية والحيوانية، أعطينا أهمية أكبر لمناقشة تمويل (الصمغ) بزيادة التمويل لتوطين زراعته.
{ كثر الجدل بشأن تقليل الإنفاق الحكومي.. هل ناقش البرلمان المنصرفات الحكومية ومحاولة التقليل منها في الموازنة؟
– لم تعطى مسألة الإنفاق الحكومي الأهمية فقط وإنما حتى في الدستور لأن هنالك تعديلاً في مسألة تعيين الولاة من قبل رئيس الجمهورية، وتجرى الآن مراجعات واسعة لتقليص الهيكل الدستوري على مستوى الحكم المركزي.
{ تُفرد للأمن كل عام ميزانية ضخمة.. كيف يقرأ البرلمان مسألة ميزانية الأمن خاصة وأن الدولة توعدت بتطبيق حاسم؟
– أعتقد أن الأمن شيء أساسي لأننا إذا لم نجد الأمن لن نجد التنمية، والأمن أولاً وثانياً وثالثاً وبعد ذلك يأتي الباقي، ونحن وجدنا إشكالات حقيقية في السمات الخاصة لأن الجنود أبناءنا الذين نحملهم أرواحنا والدفاع عن أرضنا وعرضنا.. لذلك وجدنا لابد من زيادة مرتباتهم وزيادة مرتبات القوات المسلحة والأجهزة الأمنية الأخرى، فعدلنا في مسألة زيادة رواتبهم وزيادة ميزانية لتدريبهم حتى نرفع من معنوياتهم، والزيادة أعتبرها مهمة لهم (لازم تشبع الحلوب حتى تعطيك اللبن)، وبهذا التوجيه نتوقع أن تحسم قواتنا الأعداء وسيكون صيفاً حاسماً.
{ الميزانية جاءت خالية من مسألة تعديل الأجور للعاملين.. هل نظرتم في مسألة تعديل أجور العاملين بالدولة؟
– نعترف أن هنالك ضعفاً في أجور العاملين ومحتاجين إلى زيادة في الأجور، لكن في هذه الفترة أولينا الاهتمام فقط للجانب الأمني.
{ انخفض العجز في الموازنة عن العام السابق.. هل دخلت إيرادات جديدة في موازنة العام 2015؟
– نعم هنالك إيرادات جديدة دخلت بالموازنة، ووجدنا أن هنالك كثيراً من الأعمال ليست بها مساهمات من الممولين، لذلك سعينا إلى وضع الاعتبار لتوجيه حملة كبيرة لتقليل التهريب الضريبي وتعظيم القاعدة الضريبية بتوسيع المظلة الضريبية رأسياً لابد من مساهمة المواطنين لدفع الضريبة، أيضاً ظهور مسألة انخفاض البترول عالمياً وفرت كثيراً من المنصرفات التي كانت تذهب لاستيراد الوقود.
{ هل واجهتكم أية صعوبات في تعديل وإجازة بعض السمات؟
– أعتقد أن الأولويات والطموحات كبيرة جداً والميزانية محددة لتلبي منصرفات الولايات والتنمية والطرق كلها تحتاج إلى الدعم، والموارد محددة لذلك رصدنا هذه المشاريع بالميزانية قد تصطدم بالواقع لاحقاً، ولكن تم تضمينها في الموازنة، ولكن أؤكد أن ميزانية العام 2015 ستلبي كل طموحات الشعب السوداني.
{ أُجيز تعديل بعض نصوص قانون مشروع الجزيرة 2005 بين مؤيد ومعارض للتعديل.. تعليقك؟
– القانون تم تعديله بالإجماع من كل النواب بالمجلس الوطني، والاعتراض قد يكون من خارج المجلس، لأن النواب اطلعوا على التعديلات الموضحة بنصوص القانون وتمت مناقشته باستفاضة في الاجتماعات المشتركة لكل أصحاب المصلحة والشركاء من الاتحادات، مجلس إدارة المشروع، المجلس التشريعي والوطني وحتى اللجان التي تم تكليفها سابقاً من رئاسة الجمهورية لدراسة المشروع لجنة عبد الله عبد السلام، لجنة تاج السر مصطفى، وكانت نتيجة هذه اللقاءات التي عقدت على (19) جلسة أوصت بهذه التعديلات في نسختها النهائية، لذلك لم نجد أية معارضة للتعديل.. وأعتقد أن هنالك جهة تجاهر بمعارضة التعديل وهو رئيس اتحاد مزارعي السودان وليس رئيس اتحاد مزارعي الجزيرة.
{ ولكن هنالك مزارعين نادوا بتغيير القانون؟
– صحيح أن هنالك كثيرين نادوا بالتغيير لكن لظروف المشروع وتدهور أوضاعه سعينا إلى تعديل القانون بدلاً من تغييره حتى يتم إصلاحه وإعادته إلى سيرته الأولى، ولم نشجع جانب الإلغاء لأن هنالك إمكانية للإصلاح.
{ ما هي النصوص التي عُدلت؟
– عدلت (11) مادة من جملة (43) مادة وهي ما تعادل (25%) من المشروع أهمها نص روابط مستخدمي المياه لأن قانون أصحاب الإنتاج الزراعي ألغى هذه المادة.. وباطلاعنا على الروابط بالمشروع وجدنا أن هذه الروابط لم توفر لها الإمكانيات أو التدريب اللازم ولم تستطع القيام بدورها المنوط بها حيث تم تشكيل حوالي (400) رابطة من جملة (1,700) رابطة منصوص عليها، حتى أن الـ(400) رابطة لم تنشط منها سوى مائة رابطة تم تفعيلها وبقيت (1,600) رابطة أعمالها معلقة بإدارة الري، وتقوم بها إدارة المشروع، لذلك وباطلاعنا على الطاقة المائية لري المشروع وجدنا أن المشروع يستهلك معدل (6) مليار متر مكعب في الوقت الذي يفترض فيه أن يستهلك حوالي (4,5) مليار متر مكعب لسوء إدارة المياه.. وهذا يعني أن ذلك خصماً على المياه المخصصة للسودان ككل، وأن المشروع يهدر ما يعادل (80%) من المياه المخصصة للسودان، وبالتالي كان لابد من الانتباه لمسألة حسن إدارة المياه، حتى أننا لاحظنا أن الإيرادات المطلوبة من هذه المياه لم تورد بالصورة المطلوبة، لذلك قيمنا الأمور وأرجعنا إدارتها لإدارة المشروع.. وأنشأنا بجانبها إدارة للموارد المائية من وزارة الزراعة والري يشرف عليها مهندسون أكفاء خاصة وأن الحفر العشوائي للترع أحدث تعميقاً بها وأصبحت الأرض لا تروى إلا بـ(الوابورات) على الرغم من أن المشروع مصمم ليروى انسيابياً.
{ وقف المزارعون عند المادة الخاصة بقضية الأرض وإيجارها للمزارعين مما يعرضهم للتشرد إذا نزع مالك الأرض أرضه من المزارع؟
– أعتقد أن القانون السابق كان يتحدث عن أن الأرض تنزع من الملك الحر وتملك للمزارعين لمدة (90) سنة مقابل مال معين، وحجتهم كانت حتى يستطيع المزارع ذلك لابد من أن يرهن هذه الأرض ليحصل على التمويل اللازم.. لكن الخطـأ الأكبر في أن تنزع الأرض من المالكين وهذا يعتبر تعدياً في الحريات الأساسية ومخالفة للدستور ومخالفة للشرعية، لأنه لا يمكن أن تنزع أرضاً إلا برضاء أهلها، حتى أن المزارعين لا يستطيعون أن يدفعوا حوالي (40-50) مليون ليمتلكوا هذه الأرض، لذلك نحن طالبنا أن تبقى الأراضي كما هي وأن يدفع المزارع إيجارات يتفق عليها بين الملاك وإدارة المشروع والمزارعين أنفسهم، يعني شجعنا المزارع في حواشته والمالك في أرضه حسب الدستور.
{ لكن المزارعين تخوفوا من تعرضهم لنزع الأراضي بحق هذا القانون.. ويفضل المالك المستثمرين الآخرين؟
– نحن بهذا التعديل للقانون فتحنا الباب واسعاً أمام الاستثمار بالمشروع، ولكن هذا لا يعني أن ننزع ملاك الأراضي أراضيهم من المزارعين وإعطائها للمستثمرين لأن الغاية في الشراكة شراكة المستثمر مع المزارع، أعطينا حرية كاملة للمزارع في الإنتاج وفقاً للمحددات التي تحددها البحوث وإدارة المشروع على أن يشرف على العملية الفلاحية الأبحاث الزراعية بتحديد نوع المحصول الذي يزرع حتى لا تحدث فوضى في الزراعة.. وهنالك كثير من الاتحادات لديهم استثماراتهم وبعضها ممول حتى من قبل الحكومة وما في زول قال إن بهذا العمل شبهة فساد بل (مجرد تجارة عادية).
{ هناك من يرى أن تعديل هذه المادة أظهر خضوعاً وتمكيناً لسياسات البنك الدولي الذي حاول تطبيقها سابقاً بالمشروع؟
– لا أعتبره خضوعاً أو مكسباً للبنك الدولي بقدر ما هو مكسب للمزارعين، وقد تكون للبنك الدولي سياساته العامة تجاه المشروع، لكن نحن نظرنا فقط للمزارعين.
{ ألا ترى أن فكرة خصخصة المشروع هندسة أجنبية وليست صناعة سودانية خالصة؟
– نحن فقط ثبتنا للملاك حقهم وللمزارعين حقهم، أما الاستثمار فيكون مدخله عبر الشراكات وليس بنزع الأراضي من المزارعين لأن الشراكات تحقق الإنتاجية وتجعل المزارع يستفيد، القانون المعدل يكفل للمزارعين حق الحواشات، بينما القانون في نسخته القديمة كان يمكن أن يعول للمالك نزع الملكية إذا لم يدفع المزارع.
{ هل قمتم باستشارة المزارعين قبل إجازة التعديل؟
– نعم استشرنا كل المزارعين والاتحادات.
{ هل وجدتم أي اعتراض على النصوص المراد تعديلها؟
– لم نجد أي اعتراض على التعديل، لكن فقط اعترض رئيس اتحاد مزارعي السودان، فقلنا له أي المزارعين المعترضين على التعديل، فقال لنا القانون (لا يتحمل ولا شولة أخرى)، ولا أدري أن هنالك قانوناً لا يتحمل التعديل.
{ ألا ترى أن القانون جرى تعديله بسرعة وفي وقت وجيز ولم يعط حق النقاش المستفيض؟
– أعتقد أن هذا القانون من أكثر القوانين التي وجدت فرصة في النقاش، لأن اللجنة تكونت يوم 8 سبتمبر 2014م والقانون تمت إجازته يوم 8 ديسمبر يعني (3) شهور من التداول، وبالتالي التعديل جاء بعد تمحيص ونقاش.
{ أثارت مادة رعاية رئيس الجمهورية للمشروع بنفسه جدلاً.. تعليقك؟
– الناس قالوا كيف يكون رئيس الجمهورية راعٍ للمشروع ورئيس الجمهورية راعٍ للشعب السوداني كله، فلماذا لا يرعى مشروعاً مثل الجزيرة وهو مالك للمشروع بحقه في رئاسة الدولة؟ وعنده (سد الرصيرص) أليس من حق الحكومة والترعة الرئيسية والفرعية و(60%) من الأراضي والمباني بالمشروع ملك للحكومة، ووجدنا أن يكون هنالك راعٍ للمشروع ووجدنا أن الرئيس أنسب شخص لرعاية المشروع ويعطي المشروع قوة وليس خصماً عليه، وأعطى الحق بتعيين رئيس مجلس الإدارة والمحافظ، حتى أن المدير الذي تم نزع صلاحيته رفعناه إلى مرتبة المحافظ ورجعنا له القوة والسلطة بالتشاور مع التنظيمات، لذلك فإن هيكلة المشروع هي أهم خطوة الآن.
{ ماذا بشأن إلغاء الاتحادات التي تم إلغاؤها منذ 2011م ولم ينفذ أمر الإلغاء؟
– كان الاتحاد قد قدم مقترح الإلغاء وتكوين تنظيمات المزارعين ونحن قبلنا بالمقترح، لكن قانون الإلغاء 2011 أدخل بند (تبقى لحين تكوين التنظيمات) وهذا أحدث خللاً بتغيير القانون واعتبره معيباً له، لذلك رأينا عدم بقاء الروابط والتنظيمات بل يجب أن تذهب بنص القانون، على أن يتم تشكيل التنظيمات بالسرعة القصوى وتسلم لوزارة العدل.. وفقاً للصلاحيات المخولة له حتى أن وزير العدل فوض وكلاء النيابات بالولايات لتشكيل هذه التنظيمات، والآن هنالك ولايات كونت هذه التنظيمات، لذلك الاتحادات الآن لا تملك سلطات تنفيذية.
{ هنالك من اتهم هذه الاتحادات بأنها جسم للحكومة وأنها بعيدة عن قضايا المزارعين.. ويصرحون بلسان الحكومة؟
– أعتقد أنها تعمل لحسابها وبلسانها وليس بلسان الحكومة والمزارعين والحكومة لها أجهزتها، وإذا كان هنالك شخص من أحد الاتحادات تقمص هذه الشخصية يكون (مجنون وما نصيح).
{ ولكن ألا تعتقد أن هذه الاتحادات بعيدة فعلياً عن قضايا المزارعين؟
– والله طالما أن المزارعين عايزين التنظيمات لازم يسعوا في هذا المجال.. وأرى أن هنالك مقاومة من الاتحادات لأن الاتحادات عايزة تستمر، وحسب القانون 2011 المفترض يلغي التنظيم وسيبدأ التنفيذ فوراً عقب توقيع رئيس الجمهورية على القانون المعدل وسيتم إلغاء جميع الاتحادات، ونحن كمجلس انتهينا من دورنا.
{ هل تعتقد أن التعديل سيعيد للمشروع سيرته الأولى؟
– بل نهضته والقضية لا أعتبرها في القانون فقط وإنما بتعاضد الناس وإرادة أهل الجزيرة وانخراطهم في أهدافهم، ونحن وضعنا القاطرة في الطريق ونتوقع استثمارات كبيرة وفرص عمل جيدة للشباب مستقبلاً.