من وحي الأخبار

معاهد الأوانطة

طالعت إعلاناً لإدارة اسمها التدريب وأظنها تتبع لأحد الوزارات الحكومية، الإعلان يدعو نحو خمسين مركزاً ومعهداً لتوفيق أوضاعها وإلا فإن السلطات ستسحب تراخيص تلك الجهات المنذرة بالإيقاف، وحمدت الله أن الدعوة لم تشتمل على تحذيرات بإغلاق تلك الجهات بالطبلة كما تفعل بعض المحليات مع التجار وأصحاب الدكاكين ! وإن كنت أعتقد أن مثل تلك المخالفات تحتاج لحسم حكومي وسلطوي شديد، وإلا فإن شهادات تلك المعاهد والدور ستكون حتماً شهادات مضروبة إذ لا يعقل أن تكون مكاناً يرفع برامج التأهيل ثم في الوقت نفسه تكون هي جهات غير مستوفية لاشتراطات الترخيص.
قائمة الإنذار المنشورة بالصحف اليومية شملت أكثر من خمسين معهداً ومركزاً تزعم أغلبها أنها أتت لتنمية البشر وأنها تمنح براءات التدريب وصكوك البراءة المهنية وقد حملت مسميات سودانية وعربية وأفريقية وأسماء طويلة عابرة للحدود رغم أن أغلبها في مقار بائسة بالسوق العربي والمحطة الوسطى بحري مع مواقع متناثرة على الانترنت وكثير ملصقات شوهت الجدران ووجه المدينة.
تلك المراكز تكاثرت مما يوجد استفهامات حول مناهجها وهل تعتمد معايير علمية مبرئة للذمة أم أنها تعتمد فقط أساليب المدرسين الفصحاء وأنشوطة أن الشهادة معترف بها وتوثق عند إدارة التوثيقات بوزارة الخارجية ، وذلك أن مناهج التنمية البشرية تتطلب معايير دقيقة لتنجز واجبها في إخراج مؤهلين حقيقيين وليس مجرد فصحاء منابر وفوق هذا وقبله هل للدولة جهة معينة في وزارة التعليم العالي أو وزارة تنمية الموارد البشرية لها حجية إشراف ومسؤولية ولاية أم أن الأمر محض صكوك إجازة تمنح بناء على تصاريح موظفين على الأوراق المقدمة ليخرج بعدها المركز والمعهد لممارسة نشاطه ولا تتذكره السلطات إلا في نهاية العام المالي لتخرج إعلاناً بقوائم المخالفين والمخالفة قد تكون هنا التأخر في دفع رسوم التجديد والتصديقات؟
الأمر يجب أن يثير الإزعاج وقد لاحظت أن تلك الدور تكاثف نشاطها وصار لبعضها نداء متكرر عن دورات خارجية بعضها مدته خمس أيام في عواصم بالجوار والأمر بهذا لا يعدو أن يكون محض سياحة وطق حنك فارغ يعود بعده أحدهم ليعلن أنه مدرب عالمي وهكذا تتسع دائرة الوهم وتتمدد في فراغ عدم التجويد والبناء المؤسسي وفي ظل غياب تام للمؤسسات المعنية بالأمر من جانب الحكومة مسؤولية واختصاصاً.
إن هذا الإعلان الذي ناشد خمسين جهة لتوفيق أوضاعها يجب ألا يكتفي بالتحصيل المالي إنما يجب أن يتطور ليكون بداية لتصحيح شامل وكامل لنحصل علي معاهد حقيقية ومراكز تنمية بشرية ذات اثر وفائدة وبغير هذا فإنه لا فائدة من التنويه و(شيل الحال) لأنه طالما أنك تعهدت بالمهمة كرسالة واستثمار فليكن الأمر قائماً على قاعدة صحيحة أو ليُلغَ والفارغة يملاها رب العالمين.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية